0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

48 - أحفاد اليهود السودانيين يحلمون بالعودة إلى الماضي(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí


في مقبرة بمنطقة شعبية في الخرطوم تغطي أنقاضٌ شواهد قبور تحمل كتابات عبرية وتشهد على التاريخ الطويل المنسي لليهود السودانيين. وتحيط بالمقبرة المهملة شوارع صاخبة مليئة بالقمامة ومحلات إطارات السيارات. وقال الصيدلاني منصور إسرائيل المقيم في العرضة الذي كان يسمى لفترة طويلة بـ”الحي اليهودي” في مدينة أم درمان المحاذية للخرطوم على الضفة الأخرى لنهر النيل، إن “كل ما تبقى من الجالية اليهودية السودانية هو هذه المقبرة المتداعية وبعض الصور القديمة والذكريات”. ويطلق على اليهود في السودان اسم “البنيامين”، حيث جاؤوا لاجئين في أكبر موجة هجرة لهم في نهايات القرن التاسع عشر، واستوطنوا مدينة أم درمان، وقاموا ببناء أول معبد لهم عام 1889، وجرى تكوين رابطة للجالية اليهودية حينها برئاسة “بن كوستي” ابن حاخام يهودي تعود أصوله إلى إسبانيا. وترجع أغلب العائلات اليهودية في السودان إلى التصنيف اليهودي المعروف بـ”السفارديم”، وهم يهود الأندلس الذين هاجروا بعد سقوط غرناطة الشهير عام 1492 إلى شمال أفريقيا ثم في فتراتٍ تالية إلى السودان.
ومن تلك العائلات، يهود آل إسرائيل، آل قرنفلي، آل منديل، آل كوهين، آل قارون، آل ساسون، آل حكيم ويهود آل سلمون ملكا وهو حاخام من يهود المغرب استقدمه يهود السودان من أجل إقامة الصلوات وتعليم الصغار. وفي ذروة وجود اليهود في السودان في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، كانت هناك نحو 250 أسرة حسب المؤرخة البريطانية ديزي العبودي، وهي نفسها من أحفاد سودانيين يهود، لكن هذا المجتمع تقلص بعد إنشاء دولة إسرائيل في 1948 وما أعقب ذلك من توتر مع العالم العربي. ويروي منصور إسرائيل (75 عاما)، المولود لأب اعتنق الإسلام، بفخر أن جده اليهودي العراقي هاجر إلى السودان. وبحلول سبعينات القرن العشرين كان معظم اليهود قد غادروا السودان، حسب المؤرخة. وقالت إنه تم إخراج رفات بعض الموتى في 1977 ودفنت في القدس. وما زالت الكثير من القبور موجودة، لكن قلة منها “ما زالت لديها شواهد”. وقال منصور إسرائيل الذي شهد رحيل كثير من أصدقائه إلى الدولة العبرية إن “القلوب تغيرت كثيرا في السودان”. وهو يملك ذكريات جميلة للأيام التي كان فيها حيه متنوعا. وأوضح أن العرضة كان آنذاك “منطقة تضج بالحياة وفيها الكثير من اليهود وكذلك اليونانيين والأرمن”. وهو يتذكر أن “الجميع كانوا يشاركون في الاحتفالات والأعياد”.
وقالت العبودي إن أزمة السويس في 1956 التي هاجمت فيها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مصر للسيطرة على القناة أدت إلى تسريع رحيل اليهود. ورغم حصول السودان على استقلاله من الحكم المشترك البريطاني – المصري في 1956، بقيت الأوضاع السياسية في البلدين متداخلة. لكن الضربة القاضية لليهود السودانيين كانت حرب يونيو 1967 عندما احتلت إسرائيل أراضي عربية. ويتذكر منصور إسرائيل أنه “تلقى تهديدات عبر الهاتف بسبب اسمه الأخير”، وقال “تخيل ما كان عليه الحال بالنسبة إلى اليهود”. ولحماية أنفسهم من أي مضايقات أو عزل اختار بعضهم عدم إظهار يهوديته، بل هناك منهم من اختار أسماء لا تشير أو تدل على أصولهم اليهودية، فكانوا يحملون أسماء عربية مثل المغربي، البغدادي والإستانبولي، وهي أسماء تدل على الأماكن التي جاؤوا منها أو عاش بها أجدادهم أو آباؤهم، وكانوا يتحدثون اللغة العربية باللهجة السودانية أو المصرية ويتحدثون الإنجليزية بطلاقة وبعض اللغات الأخرى كالفرنسية والإسبانية. مع ذلك تدهور وضعهم “بشكل أقل حدة في السودان من أي مكان آخر في الشرق الأوسط”، حسب العبودي التي أوضحت أن معظمهم غادروا البلاد لأنهم “أدركوا أنه لم يعد لهم” مستقبل فيها. وقد هاجروا إلى إسرائيل وكذلك إلى بريطانيا والولايات المتحدة خصوصا، على حد قولها.
وخلال عهد الرئيس عمر البشير تبنى السودان موقفا متشددا حيال اسرائيل، لكن منذ إقصائه عن الحكم في أبريل 2019 سعت الحكومة الانتقالية إلى العودة إلى الساحة الدولية. وقد حققت العام الماضي تقاربا مع الولايات المتحدة ووافقت على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في مقابل رفع العقوبات الأميركية عن السودان. لكن “اتفاقات أبراهام” التي وقعها السودان وإسرائيل في يناير لن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد المصادقة عليها من قبل البرلمان السوداني الذي لم يتم انتخابه بعد. أزمة السويس في 1956 التي هاجمت فيها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مصر للسيطرة على القناة أدت إلى تسريع رحيل اليهود أزمة السويس في 1956 التي هاجمت فيها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مصر للسيطرة على القناة أدت إلى تسريع رحيل اليهود مع ذلك وافق مجلس الوزراء الثلاثاء على مشروع قانون لإلغاء مقاطعة الدولة العبرية.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article