58 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

22 - سلاطين وسراويل علمانية ما الذي حل بالشباب العربي(محمد تركي الربيعو)(القدس)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

مع انطلاق الانتفاضات العربية عام 2010، بدا وكأن الشباب العربي أصبحوا أصحاب التأثير الأوسع. ليس على صعيد الإطاحة بالدولة السلطانية العربية، وفق تعبير عبد الله العروي فحسب، وإنما أيضا على صعيد مستقبل المنطقة. فالكثير من الأحزاب والتجمعات التي ظهرت لاحقا، يبدو أن للشباب دورا واضحا فيها. وفي ظل هذا الواقع، كان من الطبيعي مثلا صدور كم كبير من الدراسات والترجمات، التي تحاول فهم الشباب والاستراتيجيات التي يتبعونها في حياتهم اليومية، ومصادر خطاباتهم. كما اهتمت بعض هذه الترجمات بالأخص بتتبع خطوط سير هؤلاء الشبان على صعيد سياسات الفرح، وفق تعبير آصف بيات، أو على صعيد التدين الفرداني، ودراسة أجسادهم، وأشكال سراويلهم العلمانية. لكن هذا المشهد لن يستمر، فمع تغير الظروف كان هناك رأي آخر يقول إن الشباب هم المشكلة وليسوا الحل، ولذلك أخذت مقولة الشباب كمفهوم تحليلي تتراجع، وربما الذي حل هي صورة الشاب الجهادي، الذي يرفع سيوف القرون الأولى.
ويشكل كتاب الباحثين محمد أبو رمان وكامل النابلسي (سياسات الشباب في الدول العربية) معهد السياسة والمجتمع، محاولة من جديد لإعادة الاعتبار لدراسات الشباب العربي بعد مرور أكثر من عشر سنوات على اندلاع الانتفاضات العربية. ينطلق الباحثان من سؤال مختلف هذه المرة. فعوضا عن البحث في واقع ومسارات الشباب العربي اليوم، وهو ما يحتاج إلى مزيد من البحث الميداني، يحاولان النظر في سياسات الدول العربية بعد الربيع العربي حيال هؤلاء الشباب. فبعد الانتفاضات لم يعد هناك خطاب لحاكم سلطوي عربي إلا وفيه إشارة واضحة للشباب ولضرورة دعمهم. اختار المؤلفان دراسة ثماني حالات هي: مصر، تونس (بلدا الانتفاضات الأولى)، البحرين، الكويت (بلدان الخليج)، الأردن، المغرب (بلدا الأنظمة الملكية المحافظة)، لبنان، السودان (الموجة الثانية من الانتفاضات).
يدرس الكتاب واقع السياسات الشبابية الحكومية في الكويت والبحرين، ولعل أهم نقطة يقف عندها، وتتعلق بكل دول الخليج، أن هناك قناعة لدى صانع القرار الخليجي بأن وجود «بحبوحة» مالية، ووظائف وقروض وسياسات فخمة ونجوم كرة قدم في ملاعب المدن كاف لإشباع شهوات الشباب العولمية. وهذا ما يحول دون أن يتحولوا إلى أشخاص خطيرين على السلطة، لكن تبدو هذه النقطة غير دقيقة لمن يقرأ فصول الكتاب المتعلقة بالكويت والبحرين. إذ سرعان ما نكتشف أن الربيع العربي كان سببا في ظهور عشرات الحركات الشبابية. وأن معادلة ترف وسراويل علمانية مقابل عدم التدخل بالشأن السياسي، ليست دقيقة بالضرورة، بل على العكس يبدو أن مشهد انفتاح الشارع الخليجي عموما على فضاءات جديدة، سيكون له تأثير لاحق على مزيد من حراك الشباب والمطالبة بالتغيير. والكفيل بالحد من هذا الحراك أو تلافيه هو المزيد من المشاركة السياسية، وإتاحة الفرص للشباب للمشاركة في صناعة الخدمات اليومية، وفسح المجال لهم أيضا للتفكير في شكل وطريقة عمران المدن التي يعيشون فيها.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article