58 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

41 - الأردن: الجميع في انتظار الجراحة الملكية وصعود الدخان الأبيض(بسام البدارين)(القدس)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

هل يساعد تعديل وزاري محدود مجدداً رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة في احتواء بعض التجاذبات والخلافات داخل طاقمه الوزاري وفي الاستعداد جيداً لمرحلة ما بعد تغيرات يفترض أن تعقب عرس وزفاف ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله؟ هذا هو السؤال المطروح الآن بقوة في عمق الأوساط السياسية الأردنية، ليس أملاً في تحصيل إجابة؛ لأن التعديل الوزاري بصرف النظر عن ملامحه وهويته، لا يقدم ولا يؤخر في رفع إنتاجية المشهد العام، ولا في التأسيس لمقاربة تجعل الحكومة الحالية بتركيبتها الموجودة والمتاحة مستقرة إلى حد بعيد، فالحديث يتواتر وسط صالونات الأردنيين وأوساطهم عن حزمة تغييرات أو ورشة إصلاحات لا تقف عند حدود الشكل والمحتوى، لكنها تذهب باتجاه المضمون والعمل الأفقي. دون ذلك، أي دون مقاربة تعود بالإصلاح نفسه إلى جذره العميق والأساسي والأفقي والوطني -برأي الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة – لا مجال للحديث عن توافقات حقيقية تقود إلى صورة منتجة إلى حد كبير.
«بعيداً عن الانتقام والثأرية»: ودون معالجة بعيدة عن الانتقام والثأرية – في رأي القيادي الشاب في الحركة الإسلامية الدكتور رامي العياصرة – لا مجال إلا للتمسك بقشور عملية الإصلاح وديكوراتها فيما، يقترح العياصرة دوماً بأن تلك الدلالات العميقة التي ظهرت في عرس ولي العهد في إطار الخطاب المباشر ما بين الناس والمؤسسة الملكية ينبغي أن تؤسس لمقاربة مختلفة في الأداء الرسمي، فكرتها الاستثمار في لحظة فارقة جداً بتاريخ الأردنيين ثبت فيها عدم وجود حساسيات مفبركة لدى العامة. العياصرة طبعاً يضم صوته لتلك الأصوات التي تنتقد التعسف السياسي أو التوسع في استخدام القانون في الاتجاه المعاكس للحريات. ويتصور بأن حجة الحكومة في مطاردة بعض الأحزاب السياسية الوطنية ومنعها من تصويب أوضاعها مثلاً تسير بالبلاد في اتجاه معاكس لمنطوق ومضمون تحديث المنظومة السياسية في البلاد. ويشير أيضاً إلى أن الموقف غير الطبيعي الذي يبقي أزمة نقابة المعلمين على قيد الحياة بين الحين والآخر بخطوات أو سياسات استفزازية وثأرية وانتقامية لا يؤشر إلى أي من مدلولات تتحدث عن نضج التفكير الإصلاحي لدى الطبقات السياسية والتنفيذية.
الجدل يتعاظم في الأردن بانتظار الخطوة التالية، ليس بعد عرس وزفاف ولي العهد فقط، ولكن بانتظار الخطوة الثانية على برنامج الإصلاح الثلاثي ومساراته في تحديث المنظومة السياسية والتمكين الاقتصادي والإصلاح الإداري بعد كل الدلالات الأخيرة، والحديث يتواتر عن تغييرات أو خطوات يترقبها الشارع عملياً والرأي العام، تحاول ترسيم ملامح المرحلة الجديدة؛ لأن مئوية الدولة الثانية بدأت وولدت مع مؤسسة ولاية العهد وتكريس تموقعها الدستوري.
ثلاث وثائق مرجعية: ومع وجود ثلاث وثائق مرجعية، يصر البرلماني الخبير الدكتور خير أبو صعليك على أن وجودها كان بمثابة “نبأ سار”، مقترحاً على الحكومات والفعاليات الاجتماعية والنخبوية والحزبية الانتباه مجدداً إلى أنها محظوظة بوجود وثائق إصلاحية الطابع تتطلب العمل والإنجاز بعيداً عن السوداوية والسلبية. الجميع بهذا المعنى على نحو أو آخر، بانتظار الحسم المرجعي أو الملكي، أو بانتظار صعود الدخان الأبيض الذي يقول السياسي مروان الفاعوري إنه لم يعد متوقعاً فقط، بل أصبح اليوم ضرورة ملحة لردم تلك الفجوة في المسافة المرتبطة باسم المصداقية ما بين الخطاب الرسمي والتوجيهات المؤسسية والمرجعية وما بين ما يجري على أرض الواقع، حيث الحريات عموماً في منطق الانتقاد واعتقالات النشطاء السياسيين مستمرة، والتحرش بالنقابات المهنية وعلى رأسها نقابة المعلمين يتواصل.
مواصفات ومعايير: لا أحد يعلم ما هي مواصفات ومعايير الإجراءات المطلوبة بعد صعود الدخان الأبيض، وكل المؤشرات تقول إن الدخان الأبيض يجب أن يصعد بعد عودة الملك عبد الله الثاني من زيارته الخاصة الحالية، خصوصاً أن احتفالات ومناسبات وطنية في غاية الأهمية ستجري في ظل ولاية العهد ونائب الملك، وأبرزها عيد الجلوس الملكي، ويوم الجيش، وذكرى الثورة العربية الكبرى، حيث وجه ولي العهد رسالة علنية لوالده الملك بمناسبة عيد الجلوس الملكي تضمنت “شكراً إلى من علمنا التفاني والوفاء”. في كل حال، التعديل الوزاري إن أنجز وصدر ضوء أخضر من أجل تعزيزه، يبقى مجرد صفحة صغيرة في كتاب المطلوب، والحديث عن إعادة مراجعة وضبط إيقاع ميكانيزمات ومساحات تحديث المنظومة السياسية ورقة أخرى قد تكون أهم.
الورقة الثالثة: والتفعيل في منطق التمكين الاقتصادي ورقة ثالثة. لكن الخشية كبيرة حتى الآن من أن تبرز تلك المؤشرات على عدم التقاط ما هو جوهري من قبل النخب الرسمية وليس الشعبية بعد عرس الأردن الأخير، على حد تعبير الدكتور العياصرة، خصوصاً أن قوى الشد المعاكس لا تزال صلبة ولديها جاهزية مرصودة لتقليص سقف التوقعات الوطنية وإعادة ترصيد سيناريوهاتها المعلبة القديمة ما لم يتحرك مبضع الجراحة المرجعية مجدداً.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article