68 :عدد المقالاتالاثنين14.6.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

48 - رسائل سياسية وعسكرية قوية تحملها زيارة وفد تركي رفيع المستوى إلى العاصمة الليبية(القدس)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

منذ بداية الأزمة الليبية التي تصاعدت إلى صراع مسلح على تخوم العاصمة طرابلس، ظلت العلاقات بين ليبيا وحليفها التركي تتصاعد تدريجياً، فقد توطدت العلاقات وازدادت قوة بين البلدين، خاصة أثناء الحرب التي شهدتها العاصمة طرابلس، وبتوقيع مذكرة التفاهم بين تركيا وليبيا لترسيم الحدود البحرية بينهما، لخلق شراكات اقتصادية وسياسية وعسكرية. تساؤلات عدة طرحت حول استمرارية قوة هذه العلاقة مع تغيير الحكومة الليبية والمجلس الرئاسي، ومخاوف تصاعدت بإبطال الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، ولكن سرعان ما أثبتت الحكومة الليبية والتركية عدم صحة هذه المخاوف بزيارات متتالية بين الجانبين، لدراسة آليات التعاون المستقبلية والتأكيد على بقاء الاتفاقية الموقعة بين البلدين دون مساس.
زيارة مفاجئة ..عقب انعقاد اجتماع ثلاثي بين وزراء دفاع تركيا وإيطاليا وبريطانيا في جزيرة صقلية الإيطالية، وعقب الاجتماع، توجه وزير الدفاع التركي خلوصي آكار لطرابلس فوراً في زيارة مفاجئة وغير معلنة. وبعد وصول أكار، أعلن عن توجيهات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لوزراء رفيعي المستوى لزيارة ليبيا بشكل مفاجئ في إشارة لرغبة لدولة ترمي للعب دور محوري مع اقتراب مؤتمر
برلين حول ليبيا. فقد وصل، السبت، وفد تركي رفيع المستوى على رأسه وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو إلى العاصمة الليبية طرابلس، وذلك لبحث العلاقات الثنائية وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية. وبحسب بيان لوزارة الخارجية التركية، فإن الوفد ضم وزير الدفاع خلوصي آكار، والداخلية سليمان صويلو، ورئيس الأركان العامة يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، إلى جانب مدير الاتصالات في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون، ومتحدث الرئاسة إبراهيم قالين. وعقب وصول الوفد، اجتمع وزير الخارجية تشاووش أوغلو بنظيرته في حكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش، في لقاء فردي بين الطرفين، وتأتي زيارة الوفد التركي إلى طرابلس قبيل انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” الإثنين المقبل.
وفي وقت سابق، قال وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، إن بلاده ستواصل تقديم التدريب والمساعدة والدعم الاستشاري للقوات الليبية للوصول إلى المعايير الدولية، مضيفاً: “هدفنا هو وحدة ليبيا وسلامتها واستقرارها”. خلال زيارته لقيادة مجموعة المهام التركية في ليبيا، أفاد آكار أن “تركيا ليست قوة أجنبية في ليبيا” حسب تعبيره، مشيراً إلى أن بلاده تواصل السعي من أجل أن تصل ليبيا إلى مستوى الاكتفاء الذاتي. وفي إشارة إلى أهمية وحدة ليبيا، قال وزير الدفاع التركي، إن المشكلة تكمن في حفتر وأنصاره، حسب قوله. زيارة الوفد عقبها عقد مجموعة من الاجتماعات التي أجريت بشكل ثنائي بين المسؤولين الليبيين والأتراك، بدأت باجتماع الوفد التركي مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ناقشوا من خلاله مؤتمر برلين 2 المرتقب، وآخر التطورات حول مذكرات التفاهم والاتفاقيات المبرمة في اجتماع المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي الليبي التركي وسبل ‏وضعها موضع التنفيذ. كما أجرى الوفد اجتماعاً مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الذي عبر عن تقديره الكامل للدور التركي الداعم للاستقرار في ليبيا، وأكد أهمية إجراء الانتخابات في موعدها في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل. وتلاه اجتماع مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، والذين تابعوا مخرجات ونتائج اللقاءات السابقة بدءاً من زيارة رئيس المجلس الرئاسي إلى تركيا في آذار/مارس الماضي، وما تلاها من زيارات بين البلدين. وأكد الوفد التركي خلال لقائه المنفي، استمرار التعاون في مجالات تدريب المؤسسات الأمنية والشرطية، وإزالة الألغام، إلى جانب التعاون في ملفات الحد من الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الجريمة المنظمة.
مؤشرات سياسية .. المحلل السياسي الليبي بدر شنيبة، قال ل “القدس العربي” أن زيارة الوفد التركي رفيع المستوى إلى ليبيا هي رسالة واضحة أرادت بها تركيا التأكيد على أن العلاقات التركية الليبية لا تزال متميزة وفي ذروتها، وأن التفاهمات التي حدث سابقاً خاصة في زيارة دبيبة إلى أنقرة مازالت مستمرة وجرى التأكيد عليها، وبالتالي أي محاولات سابقة للتشويش على هذه العلاقات قد باءت بالفشل، وأن تركيا مازالت تقف داعماً لشرعية حكومة الوحدة الوطنية ومازالت ترى في ليبيا حليفاً استراتيجياً في البحر المتوسط وشمال أفريقيا. وتابع شنيبة، أن الزيارة تأتي أيضاً من حيث التوقيت قبل حدثين مهمين هما اجتماع دول الناتو الاثنين، ومؤتمر برلين 2 حول ليبيا نهاية الشهر الجاري، حيث ستحاول تركيا التأكيد في الاجتماع الأول على دورها في هذا التحالف المهم وتراهن على دورها في ليبيا كدور مهم للناتو من الناحية الاستراتيجية وحماية لمصالحه أمام التوغل الروسي عبر مرتزقة فاغنر في أفريقيا بشكل عام وليبيا بشكل خاص. وقال إن ما يتعلق بالاجتماع الثاني، وهو مؤتمر برلين 2، فتركيا تريد إرسال رسالة بأن مازال دورها قوياً في إرساء الاستقرار في ليبيا عبر دعمها لشرعية حكومة الوفاق سابقاً وحكومة الوحدة الوطنية حالياً، والطرفان سيستغلان الزيارة للتنسيق فيما بينهما قبل المؤتمر لوضع رؤية مشتركة للدخول بها إلى الاجتماع ودعم الرؤية الليبية في اللقاءات المهمة للضغط على الأطراف الدولية الفاعلة للالتزام بتعهداتها التي قطعتها في برلين 1 وغيرها من اللقاءات لدعم العملية السياسية في ليبيا، وصولاً إلى الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل. وختم قائلاً: “إن الزيارة سينتج عنها نتائج دبلوماسية دولية في المدة المقبلة، وسيكون اجتماع برلين اختباراً لهذه الزيارة خاصة في ما يتعلق بتشكيل جبهة ضغط ضد وجود مرتزقة فاغنر الروسية، التي لاتزال تثير القلق من دورها السلبي في ليبيا،خاصة، ومنطقة الساحل الأفريقي عامة”.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article