0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

20 - ـــ العرب:ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

ـــ العرب:
ـ انتشار الإلحاد في العراق ظاهرة حقيقية أم تصفية حساب مع الأحزاب الدينية:
يقول محرر صفحة “الملحدون العراقيون” على فيسبوك، التي تضم نحو 11 ألف عضو، إن “مصطلح الإلحاد كان غريبا في العراق، قبل أعوام، وكان يبعث على الخوف بين الناس”، مشيرا إلى أن “المصطلح صار عاديا الآن، وهناك من يجاهر بهذا الموقف الديني”. ويوضح المحرر، الذي يتخفى خلف اسم الصفحة، أن “كلمة مسلم، ربما تتحول إلى شتيمة في غضون عشرين عاما”. ويعزو إنشاء الصفحة إلى الرغبة في الحوار بين الملحدين والمتدينين، داعيا روادها إلى انتقاء عباراتهم عندما يكتبون فيها، لأنها “تضم الكثير من المؤمنين”. وخلال الأعوام الخمسة الأخيرة، باتت التحذيرات التي يطلقها رجال دين وساسة من انتشار ظاهرة الإلحاد في المجتمع العراقي، ولاسيما الشبان، أمرا مألوفا، تتعاطى معه وسائل الإعلام بشكل طبيعي، ما يمثل اعترافا صريحا بأن هذه الظاهرة تجد أنصارا في البلاد.
ويقول السياسي العراقي عزت الشاهبندر، إن “موجة الإلحاد” تفاقم المشاكل التي يواجهها العراق في ملفات “الخدمات وفقدان الأمن واتساع رقعة الفقر وشيوع السرقة وتزوير الانتخابات وغياب مؤسسات الدولة واستغلال السلطة.. إلى آخره من بركات عِجاف السنين”. ويسلط حديث الشاهبندر، وهو سياسي مخضرم ينحدر من خلفية دينية، الضوء على الظروف المصاحبة لنشوء ظاهرة الإلحاد في العراق، واتساع موجتها بمرور الأعوام التي شهدت صعود الأحزاب الإسلامية إلى واجهة الحكم في البلاد. ويقر الشاهبندر بأن السياسات الفاشلة التي كرستها أحزاب الإسلام السياسي بعد العام 2003، كانت سببا رئيسيا في نفور الرأي العام من أصول المنطلقات التي ارتكزت إليها. إلا أن الكاتب العراقي فاروق يوسف يعبر عن تشاؤمه متسائلا: من فعل هذا؟ ويقول “كان الشعب العراقي متطرفا في كل شيء إلا في دينه فقد كان وسطيا. مغالاة الأحزاب الدينية في تطرفها الطائفي هي التي دفعت إلى تصاعد نسبة النفور من الدين ومن كل ما له صلة به”. وربط يوسف في تصريح لـ”العرب” مظاهر الانحراف عن القانون وتدمير سلطة الدولة بظاهرة انتشار لبس العمامة. وهو ما أدى إلى تكاثر عدد رجال الدين المزيفين بشكل لافت، وألحق صفات رثة غير مسبوقة بالظاهرة الدينية. واعتبر يوسف أن الارتداد العكسي بين فئات الشباب كان متوقعا، فهم لا يحتاجون إلى سلطة رجال الدين بقدر حاجتهم إلى سلطة الدولة وهي سلطة مفقودة في ظل هيمنة الميليشيات التي تستقوي بسلطة الولي الفقيه الدينية.
وقدمت التظاهرات التي شهدتها البلاد خلال الأعوام القليلة الماضية، أدلة واضحة على النفور الشعبي من استخدام الدين في السياسة، إذ جاء الشعار الشهير “باسم الدين باكونا الحرامية، ومعناه أن لصوص الأحزاب سرقوا البلاد باسم الدين”، ليدق ناقوس الخطر في الأوساط الدينية. ويكشف شعار المتظاهرين الهوة بين الدين والحياة. وهو حدث متوقع في مجتمع سطا عليه اللصوص باسم الدين. وسارعت هذه الأحزاب، وفي مقدمتها حزب الدعوة الإسلامي، الذي حكم البلاد بين 2005 و2018، إلى إطلاق تحذيرات علنية من اتساع المد العلماني في العراق، إذ وصفته بأنه مدخل رئيسي إلى الإلحاد. وبالرغم من إقرار منظمي التظاهرات بأنهم استخدموا شعارهم الشهير، لا للنيل من الدين، بل لفضح الاستخدام السياسي له، إلا أن المنظّر الديني في حزب الدعوة، عامر الكفيشي، قاد حملة تحريض ضد “المدنيين والعلمانيين”، وصلت حد تبريره استخدام العنف ضدهم، بوصفهم ملحدين، وهي أطروحة شائعة في أدبيات تنظيمي القاعدة وداعش. وبالنسبة إلى “المدنيين والعلمانيين” في العراق، فإن تحريض الكفيشي ضدهم لا ينطلق من حرصه على الدين، بل من خشيته على مصير أحزاب الإسلام السياسي أمام الغضب الشعبي المتنامي.
ولم تقتصر التهديدات الموجهة لعلمانيي العراق ومدنييه، المتهمين بنشر الإلحاد، على الداخل، إذ تدخلت إيران بشكل مثير للاستغراب، في محاولة لمساعدة حلفائها الإسلاميين في هذا البلد، وفي مقدمتهم حزب الدعوة. وقبيل الاقتراع العام في البلاد، صيف العام الماضي، عندما كانت شعبية المدنيين تتسع، بفعل الفشل الذريع الذي أحاط بتجربة الإسلام السياسي في الحكم، أرسل المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، مستشاره للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، إلى بغداد، ليعلن أن “الصحوة الإسلامية، لن تسمح للشيوعيين والليبراليين” بالفوز في الانتخابات، ما فجر عاصفة من الجدل، اضطرت المسؤول الإيراني إلى إصدار تفسير لتصريحه، مشيرا إلى أنه قصد أن “الشعب العراقي هو الذي لن يسمح لهؤلاء بالفوز، وليس إيران”. وبالرغم من أن هناك مدونين عراقيين يجاهرون بموقفهم ضد الدين، إلا أن معظمهم يعيش خارج البلاد، إذ قد يشكل الاعتراف بالإلحاد داخل العراق سببا كافيا للقتل من قبل جماعات مسلحة، أو الملاحقة من قبل السلطات الرسمية في أفضل الأحوال. ويرى مختصون في مجال العلوم الاجتماعية أن مسببات الإلحاد في الأوساط الشيعية والسنية العراقية متشابهة حد التطابق. وبينما تسبب التطرف العنيف لدى الجماعات الجهادية السنية، في ردات فعل سلبية إزاء الدين في الأوساط السنية، لعبت جماعات الإسلام السياسي الشيعي والمجموعات المسلحة الموالية لإيران، دور “حراس العقيدة”، متسببة في نفور واسع من سلوكها. وغالبا ما ارتبطت موجات “حماية الدين” التي تطلقها مجموعات سنية وشيعية بين الحين والآخر، بعمليات قتل مروع ضد مدنيين عزل بسبب مواقفهم الدينية. وبالرغم من أن النفور من سلوك هذه الجماعات الدينية المتشددة لم يقد دوما إلى الإلحاد، فإنه كان سببا رئيسيا في اتساع الموجة المرتبطة بهذا الموقف الديني في أوساط الشبان العراقيين.
ويعزو مهتمون بنشوء هذه الظاهرة، مسبباتها إلى عوامل أخرى، بينها الانفتاح الكبير الذي شهده العراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، بالترافق مع الطفرة الكبيرة في مجال التكنولوجيا، حيث أمكن للشبان الاطلاع على تجارب كونية لا حصر لها. وربما هذا هو السبب الذي يفسر انتشار ظاهرة الإلحاد بين صفوف الشبان المتعلمين، أو الذين يواكبون التطورات التكنولوجية، إذ تعد وسائل التواصل الاجتماعي المنبر الأبرز للتعبير عن هذا الموقف الديني.
***************************

ـ الزواج السياحي.. وباء ينتقل إلى العراق/ د. باهرة الشيخلي:
ـ (لا يستبعد قيام حركات نسوية عراقية في القريب العاجل، بمقاومة مثل هذا الاختراق الهادف إلى تمزيق النسيج المجتمعي العراقي، الذي تكمن خطورته في نقل العدوى الوبائية إلى دول الإقليم، خاصة دول الخليج العربي ـ ولاية الفقيه تسعى لتفكيك نسيج المجتمع العراقي بنشر ظاهرة زواج المتعة):
من أخطر المشكلات التي تواجهها المرأة في العراق، وفي أي مكان توجد فيه عمامة توالي الولي الفقيه، هي الاستغلال الجنسي باسم الدين وتحت عنوان المتعة. لبسط هيمنتها على المجتمعات التي تتمكن منها، تسعى ولاية الفقيه إلى تحشيد أتباعها لهدم الأسوار الأخلاقية والعرفية في تلك المجتمعات بحيث تسهل السيطرة على المجتمع، والحلقة الأضعف فيه هي المرأة، خصوصاً إذا ما استمرت ظاهرة الخرافة والأسطورة والتجهيل المتعمد، وإلا كيف تنتشر الموبقات والسرقات والمخدرات والتحلل الأخلاقي حتى بين النساء في مجتمع تقوده أحزاب تدعي الإسلام وامتثالها لمرجعيات دينية؟ وهكذا انتشرت مكاتب زواج المتعة في جميع محافظات العراق، التي لم تكن تستسيغ هذا النوع من الزواج، الذي تركز في محافظتي كربلاء والنجف والمدن والمواقع الدينية. وتاريخيا كان العراقيون يسافرون إلى إيران لغرض ممارسة زواج المتعة، إذ برغم إباحتها في الفقه الخامس، لكن العراقيين لم يكونوا يستسيغونها، فقد كانت سلطة التقاليد الاجتماعية لاسيما لدى الشيعة العرب تعزف عنها، بل تستنكر ممارستها.
شهلا الحائري، كاتبة إيرانية الأصل، تقيم في الولايات المتحدة، وهي حفيدة من جهة الأب لآية الله الحائري، أحد أكبر علماء الشيعة في إيران، حصلت على دكتوراه في الأنثروبولوجيا الثقافية من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس، الّفت كتاباً بعنوان “المتعة.. الزواج المؤقت عند الشيعة”، أدلت فيه بشهادة مهمة لخبيرة، أكاديميا وفقهيا، هي خلو العراق من ظاهرة زواج المتعة، وإذا كانت هناك حالات فردية فهي استثناء لا يعول عليه ولا يشكل نسبة تذكر، وحتى هذا الاستثناء أوصدت بابه التغييرات الاجتماعية والسياسية، التي طرأت على العراق في بداية قيام العراق الحديث، لأن هذا الزواج معيب جداً في كل أوساط البلاد. تشير حائري في كتابها، إلى أن علماء الشيعة يعترفون ضمنيا وفى بعض الأحيان صراحة، بوجود أوجه شبه بين الدعارة وزواج المتعة، ولكنها تعرض “أن المسلمة الشيعية، عذراء كانت أم مطلقة، يحق لها أن تعقد زواج متعة مع رجل واحد، في كل مرة ترغب بذلك، شرط أن تمتنع بعد انقضاء العقد، ومهما كانت مدته قصيرة، عن ممارسة الجنس لمدة محدودة أي أشهر العدة، وذلك لتحديد والد الطفل في حال كانت المرأة حاملاً، ويعتبر الأبناء المولودون جراء زيجات المتعة، شرعيين ويتمتعون نظريا بالمكانة والحقوق نفسها، التي يتمتع بها أخوتهم المولودون من جراء الزيجات الدائمة، وهنا تكمن فرادة زواج المتعة وتميزه- على الصعيد الفكري- عن الدعارة، على الرغم من التشابه الشديد بينهما”.
هذا ما كان يُعدّ في العراق انحلالاً أخلاقياً، جعله معممو ولاية الفقيه أمراً عادياً، فهم ينسبون إلى الإمام جعفر الصادق مؤسس التشيع الحقيقي القول إن “المتعة دين آبائي وأجدادي”، ترويجاً لهذا الزواج الذي انتقل مثل العدوى، من إيران إلى العراق، عقب الاحتلال الأميركي للعراق العام 2003 وما رافقه من احتلال إيراني، إذ نزل معممو ولاية الفقيه إلى ساحة الانحلال أحزاباً وميليشيات ووكلاء بعض المراجع، وكانت “المتعة” واحدة من وسائل الجذب والهيمنة للذين استغلوا الدين لمصلحتهم في إباحة الزواج السياحي وتشريعه، هذا النوع من الزواج، الذي فتح أبواب السعار الجنسي بأنواعه وأجناسه كلها، ففي عام 2016 تم بجهود وكلاء مراجع ولاية الفقيه والحرس الشعبي العراقي وتسهيلهم، افتتاح فرع في العراق لمؤسسة “طريق الإيمان الخيرية” الإيرانية، التي تمارس هذا النوع من الزواج وتروج له وتفكك به المجتمعات. أهم ما تنتهي إليه حائري هو أن المعممين لم يستطيعوا أن يكيفوا مثل هذا النوع من الزواج لحياة مجتمع مدني تعاد صياغته بما يتوافق مع التطورات المتلاحقة للمجتمع ولا لجهة حقوق المرأة، فهم ظلوا متمسكين بالنظر إلى الوراء إلى زمن ظلامي سالف، فيما العالم يمد بصره إلى المستقبل، وذلك يعني أنهم يصرون على الحط من كرامة المرأة وسلبها حقوقها ومعاملتها كسلعة في سوق، وعلى الوقوف بوجه أي تطور للمجتمع. ولذلك لا يستبعد قيام حركات نسوية عراقية في القريب العاجل، بمقاومة مثل هذا الاختراق الهادف إلى تمزيق النسيج المجتمعي العراقي، الذي تكمن خطورته في نقل العدوى الوبائية إلى دول الإقليم، خاصة دول الخليج العربي.
*************************

ـ صفقة بين السلطة والإسلاميين لاحتواء الحراك الشعبي في الجزائر/صابر بليدي:
ـ (إخواني على رأس البرلمان الجزائري بدعم من أحزاب السلطة بعد سحب مرشحيها ـ انتهى زمن الصفقات):
فاجأت التوازنات المتسارعة في أروقة البرلمان الجزائري، الرأي العام بتزكية نائب إسلامي ليكون على رأس الغرفة التشريعية الأولى، وسط حديث عن صفقة بين الإسلاميين والسلطة لاحتواء الحراك الاجتماعي. ولأول مرة في تاريخ البرلمان تسند مهمة الرجل الثالث في الدولة إلى شخصية من خارج الأحزاب الموالية للسلطة، ومن خارج التيار الوطني المهيمن على المجالس المنتخبة. وزكى نواب المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) الجزائري، النائب البرلماني سليمان شنين، ليكون على رأس الهيئة التشريعية، وحظي بدعم الأغلبية التي يهيمن عليها ما يعرف بأحزاب الموالاة، التي سحبت مرشحيها في آخر لحظة للسماح للرئيس الجديد بالمرور المريح. وخلف النائب سليمان شنين، الرئيس السابق للهيئة معاذ بوشارب، المستقيل مؤخرا والمنتمي إلى حزب جبهة التحرير الوطني، ليكون بذلك أول إسلامي ينصب على رأس مؤسسة وازنة في البلاد، وهي المهمة التي استحوذ عليها الحزب الحاكم خلال الأحادية الحزبية، ثم تداول عليها حزبا السلطة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.
وينحدر رئيس البرلمان الجزائري الجديد من مدرسة الإسلام السياسي، حيث انخرط في بداية مساره السياسي في حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر)، قبل أن ينسحب منها في السنوات الأخيرة، ويلتحق بحركة البناء الوطني، التي انشقت عن حمس، وانفتحت على تيارات أخرى، بغية التنصل من العباءة الإخوانية. ويعتبر شنين من الوجوه التي زرعها جهاز الاستخبارات السابق في صفوف الإخوان، من أجل إبقاء الحركة تحت المراقبة، حيث كان يمثل دور المعارضة التي تنفس عن غضب الشارع وتصنع الشرخ في صفوف الإسلاميين، لصناعة المشهد السياسي المتحكم فيه من طرف دوائر السلطة. وسبق وأن قال رئيس حركة البناء عبدالقادر بن قرينة، الذي كان مقربا من مؤسس وزعيم حركة حمس في بداية المشوار السياسي، إن “حركته لم تعد منتوجا إخوانيا وإن الخلفية السياسية والأيديولوجية لتركيبتها البشرية عموديا وأفقيا، تؤكد أن حركة البناء تنتهج خطا معتدلا يجمع بين ثوابت ومقومات الشعب الجزائري”. لكن متابعين للشأن الجزائري يشيرون إلى أن شنين يظل خريجا لمدرسة الإخوان وإن اختلف مع أحزابها في بعض القضايا الجزئية، ولم تصدر عنه مراجعات نوعية لتجربة الجماعة.
وإذ يحاول الإسلاميون والكتل النيابية التي دعمت تزكية الرئيس الجديد للبرلمان، تسويقه على أنه انتصار للمعارضة السياسية، وجاء تماشيا مع مطالب الشارع الجزائري في التغيير السياسي، فإن السيناريو المفاجئ الذي تمت به العملية يطرح تساؤلات عديدة حول خلفية التقارب المريب بين أحزاب السلطة والإسلاميين. وضحّت أحزاب السلطة بمرشحيها في آخر المطاف لفسح المجال أمام شنين، مما يطرح إمكانية دخول طرف خفي في اللعبة يعمل على إنتاج مشهد سياسي جديد بإعطاء الانطباع للرأي العام بأن الانتخابات آلت إلى مرشح إسلامي معارض، بينما المسألة تنطوي على تحالفات جديدة، لامتصاص غضب الشارع والتمهيد للمشهد السياسي القادم. وكثيرا ما لجأت السلطة الجزائرية إلى توظيف جماعات الإسلام السياسي في العشرية السوداء، حيث تم الاستنجاد بالإخوان لمواجهة جبهة الإنقاذ المحظورة، وخاصة التأثير على المسلحين لينزلوا من الجبال. ومنذ انتخابه في البرلمان خلال انتخابات العام 2017 عن حزب حركة البناء الوطني، احتفظ شنين بمسافة بينه وبين السلطة والموالاة في مختلف التصريحات والمواقف التي أدلى بها في وقت سابق، لكن لم يعرف عنه معارضة حقيقية أو حاسمة، وعلى العكس فقد عرف بالليونة التي كان يبديها تجاه سلطة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة والأذرع السياسية الموالية له.
ويوحي تنازل الأمين العام الجديد لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم محمد جميعي، عن ترشحه إلى جانب مرشحين آخرين، بأن صفقة سياسية أبرمت في الخفاء بين الكتل النيابية المالكة للأغلبية في البرلمان، وتحت غطاء سلطة الأمر الواقع، ولم يكن بالإمكان مرور شخصية إسلامية إلى هذا المنصب لو لم تحظ بموافقة قيادة المؤسسة العسكرية، أو أنها لم تمانع في الأمر. وفيما عارضت حركة “حمس” عملية التزكية إلى جانب أحزاب معارضة أخرى، كحزب العمال، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية، فإن الرئيس الجديد حظي بدعم أحزاب التحالف (تجمع أمل الجزائر، الحركة الشعبية الجزائرية، التجمع الوطني الديمقراطي) فضلا عن جبهة المستقبل وبعض النواب المستقلين، قبل أن تلتحق بهم جبهة التحرير الوطني. وصرح رئيس كتلة الحركة الشعبية الشيخ بربارة، بأن “الأحزاب الأربعة اجتمعت الأربعاء من أجل التنسيق لدعم مرشح حركة البناء الوطني، في خطوة لإبراز نوايانا في مواكبة مطالب الحراك الشعبي والاستجابة لمطالبه في التغيير السياسي”. ويلمح صعود شنين الإسلامي والإعلامي المالك لصحيفة ومركز دراسات الرائد، إلى أن السلطة تتوجه إلى بعث ديناميكية جديدة في البرلمان، لتمرير أجندتها في المرحلة القادمة، وأن سيناريوهات حل المؤسسة غير واردة البتة رغم المطالب المرفوعة في هذا الشأن، بدعوى عدم شرعيتها بسبب التزوير والتلاعب الذي ساد الانتخابات التشريعية التي جرت العام 2017. كما يؤشر هذا الانتخاب إلى صفقات سياسية في الأفق بين السلطة وقطاع من الإسلاميين المحسوبين على المعارضة، بغية الالتفاف على الحراك الشعبي وامتصاص غضب الشارع، وحتى الاستقواء بين أحزاب السلطة والإسلاميين، على التيار الديمقراطي والحراك الشعبي المطالب برحيل السلطة والتغيير الشامل، خاصة في ظل تصعيد الرجل القوي في الجيش قايد صالح، لخطابه تجاه من أسماهم بـ”العملاء”، في إشارة إلى المطالبين بالدولة المدنية وأنصار الهوية الأمازيغية.
****************************

ـ بيان أحفاد البنا 2019.. أزمة خيال في الخطاب الإخواني/سعد القرش:
ـ (من تجليات فقر الخيال الإخواني تصوير ما جرى في 30 يونيو 2013 بالانقلاب، والإلحاح على وصف عبدالفتاح السيسي بأنه "قائد الانقلاب العسكري" ـ خيال فقير محاصر بأوهام الحكم):
لألبرت أينشتاين تعريف للغباء: أن تُكرر الشيء، بالمعطيات والخطوات نفسها، ثم تنتظر نتائج مختلفة. ولا يكفّ تنظيم الإخوان عن ضخّ البيانات المتشابهة، من دون اجتهاد في تغيير الأسلوب، ومراعاة ردود فعل الآخرين؛ لإيمانهم بأن الآخرين هم الجحيم، وإن جهلوا صاحب المقولة. ولكن في بيانهم، في 29 يونيو 2019، جديدا بإشارته الخبيثة إلى تدويل شأن مصري، ولم يحدث أن أطلق فصيل وطني مصطلح “القضية المصرية”، إلا إذا تعلق الأمر بقضية مصيرية لها ظلال إقليمية ودولية، كالاستقلال عن الاستعمار. وحاليا تقترن كلمة “قضية” بفلسطين، وإذا كان للعرب قضية فعنوانها فلسطين، على الرغم من معاناة العالم العربي من أزمات داخلية معقدة. في الموقع الإلكتروني لتنظيم الإخوان، الذي لا يزال يرفع شعار السيفين المتقاطعين أعلى أمْر “وأعدّوا”، جاء العنوان “بيان من الإخوان المسلمين إلى الأمة حول الواقع الجديد للقضية المصرية”، ويقصدون بهذا الواقع الجديد “استشهاد الرئيس محمد مرسي”. ولك أن تسأل عن ماهية التنظيم الإخواني الآن: هل هو مؤسسة دعوية تبشّر المسلمين بالإسلام؟ وإذا كانت الإجابة: نعم، ستسأل عن الإنجاز التجديدي في الفكر والفقه، ولن تجد فيهم مجدّدا، وعلاقة أغلبيتهم بالفكر أنه من عمل الشيطان.
وفي المجالات الأخرى يخلو السجلّ من إضافة، وإذا احتجوا بالاقتصاد، أشاروا إلى كتاب يوسف القرضاوي "مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام"، وأما العمل الكبير إلى الآن فهو "العدالة الاجتماعية في الإسلام"، لسيد قطب في مرحلة بينية، بين ليبراليته وإسلاميته، قبل السفر إلى الولايات المتحدة عام 1948، وقد عاد منها بميول فاشية، محرّضا قادة ثورة يوليو 1952 على اتخاذ إجراءات دامية إزاء المعارضين. وبسرعة وجّه ميوله إلى مجرى إخوانيّ مرحّب بانضمامه إلى الجماعة. وإذا كان النشاط غير دعوي، فليعلن التنظيم عن أهدافه السياسية عبر وسائل سياسية تخضع للمساءلة، بدلا من أن يخلط “عملا صالحا وآخر سيئا”، ويضلّ أتباعه باسم الدين، في أمر سياسي خلافي يسميه “القضية المصرية”، وهو تجديد لئيم في الخطاب الإخواني يستنهض قوى خارجية ويمهد لها الطريق للمشاركة في بحث “قضية” لا وجود لها إلا في خيال الإخوان، ذلك الخيال الفقير المحاصر بأوهام العودة إلى حكم مصر. من تجليات فقر الخيال الإخواني تصوير ما جرى في 30 يونيو 2013 بالانقلاب، والإلحاح على وصف عبدالفتاح السيسي بأنه “قائد الانقلاب العسكري”. هكذا يتهمون الشعب بالغفلة زاعمين أن الحشود المليونية تواطأت مع انقلاب. وفي خطابهم الإعلامي اعتادوا وصف الشعب بأنه يعبد “البيادة”، فكيف يراهنون على من يرونهم عبيدا؟ وبأي منطق ينتظرون النصرة من شعب يراهم أصحاب فضل على السيسي، ليس بتصعيده وزيرا للدفاع في أغسطس 2012، وإنما بمواصلة الاعتداء والتحريض على الدماء، فلا يجد الشعب إلا الجيش يحميه من ميليشيا ذات تحالفات إقليمية.
لو تمتعوا بالدهاء السياسي لقدموا إلى الشعب اعتذارا عن خذلانهم للثورة مع اندلاع شرارتها، وخيانتهم لها قبل وصولهم إلى الحكم، وطوال عام من الاحتكار والإقصاء وتوجيه أصابع الاتهام بالتكفير الديني. في كتابي “الثورة الآن”، الذي نشر مسلسلا في 2011 وصدر كتابا في 2012، سجلت شهادة عبدالحليم قنديل عن التحاق كل الفصائل الإسلامية بالثورة “بطريقة متباطئة وبراغماتية جدا، ولم يكونوا أبدا من دعاتها، ولا من المبادرين إليها”؛ فلم تشارك الجماعة الإسلامية في عمل معارض، لا بالعنف ولا بالسلم، خلال السنوات العشر الأخيرة لمبارك، أما حال السلفيين فكان “الأشد بؤسا”، إذ لم يصدر عن أي جماعة أو شيخ سلفي أي نوع من المعارضة العلنية للنظام، ولا الدعوة للثورة، “وكان النظام وأجهزة أمنه يستخدمهم لأغراض خاصة، ويحصل على فتاوى تأييد من عدد كبير من مشايخهم، والذين صدرت عنهم فتاوى تحرم الإضرابات والمظاهرات، وتكفر فكرة الخروج عن الحاكم، بل وتحرم المشاركة في الانتخابات، ولو لدعم جماعة الإخوان”. وكان الإخوان معارضين للثورة، راغبين في الإصلاح من داخل النظام نفسه، وفي مساء الأحد 23 يناير 2011 كان قنديل “طرفا مباشرا في اختبار أخير لموقف الإخوان، كان قد جرى الترويج بكثافة لمظاهرات 25 يناير 2011 من قبل نشطاء فيسبوك، وكان عدد من قادة القوى السياسية يناقشون الموقف النهائي، وحضرت اجتماعا سريا في مكتب محاماة النائب السابق علاء عبدالمنعم، وكان الحضور- إضافة لعبدالمنعم- حمدين صباحي وأيمن نور وعبدالعظيم المغربي وسعد عبود والقيادي الإخواني محمد البلتاجي، كنا سبعة، وكنت حاضرا بصفتي المنسق العام لحركة كفاية وقتها، وكان الحضور قد كلفوني قبلها بصياغة بيان تأييد ومشاركة في مظاهرات 25 يناير، وقرأت البيان على الحضور، ولم يعترض أحد سوى محمد البلتاجي، كان اعتراضه الأساسي على عبارة يطلب نصها (الإنهاء السلمي لحكم مبارك وعائلته)، وقال البلتاجي وقتها بالنص “إن الإخوان لن يوافقوا أبدا على المشاركة في توقيع على بيان يرد فيه ذكر اسم مبارك، أو الدعوة لخلعه”. وأضاف “نريد الاقتصار فقط على المطالبة بحل مجلسي الشعب والشورى في مظاهرات 25 يناير”.
كان ميدان التحرير يغلي ورموز الإخوان يجتمعون بعمر سليمان، ثم تحالفوا مع المجلس العسكري، وعقب تنحي مبارك مساء 11 فبراير 2011، أعلنوا صيحتهم المضللة “الشعب يريد إخلاء الميدان”. لم يكونوا أذكياء فيخفون عداوتهم للشعب المصري قبل 30 يونيو 2013 وبعدها، إذ جاهروا بعقاب الشعب. ولن يصدق أحد بيانهم الداعي إلى “إعادة تأطير الأجندة الثورية في مصر على محوري الفكر والحركة”، فهم في الذاكرة الجمعية يدافعون عن عدوانهم بإعادة مضغ كلمة الانقلاب، وزاد عليها الإلحاح على أن مرسي “شهيد”، إذ يبدأ البيان باستغفال الشعب أولا «الرئيس الشهيد محمد مرسي»: فترى جماعة الإخوان أن «الرئيس الشهيد محمد مرسي هو رمز التجربة الديمقراطية المصرية”. كلام مضحك، فلم يكن الرجل المسكين إلا رئيسا دستوريا، منزوع الخيار والقرار في حكم مركزه مكتب الإرشاد لا القصر الجمهوري. وكان شريكا في الصمت على تقسيم الشعب بين سنة وشيعة، إخوان ومواطنين، خاطفين ومخطوفين. يدعو البيان إلى “القصاص العادل للشهداء منذ يناير 2011”. ولتنشيط الذاكرة أذكّر باحتفال الإخوان بذكرى نصر أكتوبر، في 6 أكتوبر 2012، إذ دخل رئيس الجمهورية إستاد القاهرة في سيارة السادات المكشوفة، وحيّا أنصاره ومنهم قتلة أنور السادات، وغاب عن الاحتفال من شاركوا في النصر.
وفي 10 أكتوبر 2012 صدر حكم ببراءة المتهمين في “موقعة الجمل” وهي بالأرقام: 14 شهيدا، أكثر من ألف مصاب، 25 متهما، أكثر من 370 شاهدا، 1480 ورقة تحقيقات. وكان المتهمون قد أحيلوا في 7 يوليو 2011، إلى محكمة الجنايات، متهمين بالقتل العمد للمتظاهرين، وتكوين عصابات مسلحة للاعتداء على المتظاهرين والشروع في قتلهم، وإرهاب وإيذاء المحتجين سلميا، وضربهم وإحداث عاهات ببعضهم. وطوال 30 يوما، لم تقدم النيابة إلى محكمة النقض طعنا على حكم البراءة. وفات الموعد وأصبح حكم البراءة محصّنا. وفي يوم الإعلان الدستوري 22 نوفمبر 2012، أعلن النائب العام طلعت عبدالله أنه أصدر قرارا يعيد التحقيقات مع مبارك ووزير الداخلية حبيب العادلي، وإعادة التحقيق مع المتهمين في “موقعة الجمل” الذين حصلوا على حكم بالبراءة وإعادة التحقيقات مع 17 مدير أمن و53 ضابطا وشرطيا على مستوى الجمهورية، نالوا أحكام البراءة في قضايا قتل متظاهرين. يدعو البيان إلى “توحيد المعسكر الثوري ونبذ الخلاف… وسنعمل في مرحلة ما بعد إنهاء الانقلاب العسكري كتيار وطني عام ذو (كذا) خلفية إسلامية”. وليست ذاكرة الشعب بهذا الوهن لكي يُلدغ من الإخوان مرتين، وكان وجودهم في الحكم فرصة لتصحيح مواقفهم من الثورة، ولكنهم تخلوا عن شعارهم “مشاركة لا مغالبة” ونسفوا اتفاقية فيرمونت، وانتقموا من الحلفاء بالإقصاء، ومن الشعب بعد 30 يونيو بأعمال عدوانية ربطوا استمرارها بعودة مرسي إلى الحكم.
بعد 30 يونيو 2013 اتضحت الكراهية لكل ما هو مصري. ويسهل أن يلاحظها الجمهور في حماسة الإسلاميين المضادة لمنتخب مصر، منذ مباراته مع غانا، 19 نوفمبر 2013 في تصفيات بطولة كأس العالم. لا يعنيهم اسم المنافس الذي يتمنون فوزه على الفريق المصري، ظنا بأن الفوز يدعم شرعية “الانقلاب”. وتتواصل الكراهية في مباريات مصر في بطولة الأمم الأفريقية الحالية، فلا يفرّقون بين حاكم يعادونه وفريق يمثل شعبا ودولة، ربما لأنهم يؤمنون بشعب الإخوان ولا يعترفون بالدولة، ولهذا توجهوا في البيان إلى “الأمة”. وقريب من الخلط بين الرئيس والشعب جسده الشيخ متولي الشعراوي في تفاعله مع هزيمة يونيو 1967، إذ قال في نهاية الثمانينات إنه كان في الجزائر، وسجد لله سجدة الشكر والفرح، “فرحتُ أننا لم ننتصر ونحن في أحضان الشيوعية”. لم يعتذر الإخوان عن جرائمهم، وقال المرشد السادس للجماعة مأمون الهضيبي، عام 1992 في مناظرة مع فرج فودة “نحن نتعبد لله بأعمال النظام الخاص قبل الثورة” 1952. ولم يستهدف التنظيم الخاص إلا قتل المصريين، وبعد ستة أشهر قتل فودة، بأيدي شابين حصلا على فتوى بكفره. ولم يستنكر الإخوان القتل أو الفتوى. بسذاجة، يغازل الإخوان الآن شعبا خذلوه، ولما كانوا في الحكم تهاونوا في حق الشهداء، وقدم مرسي تحية إلى آلة الشرطة التي قامت عليها الثورة، زاعما أنها “كانت في القلب من ثورة 25 يناير”. ولا أملك إلا الترحم على المتنبي القائل: ومن يجعل الضرغام بازا لصيده/ تصيده الضرغام في من تصيدا.
************************

ـ التنسيق الاستخباراتي التركي الإسرائيلي يكشف تناقضات أردوغان:
ـ (إسرائيل كانت تتغاضى عن تصريحات أردوغان التي يلجأ فيها أحيانا لمهاجمتها، وهي تعرف أن الأمر يتعلق بتنفيس لأزمات داخلية للرئيس التركي ـ متاجرة بالقضية):
ساعد التعاون الوثيق بين الاستخبارات الإسرائيلية ونظيرتها التركية في إفشال اثني عشر هجوما تستهدف مصالح إسرائيلية في السنوات الثلاث الماضية، على الرغم من الشعارات التي يرفعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المناوئة لإسرائيل. وكشف تقرير لتلفزيون إسرائيلي أن تركيا تمكنت من إحباط هجمات بالاستناد على معلومات استخباراتية إسرائيلية، وقد تم نقل المعلومات إلى تركيا حتى خلال فترات هاجم فيها أردوغان إسرائيل علنا وعندما كانت العلاقات بين البلدين مقطوعة. ووفق التقرير، فقد منعت وكالات المخابرات الإسرائيلية العشرات من الهجمات لتنظيم “داعش” وإيران في دول مختلفة حول العالم من خلال تزويد السلطات بمعلومات أساسية. وزود جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد” ومديرية المخابرات العسكرية العديد من السلطات بمعلومات أحبطت 50 هجوما في 20 بلدا على مدى السنوات الثلاث الماضية، وأنه تم إحباط 12 من هذه الهجمات في تركيا. وجميع هذه المخططات كانت كما يُعتقد ستستهدف مصالح إسرائيلية من حول العالم. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن إسرائيل استخدمت ذكاء سيبرانيا للمساعدة في إحباط هجمات “كبيرة” خطط لها تنظيم “داعش” وتنظيمات أخرى في “العشرات” من الدول.
ويعيد التقرير الإسرائيلي التنسيق الاستخباري بين تركيا وإسرائيل إلى الواجهة بالرغم من مساعي أنقرة لإخفائه في سياق حسابات شخصية للرئيس أردوغان. ويقول متابعون للشأن التركي إن إسرائيل كانت تتغاضى عن تصريحات أردوغان التي يلجأ فيها أحيانا لمهاجمتها، وهي تعرف أن الأمر يتعلق بتنفيس لأزمات داخلية للرئيس التركي، وأنها كانت تحصي المكاسب من علاقتها مع أنقرة، وخاصة ما تعلق بالتنسيق الأمني ليس فقط ضد جماعات مثل داعش والقاعدة، ولكن أيضا للحصول على معطيات بشأن حركة حماس التي يحرص أردوغان على إظهار انحيازه لها. وعمل الرئيس التركي على توظيف القضية الفلسطينية في سياق مساع هادفة إلى ركوب موجة الربيع العربي التي سطت عليها جماعة الإخوان المسلمين، وأظهر انحيازا واضحا لحركة حماس لكونها فرعا من فروع الجماعة، وأطلق تصريحات قوية ضد إسرائيل لجذب التعاطف. لكن العداء لإسرائيل لم يتجاوز الشعارات بالرغم من الأداء المسرحي لأردوغان في دافوس في 2013، وركوب قضية سفينة المساعدات المتوجهة إلى غزة، والتي شارك فيها نشطاء سلام في 2010، وعادت أنقرة لتقوية علاقاتها بإسرائيل التي ظلت بوابتها لاسترضاء واشنطن.
وعلى الرغم من الشعارات، فقد اعترف الرئيس التركي في يناير 2016 بصعوبة الاستمرار في علاقات متوترة مع إسرائيل. وقال “إن إسرائيل بحاجة إلى بلد مثل تركيا في المنطقة، وعلينا أيضا القبول بحقيقة أننا نحن أيضا بحاجة إلى إسرائيل. إنها حقيقة واقعة في المنطقة”. وقوبلت تلك التصريحات ببرود في إسرائيل، لكنها كشفت للساسة الإسرائيليين أن الرئيس التركي يبحث عن قشة نجاة إسرائيلية في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية في الداخل، والتوتر الحاصل في العلاقات الخارجية لأنقرة التي وجدت نفسها محاطة بالأزمات بسبب حسابات تصعيدية لأردوغان نفسه، وهو ما أفقد تركيا ثقة محيطها العربي والأوروبي، فضلا عن برود علاقاتها مع الولايات المتحدة. وتحافظ أنقرة وتل أبيب على علاقات اقتصادية قوية، بالرغم من التصعيد الظرفي تماما مثلما كانت تحتفظ بالتنسيق الأمني والعسكري الذي تضمنته اتفاقيات سابقة. وسبق أن فجرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية فضيحة في سجل بلال نجل أردوغان حين كشفت أنه قام بعقد عدد من الصفقات التجارية مع إسرائيل في أعقاب حادثة مرمرة التي راح ضحيتها عدد من الأتراك ذهبوا لمساندة غزة. ونقلت الصحيفة عن مصادر من المعارضة التركية قولها إن سفينتين تابعتين لشركة “أم.بي” التي يملكها نجل أردوغان كانتا تنقلان المواد التجارية بين موانئ تركيا وإسرائيل خلال الثلاث سنوات الأخيرة. وعلق معارضون أتراك بالقول إن علاقات بلال مع إسرائيل تكشف نفاق أردوغان نفسه الذي ينتقدها في العلن، لكنه يقود العلاقات معها في السر.

*************************
*****
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article