0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

27 - السعودية وإيران(عمرو الشوبكي)(المصري اليوم الاحد)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

رعاية الصين للاتفاق السعودى الإيرانى من أجل عودة العلاقات بين الجانبين واحترام سيادة كل دولة وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية تمثل خطوة مهمة للأمام فى اتجاه حل مشاكل المنطقة وتهدئة التوتر، الذى كان قد تصاعد فى الفترة الماضية، وخاصة بين إيران والسعودية. والحقيقة أن هذه الخطوة تمثل رسالة عربية وإقليمية ودولية لها أبعاد خمسة: البُعد الأول أن العلاقات الدبلوماسية بين الدول لا تعنى بالضرورة الاتفاق فيما بينها على كل الملفات أو التحالف، إنما تعنى إيجاد طريقة متحضرة لحل الخلافات بعيدًا عن التحريض أو التدخل فى شؤون الدول الأخرى. أما البُعد الثانى فيتعلق بجدية المسار، فالاتفاق لم يكن مجرد حدث أو فرقعة إعلامية تنتهى بانتهاء التصوير واللقطة، إنما هو نتاج عمل دؤوب وقنوات اتصال بين البلدين، معظمها غير علنى، استمرت لعامين، ولعبت فيها بغداد دورًا أساسيًّا فى تقريب وجهات النظر بينهما، بجانب سلطنة عمان ودعم روسى، بما يعنى أن هناك نية حقيقية لحل، ولو جانب من الملفات العالقة بين البلدين، ولو بشكل تدريجى.
أما البُعد الثالث فيتعلق برسالة الاتفاق إلى العالم العربى والمنطقة، فهو يقوى من فرص عودة العلاقات بين مصر وتركيا على نفس الأرضية السابقة، أى بمعنى أن ذلك لا يعنى اتفاق مصر وتركيا على كل الملفات، إنما اعتبار العلاقات الدبلوماسية وسيلة متحضرة لحل الخلافات بين الدول، ولا يعنى بالضرورة الاتفاق على كل الملفات، إنما يمثل ضمانة ألّا تتحول أى خلافات إلى مواجهات خشنة، كما أنه يوجه رسالة إلى بلدين عربيين شقيقين، وهما الجزائر والمغرب، بعد قطع علاقاتهما الدبلوماسية، رغم ما بينهما من أواصر تاريخية من الأخوة ووشائج قربى، وأن الخلافات الحادثة بينهما أقل بكثير مما كان بين السعودية وإيران. أما البُعد الرابع فهو رسالة الصين إلى العالم، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والتى تقول إنها قوة صاعدة، وتمثل منافسًا حقيقيًّا لحضورها الدولى ليس فقط على المستوى التجارى والاقتصادى، إنما أيضًا على المستوى السياسى والدبلوماسى، وهو مجال كان للولايات المتحدة السبق والهيمنة عليه.
أما البُعد الخامس فهو رسالة تقول إن العالم العربى والشرق الأوسط ليس «قاصرًا»، وإن بلاده يمكن أن تتحرك دفاعًا عن مصالحها بشكل مستقل دون استئذان من أحد، حتى لو كان قوة عظمى مثل أمريكا، (وحتى لو أخبرتها للعلم بالمفاوضات). سيمثل هذا الاتفاق اختبارًا لتوجه إيرانى معلن، منذ سنوات، يؤكد دائمًا رفض تدخل الدول الأجنبية فى شؤون المنطقة، وخاصة أمريكا، ويقول دائمًا إن دول المنطقة أقدر على حل مشاكلها بنفسها بعيدًا عن أمريكا وإسرائيل. وجاءت الفرصة، وحدث التفاهم المبدئى بين السعودية وإيران، وسيصبح التحدى تنفيذ هذا الاتفاق على أرض الواقع بشكل تدريجى، والبداية يجب أن تكون فى اليمن ولبنان.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article