63 :عدد المقالاتالاربعاء8.12.2021
 
 

 

الصحافة العربية :

33 - بعض السياسة في كأس العرب لكرة القدم(محمد كريشان)(القدس)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

ها هي الكرة تُبرز أحيانا ما فشلت فيه السياسة. لقد أظهر كأس العرب لكرة القدم المقام حاليا في قطر لأيام معدودات ما لم نره في جامعة الدول العربية لسنوات. شيء ما حرّكته، أو نبشته، هذه التظاهرة الرياضية من اللافت رصده والحديث عنه، حتى وإن كان من غير المناسب تحميله أكثر مما يحتمل، تماما كما هو غير مناسب تجاهل ما بدا فيه من مؤشرات ذات دلالة. تنظيم هذه البطولة في عاصمة خليجية تعجّ بجنسيات عربية مختلفة هو الذي سمح بمثل هذا الرصد الذي ما كان ليكون متاحا في عاصمة عربية أخرى، غير خليجية، لا وجود فيها لمثل هذا العدد والتعدد الواسعين للجنسيات العربية المقيمة على أراضيها. مؤشران على غاية من الأهمية، وإن حظي أولهما باهتمام أكبر من الثاني، حدثا في حفل الافتتاح الذي نظم في أحد الملاعب التي ستحتضن بعد عام بالضبط كأس العالم لكرة القدم: الأول هو ما يمكن تسميته «النشيد الوطني العربي الموحد « الذي مزج مقاطع مختلفة من كل الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد جميل، والثاني ردة الفعل الجماهيرية الواسعة في الملعب عند مقطع «فدائي» من النشيد الوطني الفلسطيني الوارد ضمن هذه التوليفة الفريدة التي قدمت.
حين عرضت المقطوعة الموسيقية الموزعة بطريقة عصرية جذابة مع عرض علم كل دولة عربية بطول ملعب كل القدم وعرضه بتقنية الهولغرام الجذابة بدا الاعجاب عاما وطاغيا في كل ركن من أركان الملعب. لم يقف الاعجاب هنا بل امتد إلى مواقع التواصل الاجتماعي العربية على اختلاف مشاربها حتى بدا نوعا من الاجماع على هذا النشيد الذي «دغدغ» شعورا عربيا عميقا ظن الكثير منا أنه تلاشى. صحيح أن الحلم الوحدوي العربي بتعبيراته الأيديولوجية والحزبية من بعثية وقومية وغيرها قد فشل فشلا ذريعا في أكثر من بلد وأكثر من محطة، لكنك ذلك لا يعني بالضرورة أن الانتماء العربي العام بمعناه الحضاري والثقافي، وحتى العاطفي، قد تلاشى أو اندثر. وحين جاء مقطع النشيد الوطني الفلسطيني في هذا العرض الافتتاحي صفق الجميع وهتف في تعبير ذي مغزى أن القضية الفلسطينية ما زالت في وجدان الجميع، رغم الخيبات المتتالية والإحباط وكل جهود إشاعة أجواء الاستسلام والتصالح والتطبيع مع من سرق الأرض وشرّد الشعب وما زال ينكّل بمن بقي منه هناك رغم أنه ارتضى تقاسم الأرض مع سارقها.
أما إذا تركنا هذين المؤشرين الهامين جانبا، فإن تنظيم كأس العرب في قطر في أجواء خفت فيها نسبيا الخلافات الحادة التي كانت سائدة في الأعوام الماضية بين عدد كبير من الدول العربية، ولا سيما في الخليج، قد جعل هذه التظاهرة الكروية الكبرى تجري بعيدا عن أجواء الشحن والكراهية التي سادت مثلا في كأس آسيا عام 2019 في أوج الخلاف الخليجي والمصري مع دولة قطر التي ظفرت بكأس آسيا رغم أن كل عداء الجمهور المعبأ وقتها بتحريض إعلامي غير مسبوق. ومع القطيعة الحالية بين الجزائر والمغرب لا يعرف كيف يمكن أن يكون اللقاء الكروي بينهما إذا ما شاءت التصفيات أن يتم، في وقت ألقى فيه الوضع في سوريا بظلاله على مشاركة منتخبه في كأس العرب في الدوحة. في حفل الافتتاح فوجئ البعض بأن العلم الذي ظهر لم يكن «علم الثورة» بنجومه الثلاثة وإنما «علم النظام» بنجمتيه وكان لا بد هنا من تقديم تفسيرات لبعض المستائين من ذلك عبر التأكيد أن العلم السوري ما زال كما هو في كل المحافل الدولية ولم يتغير وأن «الفيفا» لا تتعاطى إلا مع الأعلام الرسمية المعترف بها دوليا. وحتى في المدارج، لم نلحظ رفعا لعلم الثلاث نجوم، مع أن ذلك لم يمنع بعض المشجعين من أن يرفعوا باحتشام لوحات صغيرة ضد النظام. ساد أيضا جدل بين السوريين، لم يكن ليوجد عند غيرهم، وهو هل أن المنتخب السوري يمثل كل السوريين أم هو أيضا «منتخب النظام» وهو جدل لم يحسم لأنه يعود في النهاية لقناعات كل سوري مما يجري في بلده.
الصحافي السوري المعارض محمد الكن، أراد الخوض أكثر في التفاصيل فكتب التدوينة التالية على حسابه في «فايسبوك»: في كل مناسبة نقرأ أو نسمع جدلية «المنتخب الممثل لكل السوريين» وهو منطق سليم في الحالات «الطبيعية» في فصل الرياضة عن السياسة. الرد بكل بساطة هو «قولوا هذا الكلام للطرف الآخر». بمعنى: 1 ـ اسمح لكل الرياضيين السوريين بالمشاركة. 2 ـ لا تفرض على اللاعبين شرط الولاء لقائد سياسي للانضمام. 3 ـ لا تهدي الفوز لراعي الرياضة والرياضيين أعلاه.
4 ـ لا تقتل، لا تعتقل، أو تهجّر الرياضيين الذين لا يتفقون مع رأي القائد. 5 ـ لا ترسل رابطة مشجعين من المخابرات، ارسلهم من المشجعين.. سهلة صح؟ 6 ـ أطلق سراح المعتقلين الرياضيين. عدا ذلك.. فالمنتخب ليس منتخبا.. وإنما «جهاز» مثل أجهزة الاستخبارات والأمن والجيش والشرطة إضافة إلى «الجهاز الفني».
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article