0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

29 - مسقط تتصدى لوباء الشائعات بالتوعية الإعلامية(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí


- (المؤسسات الرسمية أوجدت أرضا خصبة للشائعات بغياب شفافية المعلومات - شائعات مواقع التواصل مصدر قلق للسلطات والمؤسسات الإعلامية): تركز السلطات العمانية على الجانب التوعوي للصحافيين والمؤسسات الإخبارية للتصدي لموجة الشائعات والأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما وأن المنهجية الرسمية باتت قاصرة عن التصدي لهذا الكم من التضليل الكاذب، مع غياب المعلومات في وسائل الإعلام.
مسقط - أجمع مسؤولون حكوميون وإعلاميون عمانيون على الخطر الذي تشكله المعلومات المغلوطة والشائعات على المجتمع، بغياب المعلومات الكافية في وسائل الإعلام المحلية. ويأتي ذلك في وقت نظمت وزارة الإعلام العمانية حلقة تدريبية عن التحقق من الأخبار والمصادر والوسائط الرقمية، وتستهدف الحسابات الإخبارية عبر منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة. وأكد وزير الإعلام العماني عبدالله بن ناصر الحراصي أن الشائعات والمعلومات المغلوطة تشكل خطرا على المجتمع الذي يشحذ قواه في مجابهة جائحة فايروس كورونا المستجد من خلال بث الرسائل السلبية والتشويش على المفاهيم العلمية الصحيحة والإضرار بجهود المؤسسات الحكومية وغيرها. كما تناولت الحلقة تاريخ الأخبار الكاذبة وأنواع المعلومات المضللة وطرق وآليات التحقق من الوسائط الرقمية (مثل الصور والفيديوهات)، بالإضافة إلى وأدوات التحقق من المواقع والحسابات.
وشهدت سلطنة عمان مؤخرا موجة من الشائعات طالت مختلف نواحي الحياة والمؤسسات الرسمية، وأصبحت مصدر قلق للسلطات والمؤسسات الإعلامية على حد السواء وبات من الضروري التعامل معها. ويرى الإعلامي العماني أحمد الشيزاوي أن “التباكي على انتشار الشائعات ليس حلا، واتهام مواقع التواصل الاجتماعي وتطور المنصات الرقمية كوسيلة مشجعة لنشر الشائعات ليس مبررا، فما حصل مع لقاح كورونا على سبيل المثال هو تقصير واضح في صناعة سمعة لهذا اللقاح قبل وصوله وتوزيعه”. وأضاف الشيزاوي في تصريح لـ”العرب”، أن الناس عموما لا يهتمون كثيرا في البحث عن الحقيقة، فهم يهتمون بالخبر الذي يصلهم أول مرة ولا يترددون أبدا بتداوله إذا لم تسبقه معلومات واضحة وشفافة وربما تكون وسائل التواصل الاجتماعي سهلت نشر كل ما يصل من باب الفضول والذي يلعب دورا في سلوكيات المجتمع. ولم تعد المنهجية السابقة لدوائر الإعلام والاتصال في المؤسسات الحكومية العمانية مجدية في التعامل مع الأخبار الكاذبة مع تصاعدها وانتشارها المكثف، إذ كانت هذه الجهات تقوم بمتابعة ورصد الأخبار المتداولة عنها، والتعامل مع الشائعات التي يتطلب التعامل معها مع الأخذ في الاعتبار مجموعة عوامل تحدد على أساسها آلية التعامل منها موضوع الشائعة ومدى انتشارها والقناة التي يتم من خلالها تداول الشائعة وبناء عليه يتم تحديد طريقة الرد والتوضيح أو النفي عبر الحسابات التي تمتلكها هذه المؤسسات على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر وسائل الإعلام المختلفة مع مراعاة عنصر الوقت بحيث لا تدع مجالا لانتشارها.
وأوضح الكاتب والصحافي العماني خلفان الزيدي في تصريح لـ”العرب” أن الشائعة لم تعد خبرا يتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر رسالة واتساب، بل صناعة بالوسائل التقنية المتاحة، لتمرير الأكاذيب وتزوير الحقائق دون رادع أو إحساس بالمسؤولية. ويبدو أن منهجية دوائر الإعلام العمانية لا تعتمد بشكل كبير على وسائل الإعلام المحلية بمنحها المعلومات الدقيقة الكافية مسبقا لمواجهة الأخبار الكاذبة، الأمر الذي جعلها قاصرة عن التصدي لهذا الكم من التضليل والمعلومات المغلوطة. واعتبر الشيزاوي أن المؤسسات التي لا تدشن عملا ولا تخطط بحملة علاقات عامة تدير وترصد سلوكيات الجمهور المستهدف قبل مواجهته والتعامل معه ستواجه حملات مضادة وموجة من الشائعات والأخبار الخاطئة المشككة. ويرى أن المجتمعات العربية تشهد انتشارا هائلا في الشائعات أكثر من المجتمعات الغربية، وذلك لسبب بسيط هو غياب الشفافية وشح في المعلومات من المؤسسات المعنية وقصور في التغذية المعلوماتية للجمهور. وتخضع الشائعات للتقييم في مركز التواصل الحكومي العماني وفق اعتبارات اجتماعية واقتصادية وقانونية وسياسية وأمنية ويتم اتخاذ المناسب بشأنها على ضوء ذلك التقييم.
وتعتبر فاطمة الإسماعيلية مسؤولة إعلام وزارة الصحة العمانية أن المسؤولية تقع على المتلقي أيضا في عدم الاستجابة للشائعات، وقالت في تصريح لـ”العرب”، إن “الشائعات تشغل حيزا كبيرا في تفاصيل حياتنا اليومية للأسف، وأن تساهم في ترويج لشائعة (أيا كانت) يعني أن تكون سببا في حجب الحقيقة بطريقة أو بأخرى وبالتالي قد تكون سببا لوقوع الضرر! والقاعدة الإيمانية التي نتفق عليها جميعا (لا ضرر ولا ضرار)”. وتتحمل المؤسسات الرسمية جزءا من المسؤولية، حيث ساعدت صانعي الشائعات وتركت لهم أرضا خصبة لإدارة وتوجيه الرأي العام مستثمرين الفراغ الذي تركته لهم المؤسسات الرسمية أو التي تحولت إلى مدافع وقت الأزمات بدلا من أن تتحصن بشفافية المعلومات وغزارتها. ونوه الزيدي إلى أن الحكومات عليها أن تتيقن من أن السلاح الأبرز لمواجهة الأخبار الكاذبة والشائعات هو الشفافية، وتوضيح كل الحقائق أولا بأول، وعدم ترك أي موضوع يهم المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا للتأويل، وتداول المعلومات المغلوطة، مضيفا “في رأيي أن الحقائق هي الحصن الحصين للمجتمع لمواجهة صناع الشائعات”. وتأثرت علاقة الجمهور العماني سلبا بصحافة بلاده مع غياب المعلومات التي يبحث عنها ويحتاجها، لذلك لم تعد المصدر الأول في استقاء المعلومات، ولجأ إلى الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي الأمر الذي يعرضه إلى كم هائل من المعلومات الخاطئة، ومنها ما هو موجه لأغراض محددة.
وبحسب الشيزاوي، في بعض الأحيان لا تصدر الشائعات من أفراد مجهولين بل تكون ممارسة من مؤسسات إعلامية أو صحافية بسبب غياب الاحترافية المهنية والأخلاق، إذ تبتكر الصحافة شيئا من الأخبار المغلوطة والشائعات الاحترافية بحثا عن الإثارة وشد الانتباه أو لاستفزاز مؤسسة وجهة ما لاستخراج معلومات وبيانات وتصريحات أكثر. وتابع “لذلك تحتاج الجهات الرسمية إلى تعزيز الوعي بطبيعة الأخبار الزائفة والمضللة وكيفية انتشار الشائعات وسبل تجنبها في ظل تعدد الأساليب المستخدمة وتطور الأدوات الرقمية وسهولة استخدامها”. وحتى وإن لجأت المؤسسات لدحض الشائعات بأخبار حقيقية وتصحيح للإشاعة، فإن إعلانات وأخبار النفي تنتشر بوتيرة أقل بكثير من الإشاعة، لأن طبيعة البشر لا تحرص على تصحيح المعلومة وتتأثر بالخبر الأول ليرسخ في ذاكرة المتلقي. وأشار الزيدي باعتباره قريبا من مصادر الأخبار ومطلعا على كيفية تحوير الأنباء وطمس الحقائق، “لقد أصبحت الإشاعة في زمن التقنية صناعة محترفة، إلى حد أننا نشاهد مقاطع بالصوت والصورة تم تحريفها ويتم تداولها لطمس الحقيقة، وهو ما يحدث مثلا في موضوع لقاح فايروس كورونا، فقد شاهدنا مقاطع لأطباء أو متخصصين يحذرون من أخذ اللقاح ويتحدثون عن مؤامرة كونية”. وأضاف أن صانع الإشاعة ربما لأنه وجد بيئة خصبة تمثلت في غياب بعض الحقائق أو عدم الشفافية في بعض الأخبار أو عدم وجود مصادر موثوقة تفند وتحارب التضليل. وتحاول وزارة الإعلام العمانية ممثلة في مركز التواصل الحكومي ومركز التدريب الإعلامي تكريس التوعية للمؤسسات الصحافية، ونشطت فعاليات وبرامج توعوية تحذر من خطر الشائعات وما تحدثه من آثار في المجتمعات، وتحاول أن تصد هذه الأكاذيب.
وتوجهت السلطات للصحافيين والمؤسسات الإخبارية لوضع استراتيجية منظمة خصوصا عبر حساباتها على مواقع التواصل لتوفير المعلومات الدقيقة ودحض الأخبار الكاذبة. ووضع مركز التواصل الحكومي العماني معايير للتعامل مع الأخبار الكاذبة ويتولى متابعة وتقييم آلية تعامل المؤسسات الحكومية مع ما ينشر. ويعطي المركز الأولوية في التعامل المباشر مع المواضيع الوطنية أو المشتركة بين أكثر من جهة حكومية، حيث يقوم بمتابعة مختلف وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ويتابع ما يثار حول المواضيع التي تقع ضمن نطاق عمله. وتعامل المركز عبر حساب “عُمان تواجه كورونا” مع أكثر من 70 شائعة تتعلق بجائحة كورونا خلال الفترة من مارس 2020 حتى مارس 2021. وأفادت الإسماعيلية أنه “في ضوء الانتشار السريع للشائعات حول التطورات، وفي ضوء كل هذه الأحداث المتسارعة حري بنا أن نكون أكثر وعيا، ونترك نشر المعلومة لذوي الاختصاص، وألا نسعى لنشر ما هو غير دقيق أو موثوق ونجعلها تقف عندنا لكي لا نثبط من عزيمة الجهود المبذولة سواء في ما يتعلق بهذه الجائحة أو بمواضيع الحياة المختلفة”. ورغم أن قانون العقوبات العماني لا ينص مباشرة على ضبط الأخبار الكاذبة عبر الإنترنت، إلا أن هناك أحكاما في قانون العقوبات تغطي أشكالا من الشائعات تتعلق بالتحريض أو نشر أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو ضارة أو بث دعاية تحريضية.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article