0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

10 - أزمة الكويت: الطبل قبل العُرس(نايف سالم)(اساس ميديا)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

كان متوقعاً في قراءات نتائج انتخابات الكويت البرلمانية التي جرت الأسبوع الماضي، أن الكويت مُقبلة على أزمة سياسية. لكن المفاجأة تمثلت بظهور بوادرها سريعاً جداً خلال أيام قليلة. بما يشبه حال اندلاع الخلافات بين زوج وزوجة وقرع الطبول قبل بدء حفل العرس. فماذا جرى بعد الانتخابات؟ وما تفاصيل اليوم الطويل الذي مضى ثقيلاً على الكويت عشية العيد؟ وما التوقعات في الأسابيع القليلة المقبلة؟ جرت انتخابات الكويت الخميس الماضي 4-4-2024 وظهرت نتائجها في اليوم التالي. بعدها بيوم، استقالت الحكومة، كما ينص الدستور، وتم تحديد انعقاد أول جلسة للمجلس الجديد يوم الأربعاء بتاريخ 17 نيسان الجاري. بعدها، جرت “المشاورات التقليدية”، حيث استقبل الأمير الشيخ مشعل الأحمد رؤساء الحكومات ومجالس الأمة السابقين يومي الأحد والإثنين. حتى الآن، كل شيء على ما يرام، والقطار يسير بمساره الطبيعي.
ظهر الإثنين وبعد انتهاء المشاورات، كان الجميع يترقب صدور مرسوم تكليف شخصية لرئاسة وتشكيل الحكومة الجديدة، لكن ذلك لم يتم. تمثلت المفاجأة بأن رئيس الحكومة الحالي الشيخ الدكتور محمد صباح السالم اعتذر عن ترؤس الحكومة الجديدة. على الرغم من أن حكومته الأولى كان عمرها قصيراً ولم يتجاوز 81 يوماً. وكان مؤملاً أن يستمر لفترة أطول على رأس حكومة ثانية. خصوصاً أن برنامج عمل حكومته الأولى لم يُنفّذ منه إلا القليل. وأن رؤيته الاقتصادية التي تحدث عنها بإسهاب مراراً وعلى مدى سنوات لم تجد طريقاً للتنفيذ في هذه الفترة القصيرة. سرت الأنباء أن الشخصية الثانية في القائمة المرشحة لرئاسة الحكومة هي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح. الذي ترأس سابقاً 4 حكومات بين 2019 و2022، لكنه أيضاً اعتذر عن تولي المنصب. كان متوقعاً في قراءات نتائج انتخابات الكويت البرلمانية التي جرت الأسبوع الماضي، أن الكويت مُقبلة على أزمة سياسية
إثر ذلك، باتت الترجيحات تميل نحو الشيخ أحمد عبدالله الصباح، الذي يُعدّ الأعلى حظوظاً. وهو مقرب من الأمير الشيخ مشعل الأحمد. ويشغل منصب رئيس ديوانه منذ كان ولياً للعهد. وسبق له أن تولى مناصب وزارية عدة بين 1999 و2011 . لكن مرسوم تكليفه بتشكيل الحكومة لم يصدر مع نهاية دوام الإثنين. عَنَى ذلك أن تشكيل الحكومة ضمن المهلة الدستورية أصبح شبه مستحيل. لأن الجلسة الأولى لمجلس الأمة مقررة في 17 نيسان، والتكليف والتشكيل سيكونان بين 14 و16 من الشهر نفسه. منعاً لأي إرباكات في المشهد، أصدر الأمير مساء الإثنين مرسوماً بتأجيل انعقاد مجلس الأمة لمدة شهر، من 17 نيسان إلى 14 أيار. هكذا يكون الوقت كافياً لتشكيل حكومة وأدائها القسم أمام الأمير. ومن ثم المشاركة في الجلسة وأداء وزرائها القسم أيضاً ليصبحوا أعضاء في مجلس الأمة. لم ينتهِ “الإثنين الطويل” بهذا الإجراء، بل تصاعدت الانتقادات النيابية. وصدرت مواقف من غالبية أعضاء مجلس الأمة، اعتراضاً على التأجيل، وتمسكاً بعقد أول جلسة في 17 نيسان وفق الموعد الأول. مع ما لذلك من تداعيات كبيرة على مُجريات اللعبة السياسية.
لماذا اعترض النواب؟: على الرغم من أن المادة 106 من الدستور تعطي الحق للأمير بالتأجيل لمدة شهر، لكنها غير حاسمة في ما يتعلق بموعد استخدام هذا الحق. وتنصّ على ما يلي: “للأمير أن يؤجل بمرسوم اجتماع مجلس الأمة لمدة لا تتجاوز شهراً ولا يتكرّر التأجيل في دور الانعقاد إلا بموافقة المجلس (…)”. مثار النقاش القانوني – السياسي هو اعتبار البعض أنّه لا يمكن استخدام هذه المادة إلا بعد افتتاح دور الانعقاد للمجلس، ولا يصحّ تفعيلها في الجلسة الافتتاحية. يتمسك أصحاب هذا الرأي بالمادة 87 من الدستور التي تنص على أن يدعو الأمير للجلسة الافتتاحية “في خلال أسبوعين من انتهاء الانتخابات” وإلا “اعتُبر المجلس مدعواً للاجتماع في صباح اليوم التالي للأسبوعين المذكورين”. أياً تكن نتائج هذه الجولة من المواجهة الجديدة – القديم فإن الكويت دخلت في نفق الأزمات مجدداً. في ظل البون الشاسع بين المواقف والتوجهات والرؤى هذا السيناريو ليس جديداً، فقد خَبِرَته الكويت في العام 2022، عندما اعترض مجلس الأمة المُنتخب حينذاك على تأجيل مماثل لنفس السبب، وتداعى النواب إلى عقد جلسة “شكلية”، حيث افتتحت لدقائق ومن ثم رُفعت، بسبب غياب الحكومة التي لا يمكن عقد جلسات من دون حضورها.
لكن الفارق بين 2022 و2024 كبير جداً، سواء لناحية خيارات القيادة السياسية أو توجهات النواب التصعيدية. وكان لافتاً أن الاعتراض لم يقتصر على النواب المعارضين، بل امتدّ ليشمل من يوصفون بأنهم قريبون من الحكومة مثل رئيس مجلس الأمة الأسبق مرزوق الغانم الذي اعتبر أنّه “لا يجوز إعمال المادة (106) من الدستور قبل بدء دور الانعقاد”. وحذا حذوه النائب عبيد الوسمي مؤكداً أنّ “التأجيل لا يكون إلا لدور انعقاد قائمة، أما خلق ممارسات خارج إطار الدستور فأمر لا يمكن قبوله أياً كانت دواعيه”.
مُغامرة أم تثبيت موقف؟: عبّر نواب كثيرون عن نفس الموقف مؤكدين أنهم سيشاركون في الجلسة التي “يجب أن تُعقد بقوة الدستور”، إذا دعا إليها “رئيس السنّ” النائب صالح عاشور. الذي سارع إلى تأييدهم قائلاً “سندعو إلى الجلسة الافتتاحية حسب المواعيد الدستورية”. مع العلم أن بيده اختيار موعد الجلسة، فإما أن يؤيدهم وإما أن يُنفّذ المرسوم. وفق هذه التوجهات، من المتوقع أن يعقد مجلس الأمة جلسة يوم 17 نيسان، في مُخالفة للمرسوم الذي حدّد الجلسة في 14 أيار. أمام ذلك، يرى مراقبون أن النواب يريدون تثبيت موقفهم الدستوري. فيما يعتقد آخرون أنّهم يُزايدون ويُغامرون من دون أفق، خاصة أنهم يدركون أن الجلسة لن تُعقد بغياب الحكومة في كل الأحوال. باتت الترجيحات تميل نحو الشيخ أحمد عبدالله الصباح، الذي يُعدّ الأعلى حظوظاً. وهو مقرب من الأمير الشيخ مشعل الأحمد.
في 2022، مرّت الجلسة رغم مخالفتها مرسوماً مماثلاً. لكن في 2024، لا يتوقع أن تمرّ مرور الكرام لسببين: 1- أن القيادة السياسية ستنظر إلى قرار النواب بأنه تحدٍّ. 2- أنه في 2022 دخل النواب القاعة لدقائق. رُفعت الجلسة. أدلى بعضهم بتصريحات ومواقف لكن من دون تصعيد كبير. أما الآن فليس مُستبعداً رفع السقوف من قبل بعض النواب وتحول القاعة ومحيطها إلى “سوق عكاظ”. خاصة أن اعتذار محمد صباح السالم عن ترؤس الحكومة بعثَرَ الأوراق تماماً. لأن غالبية الأسماء المطروحة لخلافته “مغضوب عليها” نيابياً.
حلٌّ جديد؟: أياً تكن نتائج هذه الجولة من المواجهة الجديدة – القديمة فإن الكويت دخلت في نفق الأزمات مجدداً. في ظل البون الشاسع بين المواقف والتوجهات والرؤى. تبدو خيارات رئاسة الحكومة بين ثلاث: 1- الشيخ أحمد عبدالله الصباح الذي سيواجه معارضة نيابية شرسة. بسبب مواقف سابقة له عندما كان وزيراً، أبرزها أن “كل شيء بثمن في مجلس الأمة، من رفع الأيدي إلى تأييد الاستجوابات، إلى توجيه الأسئلة”. وهو ما يعتبره نواب طعناً بهم وتشكيكاً بأمانتهم. 2- الشيخ فهد يوسف الصباح، وزير الداخلية والدفاع الحالي، الذي يُقال إن محمد صباح السالم اعتذر عن ترؤس الحكومة بسببه. لأنه كان يُفضّل خروجه من الحكومة الجديدة درءاً للمواجهة الحتمية بينه وبين النواب على خلفية ملف “سحب الجنسيات”. 3- شخصية جديدة من الأسرة الحاكمة، بعيدة عن الاستقطاب والصراع. بحيث تُشكّل حكومة جديدة بأشخاصها وتوجهاتها، بحثاً عن “الود المفقود” مع البرلمان. يعتقد كثيرون أن هذا المجلس من المستحيل أن يكمل مدته الدستورية المُحددة بأربع سنوات. فإما أن يتم حله خلال أسابيع، أو خلال أشهر بحد أقصى… أو أن يتم اللجوء إلى خيارات أخرى من بينها احتمال دمج ولاية العهد مع رئاسة الوزراء.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article