0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

17 - ـــ الشرق الاوسط:ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

ـــ الشرق الاوسط:
ـ عباس وترمب... حوار القناة الخلفية/نبيل عمرو/الشرق الاوسط:
لم أكن موافقاً على القرار الفلسطيني بقطع العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة، وما زلت غير موافق على اقتصار العلاقة مع إدارة ترمب على القناة الاستخبارية الـ«CIA». وفي سياق التفسير الفلسطيني الصاخب والحاد لقطع العلاقة، وكذلك بعد سلسلة إجراءات أميركية فظيعة ضد الفلسطينيين، بدا مجرد الحديث عن علاقة سياسية مع الأميركيين كما لو أنه كبيرة الكبائر. فمن ذا الذي يقوى على تفسير استمرار علاقة مع إدارة أعلنت ومارست رزمة مواقف مست أسس الحقوق الفلسطينية (القدس واللاجئين وحق تقرير المصير)؟ ومع أن موقفي في هذا المجال ينتمي إلى الأقلية، فإنني أزداد اقتناعاً بسداده مع مرور الأيام. فـ«أميركا ترمب» الإشكالية مع أصدقائها وخصومها على السواء، تحتاج إلى مواجهة مباشرة يضع فيها الفلسطينيون والعرب أوراقهم على الطاولة، وليس من خلال قنوات خلفية أو بالمراسلة. في أوج الخلاف الفلسطيني الأميركي الذي أسفر عن قطيعة سياسية وإجراءات انتقامية من الجانب الأميركي، توجهت بنصيحة للرئيس عباس بعدم قطع العلاقة المباشرة مع الرئيس الأميركي، فبوسعه إدامة العلاقة في ظل الاختلاف، والتمسك القوي بالموقف والحقوق دون أن يقدم أي تنازل؛ خصوصاً أن إدارات أميركية سبق أن أيّدت بل وتبنت الجزء الأهم من الحقوق الفلسطينية، وعنوانها الأبرز حل الدولتين.
كان بوسع عباس الذي أقر ترمب أخيراً بأنه رجل سلام، كما أقر - دون إعلان صريح - بأن رفض الفلسطينيين لخطته وخطواته كان له أبلغ الأثر في تعطيل مبادرته حتى الآن، وإلى أجل غير مسمى، كان بوسعه؛ بل كان واجباً عليه أن يعرض رؤيته لحتمية فشل خطة ترمب في مواجهة مباشرة معه، ليس فقط لأن الفلسطينيين لن يوافقوا عليها، على أهمية وأساسية ذلك؛ بل لأن الاعتبارات الأميركية التي هيأت لترمب حتمية النجاح كانت غير موضوعية، ولا أغالي لو وصفتها بالساذجة. حجج الفلسطينيين في تحفظهم على «صفقة القرن» أقوى بكثير من حجج فريق ترمب في رهانه على النجاح؛ بل إنها - أي الحجج الفلسطينية - أثبتت صدقيتها تماماً على أرض الواقع، وذلك بعكس الحجج الأميركية التي لا تزال تراوح حتى الآن في مكانها، وليس من محصلة ملموسة لها إلا التأجيل ثم التأجيل ثم التأجيل. اللافت، وقد دخلنا الآن السنة الثالثة أو على وشك، في زمن الانشغال بـ«صفقة القرن»، أن صناعها لا يؤجلون بحثاً عن عناصر توازن إيجابي يتعين وضعها أو تعديل النصوص على أساسها؛ بل إنها بمعظمها سُجلت كمراعاة للأجندة الإسرائيلية ومتطلباتها، وهذا أضاف عقبة جديدة أمام محاولات السلام، تتجسد في إغراء الإسرائيليين بمزيد من التشدد، وفتح شهيتهم لضم أراضٍ فلسطينية على نمط الجولان 2.
سلاح الرئيس عباس في أي لقاء محتمل مع ترمب هو الأقوى والأفعل، بعد أن ثبت عقم العمل الأميركي على مدى سنتين من الإعداد والتهيئة والتمهيد، فماذا بوسع ترمب أن يفعل كي يتفادى العقبة الفلسطينية؟... لا شيء. يتخوف البعض من أن استئناف العلاقة المباشرة «السياسية» مع الأميركيين يعني منح شرعية لكل الإجراءات الأميركية التي تمت ومسّت جذور الحقوق الفلسطينية، وهذا استنتاج غير موضوعي وغير صحيح، فليس هكذا تكون الموافقات وتمنح الشرعيات، ذلك أن الرئيس عباس رجل السلام أو المحب للسلام، وفق آخر وصف ترمبي له، هو الوحيد من بين الفلسطينيين والعرب، وحتى على مستوى العالم، من يمتلك شرعية القبول والاعتراض، وربما يكون هذا هو سلاحه الأمضى والأفعل، وحين يعلن قبل أي لقاء فلسطيني أميركي أو بعده، أنه لن يضع توقيعه على أي وثيقة حل لا تتضمن الحقوق الوطنية الفلسطينية كما حددها الفلسطينيون، فهذا يكفي، ليس فقط لتأكيد الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، وإنما أيضاً لإبعاد أي شبهة تشي بالتواطؤ أو حتى الموافقة غير المباشرة على «صفقة القرن».
كذلك، وربما يكون هذا هو الأهم، لم تعد كلمة «لا» لـ«صفقة القرن» وحدها كافية لاعتبار الصفقة كأنها لم تكن، أو وفق المصطلح المحبب لدى بعض وجهاء الطبقة السياسية الفلسطينية: «ولدت ميتة»، فصدقية الـ«لا» تتجسد في سلسلة إجراءات فلسطينية لا بد من اتخاذها على الفور: أولها ترميم الوضع الداخلي، وسد ثغرة الانقسام الكارثي، وعودة العمل للمؤسسات الوطنية الفلسطينية التي يجمع الفلسطينيون قبل غيرهم؛ بل وأكثر من غيرهم، على أنها أضحت مجرد عناوين بلا مضامين. قد يعلن ترمب «صفقة القرن» بعد الانتخابات الإسرائيلية، وقد يؤجل الإعلان للمرة المائة، إلا أن الحقيقة الأهم من ذلك كله هي: ماذا يفعل الفلسطينيون بأنفسهم قبل الإعلان وبعده؟ وما هو برنامج عملهم والخطر على قضيتهم واقف خلف الباب؟
**************************

ـ إردوغان وحكمة الخروج في الوقت المناسب/أمير طاهري/الشرق الاوسط:
لو أننا نظرنا إلى التاريخ باعتباره مسرحاً تُعرض عليه دراما الوجود الإنساني فحريٌّ بنا أن نلتفت إلى نصيحة أسداها المخرج المسرحي الألماني الأسطوري ماكس راينهاردت، إلى الممثلين، وهي أن طريقة مغادرة المسرح لا تقل أهمية عن طريقة دخوله. فقط تخيلْ لو أن يوليوس قيصر خرج من المسرح قبل سنة واحدة من اغتياله عام 44 قبل الميلاد لكان التاريخ تذكَّره كقائد داوى جراح الحرب الأهلية الأكثر دموية في روما، ولكان قد وضع الأسس لإمبراطورية قادرة على الهيمنة على العالم لعدة قرون. وماذا عن وينستون تشرشل؟ لو أنه تقاعد عام 1945 بعد أن قاد بريطانيا العظمى للانتصار على ألمانيا النازية لكان قد تجنب هزيمة مذلة في أول انتخابات عامة جرت بعد الحرب. وعلى النقيض، هناك الكثير من المواقف التاريخية التي يمكن الإشارة إليها بوصفها مخارج «مفترضة» في الوقت المناسب: مثلاً الجنرال شارل ديغول يسلم مفاتيح الإليزيه عام 1967 بدلاً من عام 1968. ومحمد رضا شاه يتنحّى عن منصبه عام 1977. وفي الوقت الحالي، رجب طيب إردوغان في تركيا يتنحى عن منصبه عام 2015.
المشكلة تكمن في أن إردوغان قد فاته المثل الأعلى الذي يتعلم منه متى وكيف يخرج في نهاية المطاف. ولكن ثمة شيء واحد مؤكد هو أن الساعة الرملية في حياته المهنية باتت تتدفق سريعاً. وكما هو الحال في المواقف الأخرى التي لا يُحسن فيها القادة وقت الخروج، فإن لإردوغان إنجازاته البارزة. ليس من باب المبالغة الادعاء - إذا نحّينا جانباً مصطفى كمال أتاتورك - أن إردوغان هو الزعيم الأكثر تأثيراً في مصير تركيا الحديثة. من المعروف أن بعض إنجازات إردوغان تحتاج إلى الكثير من التفاصيل، من بينها مضاعفة حجم الاقتصاد التركي في غضون عقدين فقط، ووضع نهاية جزئية لحرب داخلية طويلة استنزفت جيلاً كاملاً مع الأكراد، وهو إنجاز آخر يضاف إلى إنجازاته. ومع ذلك، أعتقد أن الحدث الأكثر أهمية خلال عهد إردوغان هو التأسيس الثابت لصندوق الاقتراع باعتباره المصدر النهائي للقوة في تركيا. ربما حدث ذلك على الرغم من أمنيات إردوغان الظاهرة في الاستحواذ على الأصوات في إسطنبول كما شاهدنا جميعاً في الانتخابات البلدية الأخيرة والتي حاول جاهداً خلالها تحريف النتائج لصالح حزبه.
كانت الجمهورية التي أنشأها أتاتورك دون تفاهم شعبي، ناهيك بالدعم النشط، ليست سوى حكم استبدادي ذي قشرة ديمقراطية أكثر منه نظاماً تعددياً فعالاً. فخلال ربع قرن من تأسيسها، كانت جمهورية تركيا دولة الحزب الواحد، حيث فاز حزب أتاتورك الجمهوري الشعبي بأربعة أخماس المقاعد في الانتخابات العامة المتعاقبة. جرى خلال تلك الانتخابات تهميش تركيا الزراعية والتي ما زالت دينية لصالح النصف الحضري المتزايد والأكثر علمانية. تمكنت تركيا «الرجعية» من تنظيم مرحلة دخول مثيرة في الانتخابات العامة عام 1950 عندما فاز الحزب الديمقراطي بأربعة أخماس المقاعد في الجمعية الوطنية الكبرى (البرلمان)، وللمرة الأولى شكّلت الحكومة الوطنية. كررت تركيا «الرجعية» النجاح المذهل عام 1954 بزيادة أغلبيتها، ومرة أخرى عام 1957، مما أثار مخاوف كبار القادة والعديد من مراقبي تركيا من أن الفكر الكمالي (نسبةً إلى كمال أتاتورك) المحدث لن يعود إلى السلطة أبداً، وكانت تلك المخاوف مصدر إلهام للانقلاب العسكري الذي جرى عام 1960 بقيادة اللواء جمال غورسيل، رئيس الأركان، ضد حكومة الرئيس جلال بايار. كان كبار الضباط قد وافقوا بالفعل على تشكيل حكومة مؤقتة يقرها حزب «الشعب الجمهوري» قبل أن يُطلب من الدبابات أن تتحرك داخل أنقرة. وقد لوحظ تكرار نمط مماثل عام 1971 عندما أمر زعيم الانقلاب الجنرال ميموه تاجماك الساسة بتشكيل حكومة جديدة تحت إشراف الجيش. وأدى انقلاب عام 1980 بقيادة الجنرال إيفرين إلى تشكيل حكومة غالبيتها من التكنوقراطيين، لكنها تمتعت بدعم سياسي.
تجنب الجيش التركي دائماً الحكم المباشر، ولم يسعَ إلا لرئاسة الجمهورية التي ظلت منصباً شرفياً حتى منحها إردوغان قوة تنفيذية. خلقت الأحداث التي جرت خلال الفترة من 1960 - 1980 انطباعاً بأن قوى التحديث التركية بقيادة «حزب الشعب الجمهوري» لن تفوز أبداً بالسلطة دون دعم من الجيش. ربما تساعد الانتخابات البلدية الأخيرة في إسطنبول، أكبر مدن البلاد والعاصمة الثقافية وموطن ما يقرب من ربع السكان، في تغيير هذا التصور. فلأول مرة منذ فترة طويلة، وبقيادة تحالف المعارضة، فاز مرشح «حزب الشعب الجمهوري» بمنصب المحافظ أكرم إمام أوغلو، دون إيماءة أو غمزة من الجيش. ويمكن القول إن هذا النصر قد تحقق بفضل الأمل والمصالحة والإصلاح، لا اليأس والانتقام والتخيلات المتآمرة الشائعة في الانتخابات التركية الأخيرة. والأهم من ذلك أن إردوغان، ربما استطاع أو أُجبر على احتواء غضبه وقبول هزيمة حزب «العدالة والتنمية» في نهاية المطاف. يصر خصوم إردوغان على أنه اضطر إلى ابتلاع الهزيمة في إسطنبول لأنه افتقر إلى القوة لمواصلة تحدي النتائج. قد يكونون على حق، لكن ماذا لو تحول إردوغان إلى فكرة تناوب السلطة من خلال الانتخابات؟ قد يكون إردوغان ذكياً بما يكفي لفهم أن الأمور لا تسير دائماً بالطريقة التي يتمناها المرء. لقد قاد انتعاشاً اقتصادياً ملحوظاً في تركيا لكنه يقود الآن ما يشبه الانهيار الاقتصادي مع التضخم المتفشي وانخفاض الإنتاجية وتقلص فرص العمل. وبدلاً من تهدئة الأمور، كثّف إردوغان من تحركاته الاستبدادية بما في ذلك عزل محافظ البنك المركزي ليفاقم الأزمة. جرى استبدال سياسة تبدو عازمة على تأليب الجميع ضد تركيا بسياسته الخارجية «لا أعداء»، بما في ذلك حلفاء حلف شمال الأطلسي «ناتو» وشركاء الاتحاد الأوروبي، ناهيك بالدول العربية. يبدو أن النجاح الآخر الذي حمل توقيعه، وهو تهدئة المرجل الكردي، بات شيئاً من الماضي حيث تجنِّد أنقرة دعم طهران لقمع تطلعات الأكراد.
إن ادّعاء حزبه أنه «أكثر بياضاً من البيض» يصعب استمراره لأن حاشيته تغوص في الفساد. والأهم من ذلك أن نجاحه في إقناع النصف «الرجعي» في تركيا بأنه قادر على الحصول على السلطة من خلال الانتخابات لم يعد يتمتع بنفس المستوى من الدعم الذي كان يتمتع به ذات يوم حتى في دولة الأناضول العميقة. سواء كانت جيدة أم سيئة، يبدو أن وصفة إردوغان التي كانت ناجحة ذات يوم لم تعد كذلك. لقد قرأ بطل العرض نصه ولعب دوره ولم يعد لديه ما ينطق به، لكن المسرحية يجب أن تستمر. وبالنسبة إلى إردوغان، فقد حان وقت الخروج من المسرح.
*************************
*****
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article