75 :عدد المقالاتالاثنين27.9.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

25 - مرحلة جديدة في العلاقات الأردنية الإسرائيلية تتجاوز الخلافات(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

- (لقاء سري بين يائير لابيد والعاهل الأردني عبدالله الثاني في عمان - انفتاح أردني مشروط): منذ رحيل حكومة بنيامين نتانياهو، بادرت الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت بالانفتاح على الأردن في مسعى لإذابة الخلافات واستئناف العلاقات الدبلوماسية مع عمان، إلا أن ضوابط الأردن لتصويت العلاقات مع تل أبيب تبدو صعبة التحقيق إن لم تكن معدومة.
عمان - رغم أن المحادثات الإسرائيلية – الأردنية التي اتخذت نسقا متصاعدا ومكثفا منذ تولي نفتالي بينيت رئاسة الوزراء في تل أبيب تؤشر على بداية إذابة الخلافات مع الأردن في العديد من الملفات العالقة، إلا أن محللين يستبعدون أن يحقق الطرفان تطبيعا كاملا ينعش العلاقات الدبلوماسية شبه المقطوعة منذ سنوات. وقالت قناة التلفزيون الإسرائيلية “i24” الأحد إن وزير خارجية إسرائيل يائير لابيد التقى سرا في عمان الشهر الماضي بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. وذكرت القناة أنه تم خلال اللقاء بحث ومناقشة الوضع حول المسجد الأقصى في القدس. ووفقا للقناة ناقش الطرفان التوترات حول الحرم القدسي في مايو 2021، والتي أدت إلى اشتباكات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس، وأسفرت عن تصعيد حاد للصراع على الحدود مع قطاع غزة. بالإضافة إلى ذلك ناقش الملك عبدالله الثاني ولابيد تعزيز العلاقات بين الأردن وإسرائيل.
وهذا ليس اللقاء الأول الذي يجريه لابيد مع القيادة الأردنية، إذ أجرى في أوائل يوليو الماضي محادثات مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في منطقة المعبر الحدودي عبر نهر الأردن، وتم خلالها التوصل إلى اتفاق بشأن توريد 50 مليون متر مكعب إضافية من المياه إلى الأردن. ويرى مراقبون أن الضغوط المناخية المتفاقمة دفعت كلا من الأردن و إسرائيل إلى زيادة غير مسبوقة في التعاون من أجل مكافحة الجفاف، ما قد يساعد البلدين في إنعاش العلاقات الدبلوماسية المقطوعة. ويشير هؤلاء أن التعاون في مجال الموارد المائية قد ينتعش تحت ضغط التغير المناخي الذي يتسبب بموجات جفاف تزداد حدة، ما يلعب دورا أيضا في تحسين العلاقات بين البلدين على أصعدة أخرى. وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني صحة الأنباء التي راجت حول لقاءين جمعاه برئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت ووزير دفاعه بيني غانتس مطلع يوليو الماضي.. وجاء ذلك وفق مقتطفات نشرتها شبكة سي.أن.أن الإخبارية الأميركية على موقعها الإلكتروني باللغة العربية، لمقابلة أجرتها مع العاهل الأردني. وقال الملك عبدالله خلال المقابلة “خرجت من تلك الاجتماعات (لقاءاته مع بينيت وغانتس) وأنا أشعر بالتشجيع الشديد، وأعتقد أننا رأينا في الأسبوعين الماضيين، ليس فقط تفاهما أفضل بين إسرائيل والأردن، ولكن الأصوات القادمة من كل من إسرائيل وفلسطين تشير إلى أننا في حاجة إلى المضي قدما”.
ويتطلب تصويب عمّان لعلاقاتها مع تل أبيب مجموعة من الضوابط يقول مراقبون إن القيادة الإسرائيلية الجديدة لن تستجيب لأغلبها رغم الانفتاح الذي تبديه. وتلوح إشارات إيجابية في الأفق لتبريد الخلافات مع الأردن في ظل قيادة إسرائيلية جديدة أبدت انفتاحها على الجار الإقليمي المهم. وشهدت العلاقات بين الأردن وإسرائيل جفاء واضحا في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو (2009 – 2021)، لدرجة دفعت الملك عبدالله الثاني إلى وصفها خلال جلسة حوارية في الولايات المتحدة بأنها “في أسوأ حالاتها”. ودفعت انتهاكات إسرائيل المستمرة بحق المسجد الأقصى وفي القدس بشكل عام نحو المزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، حيث تمثل تجاوزا صريحا من تل أبيب لدور عمّان ووصايتها على المقدسات الفلسطينية. وتشرف دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية على المسجد الأقصى بموجب القانون الدولي، حيث يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على مقدسات المدينة قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وأدت الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، وما رافقها من حراك أردني رسمي واحتجاجات شعبية واسعة، إلى المزيد من اتساع الشرخ في العلاقات بين عمّان وتل أبيب، لاسيما وأن إسرائيل تجاهلت بانتهاكاتها الدور الأردني تجاه مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى. وفي شهر مارس الماضي توترت العلاقات بين إسرائيل والأردن على خلفية إلغاء زيارة نتنياهو للإمارات بسبب صعوبات تنسيق الرحلة إلى أبوظبي عبر المجال الجوي الأردني. وقبل ذلك بوقت قصير ألغى وليّ العهد الأردني الأمير الحسين زيارة إلى المسجد الأقصى في القدس، بسبب خلافات مع تل أبيب حول الترتيبات الأمنية. ويؤكد مراقبون أن الأردن لديه مصالح أساسية في تعامله مع إسرائيل، ولا بد من احترامها (من جانب تل أبيب)، وفي مقدمتها الأماكن المقدسة ووصاية المملكة عليها وحل الدولتين. ويشير هؤلاء إلى أن أي إجراء إسرائيلي يهدف إلى تغيير الوضع الراهن في فلسطين يؤدي إلى التأثير بشكل سلبي على العلاقة مع الأردن، وذلك يشمل الاستفزازات المستمرة من قبل المستوطنين والحكومة الإسرائيلية داخل الأراضي المقدسة، كالتهجير وبناء المستوطنات ومنع المصلين من إقامة شعائرهم، وهذا ما يمسّ بالوصاية الهاشمية.
وتوقفت مفاوضات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية منذ أبريل 2014 لعدة أسباب بينها رفض إسرائيل وقف الاستيطان وإطلاق سراح معتقلين قدامى. ويشير متابعون إلى أن أيّ جمود في حل الدولتين الذي تدعمه الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من جانب إسرائيل سيؤدي بالضرورة إلى مزيد تأزيم العلاقة مع الأردن. ويقول هؤلاء إن الاتصالات الأردنية – الإسرائيلية، التي نشطت الآونة الأخيرة، جزء من تكتيك دبلوماسي يخدم السياق السياسي الذي يعمل به الأردن مع الإدارة الأميركية الجديدة. وتستبعد أوساط سياسية أردنية حدوث تغير كبير على مستوى العلاقات الأردنية – الإسرائيلية خلال عهد بينيت، لعدة اعتبارات أولها أن هناك أولويات أخرى لدى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فضلا عن كون جميع المؤشرات توحي بأنه لا تغيير على مستوى السياسة الإسرائيلية تجاه القدس وهي أحد الأسباب التي أدت إلى تأزم العلاقات بين الطرفين. وتقول هذه الأوساط إن الجانبين قد يحرصان على الحفاظ على قدر من الاستقرار في العلاقة وتخفيف التدهور الحاصل، في ظل وجود قيادات إسرائيلية في التحالف الحكومي على غرار زعيم أزرق أبيض بيني غانتس تدعو إلى ضرورة تحسين العلاقات مع عمّان لكونها مهمة بالنسبة إلى الأمن القومي الإسرائيلي، لكن ذلك لن يقود إلى انفراجة تامة. وعلى الرغم من أن الأردن يعد من الشركاء الاستراتيجيين الأكثر أهمية لإسرائيل، فقد هجرت حكومات نتنياهو علاقاتها معه واكتفت بالتعاون الأمني عمليا.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article