58 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

10 - انطلاق السباق: من سيبني أول محطة نووية سعودية(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

- (السعوديون لم يتركوا من خيار أمام واشنطن سوى دخول السباق - هل نجح بلينكن في طمأنة السعوديين):
الرياض- لم تعد الولايات المتحدة ولا إسرائيل قادرتين على كبح قرار السعودية ببناء محطة نووية، خاصة أن المتنافسين من أكثر من بلد على بناء هذه المحطة جاهزون لهذه المهمة، ما يجعل واشنطن مضطرة لدخول السباق حتى وإن حرص المسؤولون في تصريحاتهم على تجاهل الأمر وتجنب الحديث فيه. ويأتي الارتباك الأميركي تجاه تمسك السعودية ببناء محطة نووية في ظل تقارب المملكة مع الصين على أكثر من مستوى، وهو مسار يقلق البيت الأبيض، وقد يضغط عليه لدخول المنافسة على بناء المحطة ضمن مسار لاستعادة السعودية إلى صف الولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بعد اجتماعه بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس إنه بينما ترحب الرياض بدعم الولايات المتحدة في بناء برنامجها النووي المدني، “هناك آخرون يقدمون عطاءات لبنائه”. وكان الأمير فيصل بن فرحان يرد على سؤال حول التقارير الإخبارية الأخيرة بأن المملكة تطلب مساعدة الولايات المتحدة في بناء برنامجها النووي مقابل إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وقال “ليس سرا أننا نطور برنامجنا النووي المدني المحلي ونفضل بشدة أن نكون قادرين على جعل الولايات المتحدة واحدة من مقدمي العروض. لكن من الواضح أننا نرغب في بناء برنامجنا باعتماد أفضل التقنيات في العالم”. وتابع أن التطبيع مع إسرائيل ستكون له “فوائد محدودة” إذا لم يشمل “إيجاد طريق للسلام للشعب الفلسطيني”. ولم يحدد ما إذا كانت القضية النووية مرتبطة بالتطبيع.
ومن الواضح أن إجابة الأمير فيصل بن فرحان رمت الكرة إلى الإسرائيليين بأن حمّلتهم مسؤولية تعطل التطبيع وفي نفس الوقت فصلت بين مسار التطبيع وقرار الرياض ببناء محطة نووية كخيار سعودي إستراتيجي لن توقفه أيّ ضغوط من أيّ جهة. ويعرف السعوديون أن إسرائيل لن توافق على بناء مثل هذه المحطة، ولذلك فهم يدفعون لوضع الجميع أمام الأمر المقضي مستفيدين من نجاح إستراتيجية تعدد الشركاء التي اعتمدها الأمير محمد بن سلمان في السنوات القليلة الماضية. وأبدى وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس معارضة الاثنين لفكرة تطوير السعودية برنامجا نوويا مدنيا في مقابل التطبيع. وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في مارس أن مثل هذا البرنامج هو من بين شروط الرياض لإبرام اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وقال كاتس لتلفزيون “واي. نت” لدى سؤاله عن احتمال وجود البرنامج النووي المدني السعودي في إطار اتفاق محتمل على إقامة علاقات بين البلدين “بالطبع إسرائيل لا تشجع مثل تلك الأمور. لا أعتقد أن إسرائيل عليها أن توافق على مثل تلك الأمور”. وتدفع السعودية نحو بناء محطات طاقة نووية، خاصة أن إيران على وشك التمكن من صنع الأسلحة النووية. كما تهدف المملكة أيضا إلى اكتساب المعرفة والتكنولوجيا لمواكبة إيران إذا تجاوزت عتبة إنتاج الأسلحة النووية. وسبق أن حذر القادة السعوديون، بمن فيهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من أن المملكة ستطور قدراتها إذا أصبحت إيران قوة نووية. وقال ولي العهد في 2018 إنه إذا انطلقت إيران في بناء سلاح نووي، فإن المملكة ستفعل ذلك أيضا، مما يزيد المخاوف من حدوث سباق تسلح نووي محتمل في الشرق الأوسط المضطرب بالفعل. وبالنسبة إلى السعوديين الذين يسعون للحصول على الخبرة التقنية لتجاوز الاعتماد الكلي على النفط، فإن الولايات المتحدة هي بلا شك الشريك الإستراتيجي صاحب الأولوية.
ولكن خلافا لواشنطن، تتمتع الرياض بعلاقات ودية مع بكين وموسكو. ولديها أسبابها للإبقاء على تلك العلاقات. فالصين هي من أكبر شركاء السعودية التجاريين، وكذلك تعتبر روسيا شريكها في صياغة سياسات إنتاج النفط العالمي بالرغم من بعض الخلافات الناشئة أخيرا. وتخطط السعودية لبناء 16 مفاعلا للطاقة النووية في العقدين المقبلين بكلفة تقدر بنحو 100 مليار دولار. كما وقّعت اتفاقيات تعاون نووي مع دول متعددة. وتشهد السعودية تحولا اقتصاديا واجتماعيا هائلا يهدف إلى تقليل اعتمادها على النفط وجذب التجارة والاستثمار والسياحة. وقاوم السعوديون ضغوط الولايات المتحدة لخفض أسعار النفط في الوقت الذي يسعون فيه للتمتع بعائدات تمكن من تمويل ما يسمّونه “المشاريع العملاقة”، بما في ذلك مدينة نيوم قيد الإنشاء على البحر الأحمر بقيمة 500 مليار دولار. وتعمل المملكة على تحويل نفسها إلى قوة عالمية في عالم الرياضة، وجذب نجوم كرة القدم مثل كريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة إلى أنديتها المحلية بعقود سخية مع اندماج دوري “بي جي إيه” الأميركي للغولف مع دوري ليف غولف الذي تموّله.
ويقول السعوديون إنهم يسعون لتحقيق مصالحهم الوطنية في عالم تحدده بشكل متزايد منافسة القوى العظمى. وبالإضافة إلى تحسين العلاقات مع خصوم واشنطن مثل الصين وروسيا وفنزويلا، حل السعوديون أيضا خلافا مع كندا ودعوا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهو حليف الغرب الوثيق، لإلقاء كلمة في قمة جامعة الدول العربية الشهر الماضي. لكنهم بدوا مترددين في المضي قدما في تطبيع العلاقات مع إسرائيل التي تقودها أكثر الحكومات يمينية في تاريخها، ومع تصاعد التوترات مع الفلسطينيين. ودعا السعوديون أكثر من مرة إلى إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة (الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967)، وهو أمر لا يمكن تصوره في ظل القيادة الإسرائيلية الحالية.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article