118 :عدد المقالاتالاربعاء27.1.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

97 - فيسبوك أذكى من غوغل: نرعى الصحف ولا نسرق أخبار الوكالات ونهدّد(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí


أطلقت فيسبوك الثلاثاء في بريطانيا خدمتها الإخبارية “فيسبوك نيوز” التي تبث مقالات صحافية خاصة مقابل عائدات مالية للناشرين، في موقف يشير إلى اعتماد شركة الإنترنت العملاقة موقفا أكثر مسؤولية تجاه الصحف ووسائل الإعلام التقليدية، مقارنة بتعنّت غوغل وتنصّلها من المسؤولية وتهديدها بإجراءات تضر الصحافة عند مطالبتها بالدفع مقابل المحتوى. وتمنح الخدمة الجديدة دفعة قوية تقدر بالملايين من الدولارات لكبار الناشرين، في وقت يواجهون فيه مشهدا اقتصاديا قاتما، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى أن النسبة الكبيرة من سوق الإعلانات تخضع الآن لسيطرة الشبكة الاجتماعية. وقالت فيسبوك إن الاستثمار يهدف إلى “دعم الصناعة في بناء نماذج أعمال مستدامة”.
وأصبحت بريطانيا ثاني بلد في العالم تنشر فيه فيسبوك هذه الخدمة التي أطلقتها نهاية 2019 في الولايات المتحدة، مع الرغبة في دعم الصحافة وإزالة السمعة التي تلاحقها بالتلكؤ في مكافحة الأخبار الكاذبة، لكنّ وسائل إعلام أخرى في العالم تحتاج إلى خطوة مماثلة ودعم منتوجها الصحافي للبقاء على قيد الحياة. ويرى الناشرون أنه عندما ينشر محرك بحث أو ناقل للأنباء حرفيّا منتج صحيفة أو وكالة، فمن الطبيعي أن يدفع مقابلا ماليا لوسائل الإعلام حتى إنْ كان ما نشر مقطعا قصيرا، فالصحافة الجيدة كلفتها مرتفعة، وأحيانا يدفع الصحافيون حياتهم أثناء تغطية أحداث تتناقلها منصات شركات الإنترنت العملاقة دون أن تقدم أي شيء في المقابل. ويجادل صحافيون بأن استمرار الوضع كما هو عليه الآن، ستكون له تبعات سلبية جدا على الاستثمارات، التي يوظفها الناشرون ووكالات الأنباء لتقديم هذه المعلومات إلى الجمهور، وستنتهي بخسارة، وقد يؤدي ذلك إلى التخلي عن التغطية لمصلحة الذين ينشرون أخبارا كاذبة.
وقال مدير الشراكات الأوروبية لدى فيسبوك يسبر دوب في بيان للشبكة إن “فيسبوك نيوز تشكل استثمارا على امتداد سنوات عدة، سيتيح الصحافة الحقيقية لجماهير جديدة، مع تقديم المزيد من الفرص للناشرين على صعيد الإعلانات والاشتراكات”. وسيتلقّى الناشرون الصحافيون إيرادات مالية على المضامين غير المتوافرة قبلا على المنصة. ومن بين وسائل الإعلام البريطانية التي وافقت على عرض فيسبوك، صحف بارزة بينها “ذي غارديان” و”فايننشال تايمز”، ومجلة “ذي إيكونوميست”، إضافة إلى “ذي ميرور” و“ديلي مايل”، وأيضا مجلة “غلامور” و“فوغ”، فضلا عن قناتي “سكاي نيوز” و“تشانل 4”. وأشار دوب إلى أن فيسبوك نيوز، التي يمكن للقراء تكييف مضامينها بحسب اهتماماتهم، تطمح إلى “تقريب المستخدمين من أحدث القصص التي تؤثر على حياتهم والمجتمع المحيط بهم”. ويأتي هذا الإطلاق في ظل أزمة مستشرية يعيشها قطاع الصحافة، الذي يواجه تدهورا في الإيرادات الإعلانية التي تصب بأكثريتها للمجموعات الرقمية العملاقة، وفي المبيعات في ظل طفرة المضامين الإلكترونية المتاحة مجانا في أكثر الأحيان. وقد فاقمت جائحة كوفيد – 19 هذا الوضعية.
وإن كانت الإجراءات والمبادرات الإيجابية التي اتخذتها فيسبوك، ستساهم بدعم الصحافة الجيدة في دول لطالما مارست حكوماتها ضغوطا على شركات الإنترنت بهذا الشأن، إلا أن السؤال هل ستوسع فيسبوك مبادراتها لتشمل دولا أخرى بما فيها المنطقة العربية، إذ بقيت المطالب بهذا الشأن خجولة ومتواضعة ولم ترق إلى مستوى الضغط، الذي مارسته حكومات غربية على عمالقة الإنترنت لإعطاء الصحافة حقوقها طيلة السنوات الماضية. وباستثناء مصر والمغرب، لم يتم تداول المسألة في دول عربية أخرى. ويرى متابعون أن مصر تمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة فقد احتلت المركز التاسع عالميا، خلال أكتوبر 2019، في عدد مستخدمي موقع فيسبوك بنحو 38 مليون مستخدم، ما يجعل الشبكة الأميركية حريصة على الحفاظ على هذه المكانة في مصر، والإيرادات الإعلانية التي تجنيها منها، لهذا يمكن أن تستجيب لمطالب وسائل الإعلام المحلية وبدعم من الحكومة المصرية، لتقديم دعم مالي مقابل المحتوى الذي ينشر على المنصة.
وفي المغرب اشتكى ناشرون مرارا من استحواذ شركات الإنترنت على الإعلانات، ومن الأزمة التي تسببت بها لوسائل الإعلام المحلية، وطالبوا بأن يتم الضغط على فيسبوك وغوغل بهذا الشأن، لكن المسألة لم يتم النظر بها جديا أو تحويلها إلى أمر واقع. وتبقى فيسبوك، بنظر خبراء الإعلام، أكثر ذكاء في تعاملها مع وسائل الإعلام من غوغل، فهي بهذا الدعم تتجنب إجراءات تصعيدية من قبل الحكومات. وحتى لو كانت غوغل تستغل محرك البحث الأكثر شعبية في العالم لابتزاز المؤسسات الإعلامية والصحف وعدم الرضوخ لمطالبها، إلا أنه بإمكان الحكومات ممارسة ضغوط عبر التشريعات القانونية والإجراءات العقابية، التي لا تقتصر فقط على الغرامات المالية الكبيرة. وعلى العملاق الأميركي عدم الاستهانة بالمنافسين التقنيين في أنحاء العالم، مع التسارع التكنولوجي الهائل القادر على قلب المعادلات الراهنة. وتمارس غوغل حاليا معركة كسر العظام مع أستراليا التي تصر على المضي قدما في “قانون مساومة وسائل الإعلام الإخبارية” المقترح، والذي من شأنه أن يجبر شركات التكنولوجيا على الدخول في مفاوضات، للدفع مقابل المحتوى أو مواجهة تحكيم طرف ثالث إذا لم يتمكنوا من التوصل إلى صفقة، وتهدد غوغل بسحب محرك البحث من أستراليا.
وكانت غوغل قد رضخت أخيرا الأسبوع الماضي، ووافقت على صفقة للدفع لناشري الأخبار مقابل المحتوى عبر الإنترنت في فرنسا، وهي أول صفقة من نوعها في القارة. لكن فيسبوك أخذت المبادرة في المملكة المتحدة، حيث لا يسري قانون الاتحاد الأوروبي لحقوق الطبع والنشر، وهي كما تقول “بداية لسلسلة من الاستثمارات الدولية في الأخبار، التي تضع الصحافة الأصلية أمام الجماهير الجديدة، بالإضافة إلى تزويد الناشرين بالمزيد من الإعلانات وفرص الاشتراك لبناء أعمال مستدامة للمستقبل”. ويختار محررو الأخبار المتعاقدون الذين يعملون على شريط الأخبار في المنصة تحت إشراف فريق من إدارة فيسبوك، القصص الإخبارية التي تظهر يوميا، بينما ستظهر أيضا قصص أخرى يتم اختيارها خوارزميا وفقا لاهتمامات المستخدم. وقالت فيسبوك إن المنتج سيوفر “ملخصات إخبارية” منسقة تغطي أهم التقارير عن قصص اليوم، مع إعطاء مثال عن مجموعة من القصص المتعلقة بفايروس كورونا لتتزامن مع الإطلاق. وعلى الرغم من أن بعض الناشرين قد وقعوا صفقات من سبعة أرقام، فإن البعض الآخر لا يحصلون على أجر مقدما، وسيعتمدون على زيادة حركة الإحالة أو مشاهدات الإعلانات على تنسيق المقالات الفورية على فيسبوك. وتأمل فيسبوك أيضا من خلال تقديم الأخبار في موجز منفصل، أن تعزز سمعتها كمنصة مسؤولة في عصر المصادر غير الموثوقة. يشار إلى أن بعض الناشرين رفضوا الاتفاق مع فيسوك مثل News UK – التي تنشر صحف التايمز وصنداي تايمز والصن، وهي لديها بالفعل صفقة مع “آبل نيوز”، وهي خدمة إخبارية مدفوعة الآجر أطلقتها شركة آبل في أواخر مارس عام 2019 ، وتضم عددا من الصحف ووسائل الإعلام الكبرى.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article