54 :عدد المقالاتالاثنين30.1.2023
 
 

 

الصحافة العربية :

24 - أحداث فِلسطين وسُؤال المرحلة الإخواني في الأردن: أين نتموقع في ظِل تسارع الأحداث(راي اليوم)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

يبدو التيار الإسلامي الأردني وفي إطار مُقاربته الخاصّة بالبحث عن تموقع سياسي في مواجهة تداعيات القضية الفلسطينية الحسّاسة وانعكاساتها على الوضع الداخلي الأردني في حالة حيرة وتساؤل وتردّد بين عدّة محطّات حول أفضل السّبل التي يمكن الجلوس بقربها في مواجهة التداعيات غربي نهر الأردن. وهُنا على الأرجح عقدت مشاورات وأجريت مباحثات على مستوى المؤسسات التابعة لجماعة الاخوان المسلمين والحركة الإسلامية وحزب جبهة العمل الاسلامي خصوصا بعد ظهور شكل أو نمط من أنماط التسرّع في دعم الموقف الرسمي إثر التصريحات التي صدرت عن عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني في حديث شهير لمحطة “سي إن إن”، والتي لا يمكن المزاودة وطنيا عليها خصوصا مع الحديث عن الخطوط الحمراء الاردنية وعن دعم حقوق الشعب الفلسطيني.
وبعد تلك التصريحات لجأ التيار الإسلامي الأردني إلى إصدار مواقف وبيانات مثله مثل غيره من التيارات تحاول تدعيم الموقف الرسمي الأردني والبقاء بالقرب منه لا بل وتمتدحه. وكل ذلك استمر عمليا إلى أن ظهر بنيامين نتنياهو في لعبته الحراكية المُضلّلة في عمان العاصمة وشكل استقباله رسميا وإقامة نوع من المشاورات معه على اهميتها بالنسبة للمقاييس والمواصفات الأردنية السياسية صدمة حقيقية لجميع الأطراف. وفي تداعيات زيارة نتنياهو حصلت أو رصدت صدمة حقيقية داخل أوساط النخب المُعارضة في التيار الإسلامي. وتسبّبت تلك الزيارة بمراجعة حالة التموقع وحالة الجلوس وإجراء قراءة مستجدة في الموقف أملًا في الحصول على إجابات على أسئلة عالقة. ومن المرجح أن الحيرة التي يمكن ان يجلس في منطقتها اي تيار معارض في الأردن تساهم فيه تبديد الصورة وتشتيت الهدف وتحرم الأردنيين ايضا ومن المرات النادرة من إمكانية تاسيس مساحة ومسافة مشتركة ما بين الموقفين الرسمي والشعبي كما حصل في مسألة التحرّز على الثوابت الأردنية في مدينة القدس.
وهُنا حصريا برزت مفارقات وجدالات وسجالات لأن العديد من البيانات الرسمية سواء عن الأحزاب المعارضة أو حتى البيان الذي وقع عليه 219 مثقفا وسياسيا وطنيا في دعم الموقف الرسمي والتأكيد عليه وتشجيعه على المُضي قدما بالانعزال عن تداعيات صفقة القرن وعن السيناريوهات التي ترسم في المنطقة أو الانخراط فيها مع مسارات التكيف كان من العلامات الفارقة.
وكل ذلك يبدو أنه تأثّر الآن بزيارة نتنياهو التي يتم التعامل معها وسط نخب المعارضة باعتبارها زيارة في عمق السقوط الرسمي في مسالة التكيف وبصرف النظر عن مسارات التكيّف وإنتاجيّاتها إلا أن الزيارة بالمقياس الرسمي حقّقت أغراضها خصوصا وأن الطرف الأردني هو الذي حصل على التزام من الطرف الإسرائيلي بتلك الزيارة وبناء على الثوابت الأردنية المُعلنة وليس العكس أما مسالة مقدار التزام نتنياهو وقدرته على الالتزام الحقيقي فأي مشكلة إسرائيلية بمُواصفات الموقف الرسمي الأردني. القراءة المُعارضة للمشهد والتي وجدت بأنها تستطيع توفير مساحة لمبادرة مشتركة مع الموقف الرسمي تختلف عن القراءة الرسمية فزيارة نتنياهو حققت اختراقا لصالحه إلى عمان برأي الكثير من المعارضين. وتلك الزيارة صدمت الجميع ونتائجها بكل حال لم تكن بمقدار ما يخطط له الموقف الرسمي خصوصا بعد تصريحات إيتمار بن غفير إثر تلك الزيارة وبعد اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمصلى المرواني في المسجد القدس بصورة تعتدي مجددا على الوصاية الاردنية.
وما يُحاجج به الإسلاميون وغيرهم هنا أن الموقف الرسمي بعد استقبال نتنياهو بدا أقرب الى مسار التكيف حتى على حساب الثوابت الأردنية المعلنة. وهو ملف حساس وهو يتدحرج الان في نقاشات الأردنيين فيما بينهم بعد ما تبيّن بأن زيارة نتنياهو أدّت إلى توهان البوصلة عمليا وأرسلت رسائل متعاكسة في مسالة الموقف الرسمي الأردني جزء منها يتمسك بالثوابت وهو القادر على استقطاب الشارع الأردني والخطابات والبيانات الشعبوية والحزبية وجزء منها يتعلّق بالتكيّف حتى على حساب تلك الثوابت تمهيدا لنشاطات مُرتبطة بمشروع السلام الاقتصادي الاقليمي مثل النقب 2. وهو الجُزء الذي يُقلق حُلفاء مُفترضين للموقف الرسمي في وسط وعُمق المجتمع الأردني.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article