0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

37 - ماذا تريد الصين من الشرق الأوسط؟(والاتفاق مع ايران)(د. تمارا برّو/راي اليوم)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí


لم يكن شهر آذار / مارس شهراً عادياً بالنسبة إلى العالم عامة والصين خاصة، حيث حفل الشهر باجتماعات دبلوماسية بالغة الأهمية من المرجح أن تحدد مسار العلاقات الدولية في المرحلة المقبلة. وأول هذه الاجتماعات كان بين واشنطن وبكين... وبدأت رحلة وزير الخارجية الصيني إلى الشرق الأوسط حيث زار ست دول بعضها حليفة للولايات المتحدة الأميركية. والدول التي زارها هي السعودية وإيران والإمارات وتركيا والبحرين وسلطنة عُمان. وحظيت الزيارة بترحيب واهتمام إقليمي ودولي، غير أن توقيع اتفاق الشراكة الإستراتيجية بين الصين وإيران كان له الصدى الأكبر في هذه الزيارة. وحظي الاتفاق بضجيج إعلامي عالمي والذي سيستمر خلال الشهور المقبلة نظراً لأهمية الاتفاق دولياً وإثارته قلق العديد من الدول أبرزها الولايات المتحدة الأميركية التي أعرب رئيسها عن أنه كان قلقاً بشأن الاتفاق منذ سنوات.
.....بداية لم نسمع اعتراض الدول الخليجية على الاتفاق الصيني الإيراني، فهذه الدول تعي تماماً أن الصين لا تتخذ طرفاً إلى جانب أي دولة على حساب دول أخرى، وتدرك جيداً أن بكين تحاول أن تكون قريبة من الجميع، وتتفهم أن الصين المستورد الأكبر للبترول في العالم وتنتهج سياسة عدم الاعتماد في مصادر الطاقة على طرف واحد، بل تبحث دائماً عن تنويع مصادرها لتقليل المخاطر المحتملة في حال حصولها مستقبلاً. كما أن الصين دائماً ترفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول وهو ما كرره وزير الخارجية وانغ يي في الزيارة التي قام بها مؤخراً إلى الشرق الأوسط. ولربما سيكون للصين دور مهم في عقد الحوار بين دول الخليج وإيران لتهدئة التوتر في المنطقة. وكانت إيران قد أعلنت سابقاً أنها مستعدة للحوار مع الدول الخليجية. وفي تطور لافت قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في حوار مع شبكة CNN الأميركية حول سؤاله عن امكانية جلوس الرياض وطهران حول طاولة واحدة أجاب بأن هذا الأمر واقعي تماماً.
علاوة على ذلك فقد وقعّت الصين اتفاقيات للتعاون الاقتصادي والأمني مع مختلف دول الشرق الأوسط، فقد أبرمت اتفاقيات تعاون مماثلة مع العراق (2015) والسعودية (2016) والإمارات (2018). فالصين تسعى إلى ضمان عدم تأجيج الخصومات الإقليمية . تدرك الصين أهمية ومكانة السعودية في الشرق الأوسط ودورها الكبير في تأمين الاستقرار والأمن في المنطقة. ويبدو أنه لهذا السبب أطلق وزير الخارجية الصيني مبادرة السلام من على أراضيها. وتأتي زيارته إلى المملكة قبل إيران لازالة أي التباس يمكن أن يحدث بعد زيارته للأخيرة خاصة أن العلاقات الصينية السعودية هي متينة وفي تطور مستمر، وليس من مصلحة الصين أو السعودية التي هي أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين أن تتدهور علاقاتهما، بل على العكس اتفقت السعودية والصين خلال زيارة وانغ يي على المضي قدماً في تطوير علاقاتهما. وتعهد الطرفان بمعارضة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى في إشارة واضحة إلى الإدانة الدولية المتزايدة “لمعاملة” الصين لمسلمي الإيغور. وقبل زيارة وانغ أعلن رئيس شركة النفط السعودية “أرامكو” أمين الناصر أن تأمين احتياجات الصين من الطاقة هو من الأولويات القصوى للشركة.
ومن جهة أخرى، تقوم مبادرة الصين للسلام على تحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية وذلك من شأنه أن يبدد مخاوف السعودية من تملك إيران السلاح النووي. كما أنه ليس من مصلحة الصين تملك إيران للسلاح النووي لأن من شأن ذلك أن يهدد الاستقرار في المنطقة إذ من المحتمل أن تلجأ دول أخرى إلى تطوير أسلحة نووية. فضلاً عن ذلك بدأت الولايات المتحدة الأميركية تفقد ثقة دول الخليج العربي لا سيما مع مجيء الرئيس بايدن إلى السلطة... وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تريد الخروج من الشرق الأوسط ولم يعد الأخير من أولويات الادارة الأميركية إذ قرر الرئيس جو بايدن مواجهة الصين لمنع صعودها فهل سيترك بايدن المنطقة إلى روسيا والصين؟ أم سيغير موقفه بعد زيارة وزير الخارجية الصيني إلى المنطقة وتوقيع الاتفاق الصيني الإيراني والمضي قدماً في تنفيذ مشروع طريق الحرير الذي أعرب بايدن عن قلقه منه حتى أنه اقترح على رئيس وزراء بريطاني بوريس جونسون إيجاد نظير لمبادرة طريق الحرير الصينية؟ أمام الرئيس بايدن عدة خيارات إما الخروج من الشرق الأوسط وتركه لروسيا والصين وهو ما استبعده وإما منافسة الدولتين أو الاتفاق معهما...... بالمحصّلة الصين لا تسعى إلى الهيمنة ولا إلى بسط نفوذها ولا إلى توتير علاقاتها مع أميركا، أو أن تملأ الفراغ في الشرق الأوسط بعد تراجع دور الولايات المتحدة الأميركية فيه، بل هي تريد تحقيق الاستقرار والأمن في منطقة مزقتها الحروب وتشهد توترات متتالية من أجل تحقيق التنمية لبلدان الشرق الأوسط من جهة ولانجاح مبادرة الحزام والطريق التي أعلن عنها الرئيس الصيني شي جين بينغ وحماية استثمارتها واستيرادها النفط وايجاد أسواق لبضائعها من جهة أخرى.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article