68 :عدد المقالاتالخميس30.3.2023 الموافق 8 رمضان
 
 

 

الصحافة العربية :

28 - البحرين تتطلع إلى اقتفاء طفرة اقتصادات جيرانها(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

- (تنفيذ مشاريع التنمية ودعم جيران المنامة يفتحان آفاقا واعدة أمام أصغر اقتصادات منطقة الخليج - شواهد على الإصلاح والتعافي): تتطلع البحرين إلى مواكبة الزخم الاقتصادي الخليجي بعد أن عكست النتائج الإيجابية إصرار المسؤولين على إخراج بلدهم من أزماته المالية عبر خطط تنويع الموارد لتسريع وتيرة التنمية، والاستفادة من عوائد النفط على قلتها قياسا بجيرانها، رغم الصعوبات التي تعترضها.
المنامة – تشهد البحرين انتعاشا في الحركة الاقتصادية بمليارات الدولارات يقوم على تنفيذ مشاريع ضخمة جديدة، تساهم في وضع البلاد في موقع التنافس مع جيرانها الأثرياء، وفي الوقت ذاته ترسيخ الاستقرار فيها بعد أكثر من عقد من الاضطرابات. ولا يبدو الطريق معبّدا أمام أصغر دول الخليج العربي الواقعة قرب الإمارات الثرية وقطر الغنية بالغاز، فيما يربطها بالسعودية، أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم وصاحبة أكبر اقتصاد عربي، جسر بطول 25 كيلومترا. وتمر البلاد التي تتكوّن من 30 جزيرة بعملية تحديث وإصلاح كبيرة تهدف إلى تنويع إيراداتها، مستفيدة من زخم اقتصادي خليجي كبير على خلفية ارتفاع أسعار النفط وخطط تنويع مصادر الدخل.
وباتت مواقع بناء متعدّدة تنتشر في أرجاء البلد، فيما تطمح البحرين، وهي منتج للنفط من خارج منظمة الدول المصدّرة (أوبك)، إلى تقليل الاعتماد على الخام الذي يوفّر 80 في المئة من إيراداتها ومعظمها من التكرير. وقال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية البحريني خالد حميدان لصحافيين في المنامة هذا الشهر “الخطة واضحة: نريد أن ننمو، ونريد أن ننمو أسرع من العالم”. وحقق الاقتصاد البحريني نموا ملحوظا خلال العام الماضي على أساس سنوي بنسبة 4.9 في المئة بالأسعار الثابتة، وهي الأعلى منذ عام 2013، وبنسبة 12.9 في المئة بالأسعار الجارية. وبحسب التقرير الاقتصادي للبحرين لعام 2022، الذي نشرته وزارة المالية الاثنين الماضي، جاءت هذه النتائج الإيجابية نتيجة نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 6.2 في المئة محققاً أعلى معدل منذ عام 2012.
وبهذه الأرقام يكون القطاع الخاص خارج مجال الطاقة قد سجل نسبة النمو المستهدفة ضمن خطة التعافي الاقتصادي والبالغة خمسة في المئة، فيما تراجع نمو القطاع النفطي بنسبة 1.4 في المئة. وقد تجد البحرين في إعلان استئناف العلاقات بين السعودية وإيران، التي تتّهمها المنامة بإذكاء الاضطرابات فيها، دفعا لجهودها في تحقيق الاستقرار. ويقول الخبير الاقتصادي في شؤون الخليج من مجموعة خليج إيكونوميكس الاستشارية جاستن ألكسندر لوكالة الصحافة الفرنسية “في سيناريو متفائل، سيزداد التقارب السعودي – الإيراني ويخلق بيئة مواتية أكثر للمصالحة السياسية داخل البحرين”. وأضاف “تلك البيئة قد تؤدي بدورها إلى نزع فتيل عدم الاستقرار من العامل الاقتصادي”. وتتمتع البحرين بموروث غني في قطاع التجارة والأعمال يعود إلى عقود مضت حين كان يُنظر إليها على أنّها مركز لصيد اللؤلؤ. غير أنّ مكانتها التاريخية هذه ضعفت في ظل منافسة إقليمية حادة، خصوصا من جانب دبي والدوحة، ولكن أيضا بسبب التحديات الاقتصادية الداخلية منذ انهيار أسعار النفط في 2014.
وفي عام 2018 وافقت دول الخليج الأكثر ثراء على دعم الطموحات الاقتصادية للبحرين من خلال قروض بقيمة عشرة مليارات دولار، ما أدى إلى موجة إعمار جديدة في البلاد. وبالإضافة إلى خطط بناء مراكز للسياحة والرياضة، من بينها مقار للغوص ومدينة ألعاب تحت سطح البحر، أعلنت البحرين عن مبنى ركاب جديد في مطارها الدولي يمكّنه من استيعاب ما يصل إلى 14 مليون مسافر سنويا، أي أكثر من ضعف السعة السابقة. كما قامت بافتتاح أحد أكبر مراكز المؤتمرات في الخليج على أمل استضافة أحداث كبرى. وتقول وزارة المالية إن المشاريع التنموية الكبرى الممولة من قبل برنامج التنمية الخليجي تطورت خلال العام الماضي، حيث أصبح إجمالي قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها حوالي 6.11 مليار دولار، بزيادة قدرها 4.7 في المئة عما كانت عليه في نهاية عام 2021. ويهدف برنامج للتوازن المالي للحكومة إلى تحقيق توازن في الميزانية بحلول 2024، فيما تركّز رؤية البحرين 2030 على تقليل الاعتماد على الموارد المتواضعة من النفط والغاز وتطوير قطاعات جديدة مثل السياحة.
وتطمح الدولة، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة نصفهم تقريبا من الأجانب، إلى رفع مستوى مساهمة السياحة في الناتج المحلي من 7 إلى أكثر من 11 في المئة خلال بضع سنوات. وقال حميدان الذي كان يتحدّث على هامش سباق الجائزة الكبرى السنوي للفورمولا واحد “نحن على ثقة من أنّنا سنواصل السير في هذا الطريق وتحقيق النتائج التي نرغب فيها”. وتتميّز البحرين، وهي دولة بحجم مدينة نيويورك، بنظام ضريبي منخفض نسبيا، حتى مع إقرار ضريبة القيمة المضافة مطلع 2019 أسوة بالسعودية والإمارات، وبنية تحتية حديثة. والبلد الصغير حليف للغرب ومقر للأسطول الخامس للبحرية الأميركية، ويتمتع بموقع إستراتيجي على طول طرق الشحن الرئيسية ما يجعله مركزا لوجستيا مهما في الشرق الأوسط، ولكن يضعه أيضا في قلب النزاعات الإقليمية. ويقول ألكسندر “حاولت البحرين تطوير قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا المالية وغيرها. ومع ذلك، منذ احتجاجات 2011، أصبحت التوترات في المجتمع البحريني مصدر قلق للمستثمرين”.
لكن بعد الاتفاق الذي توسّطت فيه الصين هذا الشهر لإنهاء الخلاف المستمر منذ سبع سنوات بين إيران والسعودية، قالت طهران الأسبوع الماضي إنها ترّحب أيضا باستعادة العلاقات مع البحرين. وفي الوقت ذاته، فإن الإصلاحيين من جيل شاب تلقى تعليما غربيا بقيادة ولي العهد ورئيس الوزراء الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة (54 عاما)، يشقّون طريقهم كقوة تغيير في البلاد. وخلال العام الماضي تحسن تصنيف البلاد بواقع ستة مراتب لتحل في المرتبة 68 عالميا من بين 176 ضمن مؤشر الحرية الاقتصادية 2023 الصادر عن هيريتيغ. كما تقدمت قليلا في التصنيف الصادر عن البنك الدولي حول المرأة وأنشطة الأعمال والقانون، فضلا عن تقدمها بواقع مرتبة واحدة لتحل في المركز 62 عالميا من أصل 167 دولة في مؤشر ليجاتوم للازدهار 2023 الصادر عن معهد ليجاتوم. وفضلا عن ذلك تم إدراج البلد للمرة الأولى في تصنيف المواهب العالمية 2022 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، وجاء في المرتبة 35 عالميا من أصل 63 دولة شملها التصنيف.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article