118 :عدد المقالاتالاربعاء27.1.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

52 - بانتظار المسيح ضد الدولة: هكذا يؤدي الأصوليون دورهم التاريخي في إسرائيل(بقلم: ب. ميخائيل/القدس/نقلا عن هآرتس)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí


علينا ألا نغضب من الطائفة الأصولية. فهم بالإجمال يؤدون، بوعي أو بدون وعي، دورهم التاريخي وهو إفشال أي محاولة يهودية لتأسيس كيان رسمي. لقد ألقيت عليهم هذه المهمة بعد نهاية مريرة من محاولات كثيرة لتشكيل دولة يهودية: مملكة إسرائيل ومملكة يهودا اللتان انهارتا. مملكة الحشمونئيم الفاشلة، الثورة ضد الرومان وتدمير القدس، وبالطبع الكارثة التي ألحقها باركوخبا والحاخام عكيفا بيهود البلاد. هذه الكوارث جميعها جاءت من خلال محاولات تأسيس دولة يهودية، وكلها انهارت بنفس الطريقة: جنون ديني، ثمل القوة الزائدة، فساد عميق في الأخلاق وتفشي الفساد، وبعد ذلك التفكك، ثم الخراب. يبدو أنها اللحظة التي قرر فيها الحاخامات المتوفون القول كفى، هذا يكفي! لقد فهمنا: اليهودية والدولة لا تسيران معاً. يجب ألا يحدث هذا مرة أخرى. كما أدركوا جيداً أيضاً ما يجب فعله لمنع تكرار هذه النكبات: منعها بواسطة فتوى. وهذا ما فعلوه، لقد نقلوا الدولة والقومية إلى السلطة الحصرية للمسيح. وقرروا بأنه الوحيد المسموح له أن يبني لنا وطناً، وينشئ هيكلاً يؤسس دولة. وإلى حين قدوم المسيح، نأمل أن يعيش الشعب المختار فقط في ظل إمبراطوريات أجنبية، في الشتات، وفي أرض إسرائيل أيضاً ولكن تحت حكم أجنبي متنور.
هكذا كان الأمر خلال ألفي سنة وأكثر. كانت هناك سنوات جيدة وأخرى سيئة. كان هناك نمو كما كان هناك تراجع. كان هناك سعادة وكان هناك موت وألم وثكل. ولكن لم يكن فيها دمار اقترب من كاحل كارثة باركوخبا. واليهود، مع الإعفاء من السيطرة على الدولة، كرسوا معظم جهودهم للتنمية وتطوير الفكر والثقافة والإبداع وغرس الفضائل الصحيحة. كان يبدو أنهم عثروا على الصيغة الكاملة: شعب متحرر من القومية ولا يحتاج من أجل وجوده واستمراره إلا إلى خزانة كتب وروح دعابة. عندها حلت الكارثة وحطمت الرقم القياسي النازف لباركوخبا. لم يكن أمام من بقي من اللاجئين خيار سوى العودة إلى تجربة الخيار الوطني. وفوراً استيقظت اليهودية الأصولية واستعدت للعودة إلى القيام بدورها التاريخي: وضع حد للافتراء وتفكيكه بالطريقة المجربة والمختبرة، جنون ديني، ثمل السلطة، إفساد عميق للمعايير، ومن ثم انحلال مستشر وتفكك. هكذا وصلنا إلى هذا الحد. الجنون الديني منح الاحترام للعنصرية والتعالي والكراهية والشر. هذه المشاعر المتحررة جلبت للعالم الأصولي القومي. اكتمل التعايش بين الأصوليين والأصوليين القوميين. وتلفّ أصابعهم أثداء الخزينة العامة وتحلبها حتى القطرة الأخيرة. خيط سميك يربط الشباب العنيف في “بني براك” مع “شبيبة التلال” الإجرامية. ينتخبون المحتالين والأشرار والكذابين، والكل جاهز بالفعل ومستعد للنهاية.
ربما فازوا، ربما لم يعد هناك مناص من ترك الوطن المحتضر والعودة إلى منفى الآباء، وانتظار قدوم المسيح، وأن نشحن البطاريات التي فرغت بوجبات جديدة من الفكر والثقافة والإبداع والفضائل. ربما سنكون أكثر تبصراً بعد ألفي عام كي نجرب مرة أخرى. وربما سيزداد العالم تبصراً ويتخلص من الغرور القومي. أو ربما يأتي المسيح في هذه الأثناء ويبني هيكلاً ويؤسس مملكة، ثم يدعون إلى الانضمام إليه في أثناء رش دماء البهائم على المذبح. “شكراً، سنرد عليه بأدب، “لكن أولاً وقبل كل شيء، نريد رؤية كيف ستتدبر أمورك مع الأصوليين”.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article