97 :عدد المقالاتالثلاثاء23.2.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

66 - أقبح من الشيطان في مملكتي: ست خطوات لإصلاح الاعلام اللبناني الفوضوي(وليد رضا/راي اليوم)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí


قيل في الصحافة وعمالها: “الصحافة هي آلة يستحيل كسرها، وستعمل على هدم العالم القديم حتى يتسنى لها أن تنشئ عالماً جديداً” فولتير ‏كاتب وفيلسوف فرنسي. “لو عدت إلى يلدز لوضعت محرري الجرائد كلهم في أتون كبريت” السلطان العثماني عبد الحميد الثاني. “أود أن أكون صاحب معامل الورق والحبر لأحرقهما” بورفيريو دياز رئيس المكسيك “لا أخشى ألف مدفع، وألف جندي، بقدر ما أخشى لسان صحفي أو مقال جريدة” نابليون بونابرت. “أنتم سبب سقوطي” ملك البرتغال مخاطبا الصحفيين حين خلع عن عرشه. لماذا هذه الأقوال من شخصيات أذكرها هنا وكثيرة لم أذكرها، كان لها ما كان من سطوة على العالم وقدرة على العبث بمصير البلاد والعباد. ذلك نظرا لسمو معالي الكلمة وعلو شأن التعبير في مجتمعات تحيا على صفيحها الساخن. فالصحافة وعمالها أصحاب تأثير لا نظير له في صنع الأحداث وعرض الحقائق وكل وسيلة إعلامية بجنودها المعلومين والمجهولين بريد رسائل للوطن وقرائه إلى جانب مسؤولية هؤلاء ببث المحتوى الثقافي والتنويري، وهو الدور الأساس الذي جعلهم بحق يتربعون على عرش السلطة الرابعة.
بيد أن هذا الواقع يجافي هذه الأيام عالم الصحافة في لبنان، المكفول دستوريا وقانونيا. فمقدمة الدستور نصت صراحة على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، كذلك فعلت باقي القوانين التي ترعى وتنظم عمل الإعلام. ولكن نيران الصراع السياسي الحالي التي تشعل البلد بين أطراف الحكم المتعددة ومن يواليهم من مؤسسات إعلامية أو أشخاص ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بصفتهم الشخصية أو المعنوية أحرقت تلك القوانين وضربت بها عرض الحائط. فمن لا يوافق الرأي الزعيم الفلاني والمسؤول العلاني بات خائنا عند البعض أو تابعا لجهة أو دولة ما عند البعض الآخر. وهو ما يهدد العيش المشترك دون أي شك. ما كفلته القوانين ونصت عليه لا يمكن فهمه أو تفسيره وفقا لأهواء ورغبات هذا الطرف أو ذاك، من السياسيين أو المؤسسات الإعلامية اللبنانية أو تلك الأجنبية العاملة على أراضينا. فالمواد 62 و63 و64 و65 من اقتراح قانون الإعلام المعدل واضحة وضوح الشمس وتتضمن أحكاما فيما يتعلق بالتحريض على التمييز العنصري، ونشر الأخبار الكاذبة، والقدح والذم والتشهير، وتلك المخلة بالسلام العام والأمن القومي.
وبما أن أغلب التلفزيونات والإذاعات ولدت من رحم الحرب الأهلية كان لا بد من وجود الهيئة الناظمة للإعلام والمجلس الوطني للإعلام اللذين من المفترض أن يشرفا ويمارسا الرقابة على التلفزة والإذاعات بما لا يتناقض مع مبدأ حرية الاعلام أسوة بجميع الحريات الاساسية التي كفلها الدستور ضمن دائرة القانون، وهو ما ذكرته نصا المادة 47. تنظيم حرية الإعلام المرئي والمسموع في حدود احترام حقوق الطوائف وآسف على هذا التعبير وحقوق الأفراد وحرياتهم الشخصية وفي حدود النظام العام أمر جيد، لكن لماذا تغييب تلك الجهات الناظمة؟؟ هل المقصود أن نبقى نعيش تحت حكم شريعة الغاب؟؟ هل يوجد من يسعده ذلك؟؟ وهل يوجد أيضا من يمول ويعمل على إذكاء النعرات والفتن؟؟ لماذا قد يبدو طرح هذه الأسئلة نوع من الغباء في هذا التوقيت؟؟ الجواب لا يحتاج إلى كثير من العناء في البحث ولا حتى إلى التنجيم. فمن آمرناهم على رقابنا لا يلتفتون إلى معانتا في تأمين رغيفنا وقوتنا اليومي وأموالنا المنهوبة في المصارف. فلكل مسلكه في خراب هذا اللبنان الذي نحب خدمة لمصالح ذاتية أو مصالح أسيادهم الخارجيين. فمن منهم يبالي إن قسم البلد أو بقي شعبه دون مصالحة مجتمعية منذ نهاية الحرب الأهلية متقوقعا خلف أسوار التخلف والجهل الطائفي المقيت.
ولأننا بتنا في عمق الخطر لا بد من وضع استراتيجيات تضع حدا لهذا التفلت الإعلامي المهدد للاستقرار، حتى لو اتهمنا بمحاربة الديمقراطية، وتبدأ: أولا: تقليل عدد وسائل الإعلام الأجنبية العاملة على الأراضي اللبنانية وإلزامها بمعايير وضوابط حفظ الأمن العام اللبناني تحت طائلة منعها من البث. ثانيا: تقليل استضافة تلك المؤسسات للشخصيات اللبنانية عند كل حدث. ثالثا: مراقبة وسائل الإعلام اللبنانية والتهديد بالإقفال الدائم إذا تضمنت برامجها أي تهديد للسلم الأهلي. رابعا: إلغاء مقدمات نشرات الأخبار.
خامسا: إلغاء البرامج الحوارية السياسية لمدة زمنية. سادسا: تفعيل الرقابة على المحتوى الإلكتروني، لا بل حجب مواقع التواصل الاجتماعي لفترة من الزمن. سابعا: مؤتمر وطني برعاية وزارة الإعلام يجمع الصحفيين للاتفاق على آليات جديدة تحدد الإطار العام للعمل الصحفي وتقونن عمل نقابتي الصحافة والمحررين. ثامنا: إعادة صياغة قانون جديد للإعلام وتفعيل دور محكمة المطبوعات والنيابة العامة التمييزية التي هي أولا وأخيرا مرجعا وطنيا لحل القضايا الخلافية. تاسعا: إلغاء وزارة الإعلام وكل من الهيئة الناظمة للإعلام والمجلس الوطني للإعلام إذا فشلوا في تطبيق تلك الشروط. قد تكون هذه المطالب نوعا من الهذيان وقد تعرضني للمساءلة والملاحقة، لكن ما أكتبه لا ينطلق إلا من خشية على هذا الوطن الذي نخسره يوما تلو آخر. وأخيرا لا أقول الا ما قاله نيكولاي الثاني قيصر روسيا: ” جميل أنت أيها القلم، لكنك أقبح من الشيطان في مملكتي”.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article