82 :عدد المقالاتالخميس23.5.2019 الموافق 18 رمضان
 
 

 

الصحافة العربية :

3 - هل يبدو الأردن الحلقة الأضعف في خطة ترامب؟..(خيبة أمل الاعتماد على الامارات والسعودية)....(عاموس هرئيل/القدس/نقلا عن هآرتس)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

هل يبدو الأردن الحلقة الأضعف في خطة ترامب؟..(خيبة أمل الاعتماد على الامارات والسعودية)....(عاموس هرئيل/القدس/نقلا عن هآرتس)
أحياناً يحتاج الأمر إلى شخص من الخارج، خريج الجهاز السياسي ـ الأمني كي يقول ما لا تستطيع المؤسسة الإسرائيلية نفسها أن تقوله بصوت عال. مسألة استقرار النظام لدى جارتنا الشرقية، الأردن، هي أمر «من المحرمات» منذ سنوات كثيرة لدى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. لا يتحدثون عن ذلك علناً، ولا حتى في توجيهاتهم لوسائل الإعلام. عندما لا تكون شخصية إسرائيلية رفيعة المستوى حذرة بما يكفي في كلامها مثل قائد المنطقة الوسطى يئير نفيه (الذي عبر عن القلق على مستقبل حكم الملك عبد الله في 2006)، فإن رد العائلة المالكة في عمان يكون شديداً، و اضطرت إسرائيل إلى نفي زلة اللسان بعدد لا يحصى من المراوغات والاعتذارات. د. عوديد عيران كان سفير إسرائيل في الأردن في النصف الثاني من سنوات التسعين، كباحث كبير في معهد بحوث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، هو يعرف جيداً أيضاً التحليل السياسي والاستخباري الآني في إسرائيل فيما يتعلق بوضع العائلة المالكة. في مقال نشر أول أمس في موقع المعهد، يرسم صورة حزينة جداً: «في الفترة الأخيرة تتراكم إشارات مقلقة حول استقرار الأردن». المملكة الهاشمية صمدت خلال سنوات أمام الضغوط التي خلقتها الاضطرابات في العالم العربي حولها، «لكن مؤخراً تصدعت صورة الاستقرار وازدادت الدائل على أن الضغوط والأحداث الجارية في الدولة يمكن أن تؤدي إلى ضعضعة جدية للنظام، التي سيكون لها تأثيرات بعيدة المدى».
في الخلفية، كما أشار هنا تسفي برئيل هذا الأسبوع، تقف صفقة القرن للإدارة الأمريكية. البيت الأبيض أطلق الصفقة، الأحد، بالإعلان عن مؤتمر اقتصادي دولي في نهاية شهر حزيران في البحرين، ستبحث فيه خطط لضخ أموال كبير للفلسطينيين كمرحلة أولى من رزمة سياسية مستقبلية. خلافاً للردود الإيجابية المسبقة بصورة نسبية (والحذرة) من عدد من دول الخليج، فإن لملك الأردن أسباباً تقلقه. أزمة علنية بين السلطة الفلسطينية وإدارة ترامب إزاء معارضة السلطة للرزمة التي تؤيد إسرائيل والتي تبلورها واشنطن، يمكنها أن تنعكس أيضاً على السكان الفلسطينيين في الأردن، لا سيما إذا اختارت السلطة أن تشعل احتجاجاً في الحرم والقدس. حسب جميع التسريبات السابقة، فإن الأمريكيين لا ينوون الاقتراب من طلبات الحد الأدنى للسلطة في القدس، وعندما سيعرضون أخيراً (إذا عرضوا أصلاً) الجزء السياسي في الخطة. لذلك، ظهر سيناريو يقول إن الأردن سيظهر أنه الحلقة الضعيفة في مبادرة السلام الأمريكية، سواء برفض الملك الانضمام إلى تأييد الصفقة أو باحتمال عدم الهدوء الداخلي في أعقاب طرح الخطة.
في مقاله، حذر عيران من أن «عملية الضعضعة يمكنها أن تتمثل بمظاهرات جماهيرية ومتواصلة، وأحياناً عنيفة أيضاً؛ وفقدان سيطرة قوات الأمن على ما يجري؛ وفقدان سيطرة القصر الملكي على قرارات البرلمان». وحسب أقواله، فإن مكانة القصر الملكي لم تكن محل تساؤل منذ تأسيس المملكة. صحيح أنه في بداية هزات الربيع العربي سمعت دعوات لتقليص صلاحيات الملك وإقامة مملكة دستورية، لكن الملك تمكن من احتواء الطلبات من خلال تبني عدد منها عن طريق تغيير طريقة الانتخابات. مع ذلك، في السنتين الأخيرتين ازداد الانتقاد على سلوك الملك في معالجة المشكلات الأساسية في المملكة وعلى سلوك الملك والملكة رانيا الشخصي. في نهاية شهر نيسان، قام الملك عبد الله بتغيير سبعة وزراء وعزل رئيس المخابرات الأردنية عدنان الجندي وشخصيات رفيعة أخرى في جهاز المخابرات والبلاط الملكي. في الخلفية سمعت إشارات عن كشف تنظيم سري خطط للمس بالملك. إعلان البلاط الملكي تحدث عن محاولة للمس بأمن الدولة. عيران كتب أنه في بداية الشهر الحالي، عندما قام عبد الله بتعيين أحمد حسني رئيساً جديداً للمخابرات، نشرت وسائل الإعلام الأردنية رسالة الملك لحسني. الملك أثنى على جهاز المخابرات الذي «استطاع أن يكشف محاولات يائسة ضد الأمة». وأضاف بأنه «يوجد أشخاص يستغلون الظروف الصعبة التي يمر بها الأردن». عبد الله كتب: «الحديث يدور عن مرحلة معقدة في المنطقة، تكتنفها تحديات. الأردن نفسه يواجه عدم استقرار إقليمي، والمناخ الدولي متوتر».
السفير السابق ذكر صعوبات أخرى في الأردن: أزمة اقتصادية شديدة، وبطالة متزايدة وصعوبات في الاستيعاب ترافق هجرة مليون ونصف لاجئ سوري الذين وصلوا إلى الأردن منذ اندلاع الحرب الأهلية في الجارة الشمالية منذ ثماني سنوات. في أعقاب الوضع الاقتصادي والاتهامات بشأن الفساد الذي تفشى في محيط الملك، مظاهرات احتجاج أسبوعية تجري في عمان وأحياناً في مدن رئيسية أخرى. ليس واضحاً إذا كانت الدول المانحة للأردن ستواصل تحويل الأموال المطلوبة له من أجل منع انهيار اقتصادي. لقد حذر عيران أيضاً من توتر محتمل بين إسرائيل والأردن على خلفية مبادرة ترامب والأزمة التي اندلعت قبل بضعة أشهر في الحرم حول فتح مصلى باب الرحمة. الأزمة تم ضبطها في الوقت الحالي من خلال اتفاق ثلاثي مع الفلسطينيين على إغلاق المبنى لفترة محدودة، لأغراض الترميم. عيران كتب أنه «إذا تمكنت حكومة إسرائيل الجديدة من اتخاذ خطوات في الكنيست لتحقيق مطالب للضم لإسرائيل و/أو تطبيق القانون الإسرائيلي في أجزاء من يهودا والسامرة، سيقف الأردن على رأس المعسكر العربي الذي سيدعو المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بهذه الخطوات، وإدانة إسرائيل وربما حتى فرض عقوبات عليها». حسب تقديرات عيران، عندما ستنشر أخيراً خطة ترامب سيضطر الملك عبد الله إلى التعبير عن معارضتها علناً وبصورة واضحة. «من أجل إسكات جميع الذين يجلسون في الغرف المظلمة في عمان، بأن مساعدة أمريكية سخية ستخفف من رده». في الخلفية بقيت صعوبات أخرى في العلاقات بين إسرائيل والأردن، التي تتعلق ضمن أمور أخرى بإعلان الأردن عن انتهاء اتفاقات تأجير الأرض في نهرايم وموشاف سوفر. الخلافات حول حفر قناة البحرين والانتقاد المستمر في الأردن لصفقة شراء الغاز من إسرائيل. «هذه قائمة كل بند من بنودها يهدد جوهر العلاقات ومضمونها»، أضاف. لذلك، من المهم أن تجري الدولتان حواراً مستمراً بينهما وتمتنعان عن خطوات استفزازية.
يمكننا التقدير بمعقولية عالية بأن تحليل عيران قريب من التوقعات بأن وزراء الحكومة والكابنت يصغون إلى التقارير الدورية التي يقدمها جهاز الأمن. الإسرائيليون الذين يتحدثون بين الفينة والأخرى مع شخصيات رفيعة في المملكة، في الحاضر والسابق، يسمعون منهم المزيد من المخاوف بخصوص تأثيرات مبادرة ترامب. حسب أقوالهم، فإن الاعتماد الأمريكي والإسرائيلي على الأموال من دول الخليج، السعودية ودولة الإمارات، لتمرير العملية الأمريكية يتوقع أن ينتهي بخيبة أمل. الادعاء الذي يسمع في عمان هو أن دول الخليج لا تفهم عمق وضع الفلسطينيين واعتباراتهم، لذلك هم يبثون آمالاً عبثية لدى الأمريكيين فيما يتعلق باحتمال التوصل إلى تسوية بدون معالجة موضوع القدس. التوقعات المتشائمة هذه تنضم إلى عداء الأردن الأكثر قدماً تجاه السعودية والولايات المتحدة، اللتين لم تحققا توقعات المملكة في الحصول على مساعدات اقتصادية أكثر سخاء، مساعدات كان يمكن أن تساعدها في مواجهة استيعاب لاجئين ومواجهة الأزمة الاقتصادية الشديدة.

Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article