68 :عدد المقالاتالاثنين14.6.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

30 - الدولة الاردنية على المحك اما ان تنجو او تنتحر(د. معن علي المقابلة/راي اليوم)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

هذا الارتباك في ادارة الدولة والتعامل مع المشكلات بالقطعة دون النظر الى جذر المشكلة الاساسية قد يؤدي الى انتحارها او نحرها وتفكيكها، فكما ذكرنا في مقال سابق على صفحات هذه الصحيفة، ان طريقة معالجة ما اخذ يعرف بالفتنة اظهرت ضعف رجال الدولة من خلال الادارة البائسة للازمة لتظهر للأردنيين ان مؤسساتهم التي بناها الاباء والاجداد وحفظت الدولة من منعطفات كادت ان تعصف بها من خلال هذه المؤسسات التي كان يقودها رجال دولة حقيقيين كان الوطن يعني لهم الكثير، لتأتي الأزمة الاخيرة والتي وصفها رأس الدولة بالمؤامرة، وهي تداعيات ما حدث مع النائب المستقيل أسامة العجارمة، فكما اظهرت “الفتنة” ضعف مؤسسات الدولة اظهرت “المؤامرة” خللاً واضحاً في بنية المجتمع الاردني، والسبب الذي اضعف الجهتين واحد وهو التفرد بالسلطة التي تعتمد على المقاربات الامنية، فمن اجل الاحتفاظ بنهج الدولة غير الديمقراطي والمحافظة على صلاحيات الملك المطلقة، عملت الاجهزة الامنية على تجريف الحياة السياسية في الدولة من خلال محاربة الاحزاب اساس العمل السياسي في اي دولة تزعم انها ديمقراطية، فتارة تمنعها وتارة اخرى تسمح بها الا انها تحاربها بالخفاء والعلانية من خلال التضييق عليها وعلى منتسبيها،
وحتى تميع العمل الحزبي في الدولة تم انشاء عشرات الاحزاب بحيث وصل عددها اكثر من خمسين حزباً بالرغم ان عدد المنتسبين لهذه الأحزاب جميعها لا يتجاوز بضعة الاف، مع ان هذا العدد للأحزاب يوحي بأن معظم الاردنيين منتسبين لهذه الاحزاب، ومن المؤشرات التي تؤكد ان الدولة تحارب نشوء احزاب قوية في الدولة بل وتسعى لبقائها ضعيفة وبدون حواضن اجتماعية، ان قوانين الانتخاب التي انتجت تسعة عشر برلماناً لم تسمح هذه القوانين ان تدخل الاحزاب لهذه الانتخابات او تشكيل قوائم حزبية على مستوى الوطن، ونتيجة لهذه السياسات ضد الاحزاب فقد الناس الثقة بها وتعامل معها النظام على انها ديكور لتجميل الحياة السياسية في الدولة وتصورها على انها دولة ديمقراطية، وهذا ما جعل النقابات المهنية تلعب دوراً سياسياً في تاريخ الاردن، فعلى الرغم ان دور النقابات مهني مهمتها الدفاع عن منتسبيها وتحسين ظروف معيشتهم، الا ان التضييق على الاحزاب جعل كثير من منتسبي هذه النقابات يجد فيها ضالته في المزاوجة بين العمل النقابي والعمل السياسي، لتتعرض لذات الحرب التي تعرضت لها الاحزاب وعملت الاجهزة الامنية على اضعافها بحجة انها نقابات مهنية لا يجوز ان تمارس العمل السياسي.
هذا التجريف والتشويه للحياة السياسية في الدولة الاردنية من خلال شيطنة الاحزاب والنقابات ومحاربتها ومحاولة السيطرة عليها وتوجيهها لخدمة النظام ونهجه، في المقابل قدمت مساحات واسعة للعشيرة التي اعتمد النظام على ولائها المطلق من خلال تقديم امتيازات مقابل هذا الولاء ضمن مفهوم الدولة الريعية خاصة في بدايات نشأة الدولة لتدخل معترك السياسة من خلال قوانين انتخاب اعطت افضلية للعشيرة على حساب الاحزاب، واستطاع النظام المحافظة على استقرار الدولة ونهجه في الحكم معتمداً على العشائر، الا ان هذه المعادلة اخذت بالتغير في نهايات القرن الماضي والعقدين المنصرمين من القرن الحالي ليأتي من مأمنه الخطر، فنتيجة للسياسات الاقتصادية التي شابها كثير من الفساد والتي كان اهمها انهيار الدينار الاردني وتراجع الدعم الخليجي وانسداد الافق السياسي، لينتفض الاردنيون في نيسان من عام 1989م في محافظات الجنوب ذات الطابع العشائري والتي كانت تعتبر الاكثر ولاءً للنظام الا انها نتيجة السياسات الاقتصادية والتهميش اصبحت الاكثر فقراً، وكان من نتائج هذه الانتفاضة التي اتسعت رقعتها لتشمل جميع البلاد اسقاط حكومة زيد الرفاعي وعودة الحياة البرلمانية للبلاد.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article