63 :عدد المقالاتالاربعاء8.12.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

8 - سياسة تصفير المشاكل الإماراتية: هل سيلتقي موفدو الإمارات بحزب الله والحشد الشعبي والحوثيين(د. حامد أبو العز)(راي اليوم)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

تشهد إيران هذه الأيام تزاحماً للوفود الدبلوماسية من الدول الجارة والصديقة. ولعل جدول لقاءات الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بات لا يستوعب لقاءات جديدة. حطت رحال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في طهران والتقى كل من الرئيس الإيراني ووزير الخارجية أمير عبداللهيان. في ذات الوقت سافر مهندس الدبلوماسية الخارجية الإماراتية الجديد طحنون بن زايد إلى طهران والتقى كذلك بكل من الرئيس الإيراني والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني. في البداية، لا بد من القول بأنّ هذه الزيارة الإماراتية إلى طهران ليست الزيارة الأولى من نوعها، فعلى الرغم من توتر العلاقات بين البلدين إلا أن الزيارات السرية لم تتوقف. وكذلك تجدر الإشارة إلى أن التعامل الاقتصادي بين البلدين كان في أعلى مستوياته على الإطلاق، فكلا البلدين نجحا معاً في تحييد الجانب الاقتصادي عن التشاحن السياسي، وعليه فقد كانت الإمارات الوجهة الثانية بعد الصين للصادرات والواردات الإيرانية.
تاريخياً، لقد كانت الإمارات ملجأً مهماً لإيران للالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة خلال 20 عاماً. فأغلب الشركات الإيرانية وشركات الصيرفة وغيرها من الشركات كانت تتخذ من الإمارات مقراً لأعمالها وذلك للفرار من العقوبات الأمريكية. بعد أحداث الربيع العربي، والتوهم الذي أصاب الإمارات من أن إيران العدوة الأولى في المنطقة، واتجاه الإمارات إلى محاربة الإسلام السياسي والقيام بالثورات المضادة، شهدت العلاقات تحولات خطيرة للغاية بلغت ذروة هذه التوترات في مناسبتين مهمتين للغاية: المناسبة الأولى: هي عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني، حيث توجهت طهران برسالة شديدة اللهجة إلى الإمارات وحذرت الأخيرة من أنّ أي طائرة أو مسيّرة تخرج من الأجواء أو الأراضي الإماراتية لاستهداف إيران فإن إيران ستقوم بقصف الأراضي الإماراتية دون هوادة. المناسبة الثانية: كانت عملية التطبيع الإماراتي مع العدو الصهيوني، حيث نظرت إيران إلى هذا التطبيع على أنه تهديد للأمن القومي الإيراني وبأن الإمارات جلبت إسرائيل إلى الحدود القريبة من إيران. أخبرت إيران القيادة الإماراتية بأن التواجد الإسرائيلي في المنطقة غير مقبول وبأنه سيواجه برد عنيف للغاية من قبل إيران.
بعيداً عن التاريخ، تعتبر هذه الزيارة مهمة للغاية وذلك لعلانيتها أولاً وللسياق الذي تأتي فيه ثانياً. يتساءل البعض حول التغير الذي يطرأ على السياسة الخارجية الإماراتية وهذه المساعي الحثيثة للجمع بين المتناقضات؟ الجواب باختصار، يبدو بأن الإمارات فهمت موازين القوى بشكل جيد، وقرأت التفوق الإقليمي لهذه الدول دون تخاريف وتعظيم للذات. فقد علمت الإمارات بأنّ سوريا صمدت أمام مؤامرة كونية استهدفتها على مدار عشر سنوات من الدم، وعلمت الإمارات بأن إيران لا تتساهل مع من يتخطى حدودها الحمراء، إذ أن الهجوم الإيراني ضد السفينة الإسرائيلية “ميرسر ستريت” وتعمد إيران أن يكون الهجوم في مياه الخليج وبأن ينجم عن الهجوم خسائر بشرية؛ يحمل في طياته رسائل إلى الجارة الإمارات بأنه لا تهاون في مسألة الأمن القومي. كما قرأت الإمارات الفرار الأمريكي من أفغانستان بتمعنٍ كبير، وعليه فلا بد من تقبل الواقع والجلوس مع الإيرانيين مباشرة. لقد فهمت الإمارات بأنه لا حماية من قبل إسرائيل وأمريكا وفهمت بأنّ التطبيع لم يحمل لها مصالح اقتصادية ولا مصالح أمنية. لذلك شعرت إسرائيل بالقلق البالغ وهي اليوم تحاول إرسال مندوبيها إلى الإمارات. ما ينقص سياسة “تصفير المشاكل” التي تتبعها الإمارات اليوم هو أنها يجب أن تفهم موازين القوى كذلك في كل من لبنان والعراق واليمن، ومن يدري لعل الزيارات القادمة تكون نحو العراق ولبنان واللقاء بحزب الله والحوثيين والتفاهم معهم!!!(باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية/كاتب فلسطيني)
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article