97 :عدد المقالاتالثلاثاء23.2.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

79 - ما هي أهداف إطلاق قناة تركيّة تستهدف الأتراك في أمريكا على مدار الساعة ولماذا حرص أردوغان شخصيّاً على تهنئتها وسِر توقيت إطلاقها؟(راي اليوم)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí


مع تَراجُع حُريّات الصحافة في تركيا، وتدنّي ترتيب الأخيرة على قائمة ذلك التصنيف دوليّاً، مع فرضها رقابة على منصّات التواصل الاجتماعي، يبدو أنّ العين الرقابيّة والإعلاميّة التركيّة على الأتراك في الخارج أيضاً، حيث هؤلاء المُواطنين بالخارج، قد يتلقّون رسائل إعلاميّة دون ضبط وإيقاع مقص الرقيب التركي، الذي بات يفرض غرامات على مواقع التغريد، والتدوين، لعدم كما يقول استيفاء تلك المواقع الشروط الجديدة التي تسمح لها البقاء على الأراضي التركيّة، بدون مكاتب، ومُمثّلين عنها. قناة “تاسك تي في التركيّة” التلفزيونيّة التابعة للجنة التوجيهيّة الوطنيّة التركيّة- الأمريكيّة، أخذت على عاتقها مسألة إيصال رسائل الداخل التركي إلى الخارج، وأعلنت القناة بالفعل البدء ببثّها “على مدار الساعة”، وهدفها المُعلن كما قالت “تعزير التواصل بين أبناء المجتمع التركي في الولايات المتحدة”.
واللافت في هذه القناة غير أنها تبث باللغة التركيّة، أن مقرّها العام يقع في واشنطن، وهذا يعني أنها تُريد أن تكون بالقُرب من مُواطنيها، وتوجيه رسائلها الخاصّة، والبعيدة عن تأثيرات الإعلام الأمريكي، وإدارة الرئيس جو بايدن، والتي بدأت تُزعِج أنقرة فيما يتعلّق بملف الأكراد ودعمهم، وعدم قُبولها شِراء تركيا لمنظومة “إس 400” الصاروخيّة. وأساساً القناة التركيّة الجديدة، وفي أوّل برنامج خاص لها استضافت الرؤساء المُشاركين للجنة التوجيهيّة التركيّة الأمريكيّة غوناي سوينج، وخليل موطلو، وهُما اللذين تحدّثا عن “أهميّة القناة في دعم وتعزيز العلاقات التركيّة- الأمريكيّة”، وهو ما يشي بالأهميّة التي يُوليها الأتراك عبر الإعلام في توطيد العلاقات بين واشنطن وأنقرة، وفي هذا التوقيت الذي تتراجع فيه العلاقات مُقارنةً بأيّام إدارة دونالد ترامب السابقة.
وبعد أيّام من فوز الرئيس الأمريكي جو بايدن، كانت قد بدأت القناة التركيّة بثّها التجريبي من الولايات المتحدة 16/نوفمبر، وهو ما بدا أنّ توقيت بث القناة كان مدروساً بعناية، ولأسبابٍ سياسيّة تتعدّي مسألة “تعزيز التواصل” بين أبناء المجتمع التركي، والمُعرّض بحُكم تأثير تواجده على الأراضي الأمريكيّة لرسائل الإعلام الأمريكي، والتي تراها الأدبيّات التركيّة سلبيّة، وتُروّج للكيانات المُعادية لتركيا. خليل موطلو، وخلال البرنامج الخاص الأوّل للقناة، صرّح بأن القناة ستُواصل طريقها في مُكافحة أنشطة الإرهاب، مثل منظمة “غولن”، واللوبي الأرمني. ويبدو أنّ إطلاقة القناة، كانت على رأس اهتمامات الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، فالأخير بعث برسالة مرئيّة للتهنئة بانطلاق بثها على مدار الساعة، وبدا أن أردوغان يضع في حُسبانه التأثيرات السلبيّة الخارجيّة على بلاده، فدعا الرئيس المجتمع التركي بالخارج “إلى إبداء ردّة فعل ضدّ جميع الأنشطة والمنشورات التي من شأنها التأثير سلباً في صورة البلاد”. كما أكّد أردوغان، بأنّ الجهات المُعادية لتركيا، تستغل الخلافات لتحقيق أهدافها، وتبذل جهودًا مُكثّفة لتحريض الرأي العام الأمريكي ضده بلاده، وبدا أن الرأي العام الأمريكي يهم كما يُقلق رئيس تركيا، فهو أكّد في رسالته من جهة بأن المجتمع التركي في الولايات المتحدة يتصدّى حتماً لأكاذيب وافتراءات هذه الجهات، ومن جهة أخرى أبدى ثقته بأنّ المجتمع التركي يسعى جاهدًا لكي يفهم المجتمع الأمريكي تركيا بشكلٍ جيّد.
وبحسب أردوغان، فإنّ المجتمع التركي- الأمريكي، يتمتّع بعدد قوي من حيث عدد السكّان 300 ألفاً، وهؤلاء قد يكون لهم تأثيرهم الإيجابي كما السلبي على الداخل التركي كما يرصد مُعلّقون، ومن المهم تركيّاً توجيههم إعلاميّاً. ولا بد من أنّ القناة التركيّة الجديدة، ستُركّز في تغطياتها على تبيان الحقائق حول رجل الدين فتح الله غولن، وهو المُتّهم الرئيس تركيّاً بالمسؤوليّة عن الانقلاب الفاشل صيف العام 2016، وأنقرة تسعى لتسليمه لها، لكن جُهودها باءت بالفشل، وبقي غولن وجماعته الشّغل الشّاغل لنظام الحُكم في تركيا. أمّا بخصوص اهتمام القناة أيضاً في مُكافحة ما تصفها بأنشطة اللوبي الأرمني الإرهابيّة، فمجلس النواب الأمريكي أكتوبر العام 2019، صوّت بأغلبيّة ساحقة لصالح قرار يعترف بأنّ قرار الذبح الجماعي الذي تعرّض له الأرمن بين عاميّ 1915- 1917 هي إبادة جماعيّة، وما يعني تحميل الدولة التركيّة مسؤوليّة تلك المذابح، وهو القرار الذي يترك أثره السلبي على الصورة التركيّة أكثر من تأثيراته القانونيّة غير المُلزمة، وبدليل الاهتمام التركي بمُواجهة “اللوبي الأرمني” في أمريكا. ومن غير المعلوم إذا كانت نداءات الرئيس أردوغان للأتراك في أمريكا ستترك أثرها الفِعلي، وسيعمل هؤلاء كما دعاهم إلى إبداء ردّة فعل ضد جميع الأنشطة المُعادية لصُورة البلاد، فصورة الأخيرة ليست على ما يُرام، فالليرة التركيّة بدأت تفقد قيمتها أمام العملات الأجنبيّة، كما أنّ آخِر استطلاعات الرأي، بدأت تُشير إلى تقدّم لافت في الشعبيّة لصالح حزب الشعب الجمهوري المُعارض، واختيار الناخبين له بدل حزب العدالة والتنمية الحاكم في بعض المُحافظات، وإن كان لا تزال السيطرة لصالح حزب أردوغان، حيث الأخير يسعى لكتابة دستور جديد للبلاد، علّه يُنهي نظام الانتخاب الرئاسي والبرلماني الحالي، ويُحوّله إلى نظام أشبه بنظام الحُكم الروسي والصيني الأبدي.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article