63 :عدد المقالاتالاربعاء8.12.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

17 - قرداحي قال كلمته ومضى أيها الأمير لا يسرك من يغرك(محمد جميلي)(راي اليوم)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

لم تنته قصة جورج قرداحي بالاستقالة، فلا زالت تداعيات مقطع فيديو لمشاركته كضيف في برنامج “برلمان الشباب” حول حرب اليمن التي وصفها ب”العبثية” يثير الجدل ويسيل الكثير من الحبر، كما أن الأزمة الدبلوماسية المفتعلة حول تصريحاته قبل الإستوزار لا زالت سارية المفعول، والمستفيد الأوحد هو الوسيط الفرنسي وفق قاعدة “مصائب قوم عند قوم فوائد…” ومع كل ذلك سواء أكانت الإستقالة طوعا أو كرها، لقد حملت نازلة الوزير الكثير من الإيجابيات أهمها عودة لبنان إلى أولويات الأجندة السياسية في المنطقة ، مع ضبط إيقاع السياسة اللبنانية التي لامست الاحتراب، وارتد الهجوم على أصحابه و أعطى لشعار السيادة والاستقلال… معنى بعدما كان شعار في يد هذا الفريق أو داك يستعمل متى شاء و كيفما شاء…
وبعيدا عن تفاصيل القصة اللبنانية و إذا وضعناها في سياق العبث العربي، أحيت قصة صاحب البرنامج الاجتماعي “المسامح كريم” الجدل القديم الحديث حول العلاقة الجدلية بين المثقف و السلطة، و قدرة التطويع التي تمارسها الأخيرة ترغيبا و ترهيبا، وفق إيواليتين الإحتواء أو الإقصاء ليس هناك هامش للمناورة يبقى المثقف الملتزم محكوم بالعزل و الإقالة و ربما الاغتراب بسبب مواقفه… ضريبة يؤديها من امتلك ناصية القول الصادق، في بحر الْمُدَارَاة و التقية تبقى الفرص ضئيلة أمام أي صوت حر يغرد خارج السرب، قصة جورج ليست بدعا من قصص كوكبة من المثقفين العرب الذين وضعوا لأنفسهم خطا ليس بالضرورة رافضا للطبقة السائدة أو النسق و الأنماط الثقافية المفروضة و لكن يمتلك قدرا من الاستقلالية عن إغراءاتها و جاذبيتها.
السؤال المحير هل يستحق رأي في معضلة بحجم ازمة اليمن كل هذا الغضب وهذا الاصطفاف الخليجي؟، هل أتى كبيرة من الكبائر تخرجه من العروبة؟. امام هذا الصمت الذي يتعايش مع أمراض تنخر جسم الامة دون أن يجرأ الطبيب على التشخيص السليم. الأستاذ جورج وضع يده على الجرح الذي يستنزف الأمة العربية ومقرداتها، نعم غزوات العرب العبثية من سوريا إلى اليمن حروب مستنزفة للطاقات و الموارد، دون أن تمتلك النخب الحاكمة على عقلنة هذا الهديان والإندفاع ل”الخسران المبين” نعم حرب اليمن عبثية، و يحتاج الساسة الجدد في المملكة إلى مقاربة خلاقة لاحتواء تداعياتها، ولا يكون ذلك إلا بتغيير “البراديغم” لمناولة كل الإشكالات العربية… عندما يتوجه المخلصون بالنقد لبعض السياسات السعودية ليس نكاية ولا اجتراءا بل من باب الحرص على مكانتها الاعتبارية لكونها ركن من أركان العروبة، و يكفيها فخرا أنها رعت الطائف الذي ألف بين المحتربين اللبنانيين… ويبقى السؤال هل العيب في طغيان السلطة، أم في نخب فكرية عودت السلطة أن تسمع ما يطيب لها و يحلو فاتستعذبه واطمئنت إليه، وغلب سحر الكلام على واقع الحال!… لقد بحت حناجر المخلصين، من التحذير المبين من وقوع في شرك ومتاهات و فخاخ الفوضى اللاخلاقة دون جدوى، ونختم بمقولة عمرو بن العاص لمعاوية: “أيها الأمير لا يسرك من يغرك”.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article