63 :عدد المقالاتالاربعاء8.12.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

18 - قرداحي ومحمد صلاح وأبو تريكةودوتش فيله الألمانية: قائمة المحرمات تطول انهم يقمعوننا وحرياتنا وقيمنا(خالد شحام)(راي اليوم)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

خلال الأسبوع الماضي قامت محطة (دي دبليو ) الألمانية بإيقاف عدد من الموظفين العرب العاملين في أقسامها داخل وخارج المانيا وشكلت لجنة تحقيق في مزاعم قيام هؤلاء بشن حملات ( كراهية ) ضد الكيان الصهيوني واستخدام كلمات وتعابير تتصف بالعداء للسامية وتتنافى مع موروث الهلوكوست الذي أصبح كتابا سماويا يتوجب على الكل احترامه والعمل بما فيه والايمان والتسليم المطلق بصحة المحتوى الذي تعرض له اليهود على يد النازيين ! طبعا لن نستفيض في التفاصيل بأن هذه قناة الألمانية تحظر على موظفيها والعاملين في الشرق الأوسط تحديدا ذكر أية مصطلحات يمكن أن تمس اليهود او دولة الكيان بأي نوع من الخدش أو الايذاءالمعنوي فكلمات مثل : احتلال – استعمار – مستوطنين – شهيد – قمع – استيلاء – قتل …. كل هذه المحرمات تحولت إلى قوالب جاهزة انتصرت فيها دولة الكيان على محطة إعلامية حكومية كما انتصرت عالميا لأن نفس الحكومة الألمانية لا تزال تخضع للإملاءات الأمريكية واليد الصهيونية الطولى فيها ويكفي وجود مطبلين ومدافعين ونائبين عن دولة الكيان في الداخل الألماني ليتكفلوا بمهمة قصف قناة دي دبليو لكي تتراجع وتخاف وتركع وتفعل ما تؤمر به في زمن الفتوحات الاسرائيلية التي صارت من شرق وغرب وشمال وجنوب أيضا! طبعا ليس من الضروري أن نشرح ونستحضر أمثلة حول سلطة وهيبة قانون إنكار الهولوكوست الذي يجرم ويتسبب في اعتقال كل من ينكر أو يمس الطرف اليهودي أو يدعي عليه بعكس ما تقول لوائحهم التاريخية.
في حادثة أخرى غير بعيدة تمت إقالة الوزير اللبناني جورج قرداحي في مسرحية مضحكة مبكية لأنه تجرأ وصرح بطريقة ناعمة وذكر ما نسبته واحد في الألف من حقيقة الحرب في اليمن الحزين عندما ذكر في لقاء سابق بأن حرب اليمن غير عادلة وظالمة! .. السؤال الذي ياتي هنا بالمناسبة: ماذا لو أن الرجل قال الحق كاملا؟ ما الذي سيحصل للبنان المسكين؟ في موقف مشابه غير بعيد عن نفس الصنف من ثقافة الكلام المحرم والذي يتمتع بخطوط حمراء أخرى يطل لاعب الكرة المصري محمد صلاح ويدلي بتصريح يرواد فيه بين الأحقاق والإنكار حول شرب الخمر وكأنه يريد أن يقول (نعم أنا أؤيد ولكنني أعارض) أو كأنه لا يتجرأ على إطلاق كلمة التحريم حول الخمر أو يخشى شيئا من الضرر سيترتب على كلماته، ومن قبل هذا الرجل خرج لاعب مصري آخر (محمد أبو تريكة) وصرح بان المثلية الجنسية ظاهرة تخالف فطرة الإنسان! وايضا بطريقة خجولة وناعمة ومع ذلك لم يسلم من الهجوم والقصف الإعلامي لأنه (تجاوز خطا أحمر) أصبح مفروضا على العالم بأكمله!
في العقد الماضي من القرن الجديد تحولت كلمة الجهاد الإسلامي والتي تمثل فرض عين على كل مسلم في عقيدته عندما تستباح بلاده وشرفه وعرضه إلى واحدة من المحرمات القصوى وصار كل من يتلفظ بهذه الكلمة يتلفت حوله أو ينكمش داخل ملابسه كي لا يسمعه أحد وبالتبعية انكمشت روح المقاومة والمعارضة في روح كل عربي وكل مسلم وصارت تطل على استحياء وخجل وضعف كلما نادت البلاد أهلها حتى ضاعت البلاد وتلاشى أهلها وصاروا مع ممالك النمل والجراد، تباعا أضيفت مكونات جديدة لقوائم المحرمات وصار الإتيان على ذكر حماس أو حزب الله او أي من فئات المقاومة العربية شيئا من الخطيئة التي تتعرض من خلالها للملاحقة والحبس
ومنذ أيام غير بعيدة شاهدنا وسمعنا كيف أن الحكومة البريطانية التي تدعي الديموقراطية والنزاهة أدرجت حماس بشقيها العسكري والسياسي كحركة مقاومة ضمن قوائم (الإرهاب) وصار من المحرمات أن تأتي على ذكر حماس أو أي من مشتقاتها حتى لا تتعرض للحبس لمدة عشر سنوات، ومن طرائف الأخبار ذات الصلة أيضا أن دولة الكيان المجرم وقبل أسابيع قليلة أدرجت ست منظمات مدنية تعنى بشؤون الأسرى والمعتقلين والقضايا المدنية الفلسطينية ضمن قوائم الأرهاب الكذاب وصارأي تعاطي او تواصل مع هذه المنظمات بمثابة جريمة تتعرض بموجبها للحبس والملاحقة القضائية ! ولو أردت ان أتقصى وأعدد لكم سجل المحرمات الذي تم فرضه علينا لأحتجت ضعف سعة هذه الكلمات . من الواضح تماما أننا اليوم امام حملة تركيع وتكميم وتحجيم للكلمة والرأي والفكرة من المقياس الكبير في توافق تام مع الدين الجديد الذي يتم الإعداد له ، هذا التكميم لم يعد متعلقا بإنتقاد الهولوكوست والخرافة اليهودية التي سادت العالم لفترة سنوات طويلة ولا تزال ، اليوم هنالك تجهيز وإعداد لمرحلة جديدة من المحرمات بحيث تتعرض للملاحقة القانونية والقضائية إذا أنكرت أو حاولت التقليل من شأن الثوابت الجديدة لعالم اليوم الجديد : ستكون ملاحقا إذا تهجمت على المثلية أو قللت من احترام هذه الفئة – ستكون مطاردا إذا ذكرت أن اليهودية ليست جديرة بالقومية والديانة الموحدة – ستكون مرجوما إذا تفوهت أو أتيت على ذكر شيء من قبيل أن الحرب في اليمن ظالمة أو غير عادلة ! أو أن البلد الفلاني عميل وخائن لشعبه وقومه وامته – ستكون مطاردا اذا رجمت الديانة الابراهيمية بحجر او حصاة وستكون قابلا للعزل والتفنيش والتطفيش إذا تمسكت بمبادىء الإسلام وستكون متشددا ومتزمتا ارهابيا إذا ثبت ايمانك أو تعاطيك لكلمة الجهاد أو المقاومة أو أي من هذه المشتقات المحرمة – ربما ستصبح منبوذا إذا ثبت أنك تقبل الإسلام كدين أو عقيدة حياتية – سوف تجرم إذا شتمت الرئيس الأمريكي أو قللت من احترامك لرئيس وزراء الكيان – سوف تعتقل وتحاسب إذا احرقت علم دولة الكيان أو مزقت علم بريطانيا أو فكرت بحرق علم الولايات المتحدة – سوف تكون صحافيا مغامرا ومعرضا للتحييد إذا فكرت برفع شعار المعارضة أو الوقوف ضد النهج الاسرائيلي في الزمان الاسرائيلي ، سوف تغلق محطاتك وفضائياتك إذا علموا أن فيها من يقول لا اله الا الله وان محمدا رسول الله !
كيف ولماذا وصل بنا الحال إلى هذه المرحلة الأكثر إنحطاطا حيث يتوجب علينا أن نعد كلماتنا ونوزنها على الميزان الصهيوني قبل أن نتلفظ بها ؟ كيف وصل بنا الحال أن الأفكار التي تدور في عقولنا يجب أن تكون مباحة ومسموحة وممنوحة الإذن من كبار الطغاة والمجرمين في هذا العالم ؟ كيف وصل بنا الحال إلى أن أرذل الخلق هم من يقررون ماذا نحلل وماذا نحرم ! ماذا نقبل وماذا نرفض ! كيف نصلي وكيف نصوم وكيف نتعبد ! كيف وصل بنا الحال إلى هذا المستوى الذي أصبحنا فيه نتلقى تعاليم عقيدتنا وطبيعة حياتنا وفقا للرؤية الخارجة عن كل عقل وكل دين وكل صواب وكل منحى صحيح من الحياة ؟ لقد وصلنا إلى ذلك لأننا أبتلينا بمن حولوا حياتنا إلى مسرحية والشعوب إلى دمى من ورق وبلاستيك لا قيمة لها لا في الماضي ولا في الحاضر ! لقد وصلنا إلى هذه المرحلة المخزية من التبعية والإذلال والإمتهان الفكري عندما قبلنا أن نكون دوما في ذيل الأمريكان والغرب والدول الأوروربية التي تغرق يداها في دماء العرب والمسلمين وقبلنا أن نعيش حياتهم ونطبق أذواقهم وأنمط حياتهم في كل شيء في حياتنا وفقا لفقه الحكم العربي الذي حرم كل شيء وأباح الحرام ! لقد وصلنا إلى هذا المنعطف التاريخي الذي سيفرض علينا بعد قليل أناشيد التلمود ومعيشة البهائم وتدجين الحظائر لأن لدينا أنظمة أذلت شعوبها وحولت البلاد إلى خرابات من الفقراء والجهال وعبدة القرش وفاقدي الإنسانية ! وطواقم كاملة من الفاشلين في بلادهم والذين يسعون لعمل في ألمانيا وامريكيا وتركيا والصين لأن بلادهم غير قادرة على إنشاء مشاريع وطنية حقيقية …….. لقد وصلنا هذا الحال ليس لنقص في مال ولا ثروات ولا أرض ولا شجر ولا حجر بل لنقص في الكرامة التي سرقتها الأنظمة العربية وباعتها لبني صهيون وثملوا على شرف الجريمة طيلة ليلة كاملة بلا قمر ولا قدر ولا سفر ! هنالك قناديل كثيرة يمكنني قولها كي نهتدي بها في ليل العرب الطويل ولكني سأختار واحدة منها فقط وضعها رب الكون العظيم لتكون دليلا لمن فقد الدليل ومنارة لمن فقد الرؤية في هذا العالم غير العادل، إنها كلمات الثبات والمنهج القويم الذي سيعيد لنا حق الكلمة وحق الفكرة وحق الحياة كما نحن نختار وكما نحن نريد. (يَٰبُنَىَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلْأُمُورِ)
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article