50 :عدد المقالاتالجمعة7.5.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

46 - هل يستطيع الليبيون تجاوز حقبة حفتر؟(رأي القدس)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí


أكد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، خلال مقابلة تلفزيونية معه، أنه «لا ينسق مع حفتر نهائيا» لا في المنطقة الشرقيّة التي يسيطر عليها الجنرال، ولا في بنغازي، التي كان مفترضا أن يعقد مجلس الوزراء الليبي اجتماعا فيها أواخر الشهر الماضي لكن أنصار حفتر منعوا الوفد من دخولها. تمتلك بنغازي، المدينة الكبرى الثانية في البلاد، محمولا رمزيا كبيرا للسلطة الانتقالية الليبية الناشئة، وحكومتها المعقود عليها الآمال في البدء بإجراء تغيير حقيقي في ليبيا وذلك بعد صد هجوم الجنرال على طرابلس، وما تبعه من استعصاء سياسي ـ عسكري حيث اعتبرت أطراف إقليمية، بينها مصر، وصول تلك القوات إلى سرت، بين طرابلس وبنغازي، وإلى مناطق يتركّز فيها إنتاج النفط وتصديره، خطا أحمر. يمكن اعتبار تصريحات الدبيبة الأخيرة نوعا من ردّ الفعل الذي استجرّه ما قام به أنصار حفتر من منع اجتماع الحكومة في بنغازي، وكذلك تصريحات الجنرال الذي يتصرّف كحكومة بديلة.
آخر تصريحات الجنرال كانت عن بدء «الجيش الوطني الليبي» وهو الاسم الذي يُطلق على قواته، في إنشاء ثلاث مدن سكنية لاستيعاب 12 مليون نسمة، وفي مقدمتهم، كما قال، «أسر شهداء وجرحى الحرب» إضافة إلى تكفله «بمصاريف تعليم أبنائهم». يمكن اعتبار هذه الخطط التي تنوء بحملها دولة بأسرها نوعا من الدعاية الانتخابية، فالجنرال يعلم أن المنظومة الدولية التي أعطت المجلس الرئاسي والحكومة الحاليين شرعيّة مؤقتة بغرض تنفيذ قراري مجلس الأمن 2570 و2571 لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 كانون الأول/ديسمبر من ها العام، وذلك حسب خارطة الطريق التي اعتمدها ملتقى الحوار السياسي الليبي. يتضمّن برنامج الحكومة أيضا «التخطيط لنزع سلاح الميليشيات وإعادة إدماج الجماعات المسلحة وجميع الجهات المسلحة غير الحكومية» وكذلك «إصلاح قطاع الأمن وإنشاء هيكل أمني شامل لكل ليبيا، يكون مسؤولا عن أفعاله ويخضع لسيطرة السلطات المدنية». يدخل في هذا التخطيط توجّه موسى الكوني، نائب رئيس المجلس الرئاسي، أمس الخميس إلى جنوب ليبيا للقاء قيادات عسكرية من أجل توحيد المؤسسة العسكرية، غير أن إشارته إلى أن الجيش لم يتوحد حتى الآن «بسبب وجود أزمة ثقة بين الطرفين».
توصيف الكوني لقضية توحد المؤسسة العسكرية مبسّط كثيرا، فالحقيقة التي يعرفها الليبيون. ما سيحصل عمليا هو أن حفتر سيجرّب لعب ورقة الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وأنه سيستخدم أدوات السيطرة العسكرية التي يملكها على الأرض بحيث تترجم سياسيا بحصّة كبيرة من المجلس النيابي بشكل يساعده على الاستمرار في القبض على شرعيّة سياسية، ويؤهّله أيضا للمنافسة على منصب الرئيس، وإن لم يكن فعلى منصب وزير الدفاع أو قائد الجيش. يحلم حفتر أن يحصل بالسياسة على ما لم يستطع الحصول عليه بالطائرات والمدافع والدبابات لكنّ ذلك، سيتعلّق، إلى درجة كبيرة، بقدرة النخب السياسية والعسكرية الليبية على إقناع المنظومة الدولية أن حقبة حفتر انتهت وأن الليبيين يستحقون أن يعيشوا في بلد لا يحكمه ديكتاتور آخر مثل معمر القذافي.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article