0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

29 - انتصار إرادة السلام(حاتم الطائي)(الرؤية العمانية السبت)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

لم يكُن الحديث يومًا عن السلام وحتمية ترسيخه في منطقتنا من باب التنظير، ولا بهدف دغدغة مشاعر البعض، أو إرضاء طرف؛ بل كان مُنطلِقًا من قناعة ثابتة بأنَّ التنمية لن تتحقق في محيطنا الإقليمي، والعالم أجمع، دون سلام بنّاء يعطي كل ذي حقٍ حقه، ويوصد باب الحروب، ويطفئ نيران الفتن والنزاعات، وما كان الاتفاق السعودي الإيراني- قبل يومين- على استئناف العلاقات الدبلوماسية، سوى تأكيد جديد على أطروحة "السلام أولًا وأخيرًا". والدور العُماني المؤثر والفاعل في هذا الاتفاق، جليٌ وأشاد به مُختلف الأطراف؛ سواء السعودي أو الإيراني، وهو يعكس الثوابت السياسية لعُمان، فلطالما دعت السلطنة- عبر دبلوماسيتها الرصينة وحكمتها المعهودة وصلابة موقفها الذي لا يتزعزع- إلى تبني السلام خيارًا وحيدًا كي تنجو المنطقة من براثن الحروب التي أعيتها وتسببت في تأخرها عن الركب الحضاري لعقود طويلة؛ بل وأشعلت أتون فتن ومعارك دمرت بُلدانًا بأكملها، وكادت تقضي على جزء كبير من الموروث الحضاري لهذه المنطقة.
ولا شك أنَّ الإسهام العُماني ترجم كذلك حجم التقدير والاحترام الذي تُكنّه دول المنطقة والعالم لوطننا الغالي، وبرهن على أنَّ نهج السلام العُماني بات الخيار الأفضل والأنسب، لما تتميز به عُمان من رؤية بعيدة المدى وعميقة الأثر وواضحة الهدف، ولنا أن ننظر في مختلف المواقف والأزمات التي اعتصرت منطقتنا، على مر العقود المنصرمة؛ حيث كانت الرؤية العُمانية هي الوحيدة التي تميزت بوضع أولوية السلام فوق كل اعتبار، ورفضت القطيعة مع أي دولة، كما لم تدخل في صراعات أو تحالفات عسكرية أو تكتلات سياسية لا تخدم سوى المصالح الضيقة والآنية. وفي المقابل، سعت عُمان بكل جهدها وطاقتها أن تشارك مختلف الدول جهود تحقيق السلام والتنمية، وظلت تضع ثوابتها الوطنية على رأس الأولويات، وتواصل جهودها من أجل رأب الصدع بين الفرقاء، والأهم من ذلك كله أنها تمارس دبلوماسيتها الحصيفة دون صخب إعلامي وبلا تكلّفٍ أو مُباهاةٍ، ولكن في هدوء وصمت، يعكسان السمت العُماني الأصيل، الحريص على بلوغ الأهداف وتحقيق الغايات بكل تواضعٍ وبعيدةً كل البُعد عن أي خيلاء أو تبختُر.
الاتفاق المُفاجئ بين أكبر قوتين في المنطقة: السعودية وإيران، يبعث بالعديد من الرسائل السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية؛ بل والاجتماعية كذلك؛ إذ إن دباجة الاتفاق- كما أوضحها البيان السعودي- تؤكد أنَّ الطرفين وضعا القواعد الحاكمة والأسس المتينة لطبيعة العلاقات الدبلوماسية التي من المُقرر البدء في استئنافها خلال مدة أقصاها شهران من تاريخ التوقيع. ويأتي في صدارة هذه القواعد: احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما تضمن الاتفاق تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين، إلى جانب غيرها من الاتفاقيات في مجالات عدة، مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب. إذن نحن أمام دولتين قررتا تجاوز خلافات الماضي وتوتراته ونزاعاته، ليدخلا في علاقات نستطيع وصفها بـ"المنطقية"؛ إذ إنَّ إقامة علاقات بين جارين مسألة منطقية لا ينبغي إغفالها، لضمان ترسيخ التعاون وتحقيق العيش الآمن المشترك، وتعزيز جهود التنمية في شتى المجالات. ويبقى القول.. إنَّ رسالتنا تؤكد بوضوح أن السلام هو الركيزة الأساسية وعمود خيمة التنمية في أوطاننا، فكفى حروبًا وصراعات، وكفى نزاعًا واقتتالا، وكفى فتنًا وأزمات، ولنتطلع إلى المستقبل بعينٍ يملؤها التفاؤل بالنماء والازدهار، وبرغبة صادقة في توثيق عُرى التعاون المُثمر، وتوطيد العلاقات البينية.. رسالتنا هي أن عُمان ستظل ترفرف بأجنحة السلام والعيش المشترك ونشر المحبة والوئام بين الدول، رافعةً راية الحياد الإيجابي، مؤمنةً بنجاعة رؤيتها ومصداقية نهجها بكل يقينٍ.. فليحل السلام على أوطاننا ولتنعم شعوبنا بالرخاء والاستقرار، فهذا حقُ الإنسان على هذه البسيطة.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article