0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

42 - إردوغان في بغداد: كلٌّ يغنّي على ليلاه(علاء اللامي)(الاخبار اللبنانية)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

حلَّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل أيام قليلة ضيفاً على بغداد في زيارة رسمية طال انتظارها والتخطيط لها والتعويل عليها من الطرفين؛ الضيف والمضيف.كان الطرف العراقي قد خرج منتصراً من معركة فرض سيادة الدولة الاتحادية العراقية على تصدير نفطه من إقليم كردستان، وصدر بذلك حكم قضائي دولي من محكمة «التحكيم التجارية الدولية بباريس»، في آذار من العام الماضي، وفرضت على تركيا غرامة مالية بأكثر من مليار ونصف مليار دولار، ووقف تصدير النفط العراقي من قبل الإدارة المحلية الكردية من دون موافقة بغداد. وقد انصاعت أنقرة لقرار المحكمة بوقف تصدير النفط العراقي من الإقليم فأوقفته، ولكنها تمانع في تسديد ما بذمتها إلى بغداد ولم ترد أي إشارة إلى هذا الموضوع في ما تسرّب أو صدر رسمياً حول الزيارة.
أنقرة، أيضاً، طلبت من بغداد موقفاً مسانداً لها في حربها ضد التمرّد الكردي الذي يقوده حزب العمال الكردستاني منذ عدة عقود بما يجعل القوات العراقية رديفاً ورأس حربة لقواتها، إضافة إلى طلبات تركية أخرى تتعلق بالجانب التجاري والاستثماري الواسع النطاق، ليتم الصعود من عشرين مليار دولار - هو مجموع حجم التبادل التجاري، وهو مختل لمصلحة تركيا ومن جانب واحد - إلى ثلاثين مليار دوﻻر في المستقبل القريب. بالاطلاع على ما تسرب حتى الآن من بنود الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، نسجل صمتاً عراقياً على الوجود العسكري التركي المفروض كاحتلال فعلي في أكثر من إحدى عشرة قاعدة عسكرية في شمال العراق. كما حفل البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي حول الزيارة، بعبارات غامضة وفضفاضة لا تكاد تقول شيئاً، من قبيل «تطوير سبل التفاهم والتعاون»، و«وضع رؤية جديدة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية والاستثمارية للموارد المائية في العراق»، «اعتماد رؤية تهدف إلى تخصيص عادل ومنصف للمياه العابرة للحدود»، و«وضع رؤية لاستخدام المياه بطريقة رشيدة وفعالة للتعاون عبر مشاريع مشتركة».
ومن الواضح أن تركيا أصرَّت على رؤيتها لمياه الرافدين، دجلة والفرات، كمياه عابرة الحدود وليست أنهاراً أو مجاري أنهار دولية. ولكنها تخلت عن اعتبار النهرين حوضاً واحداً كما تراهما بغداد مستندة إلى حقائق الطوبوغرافيا والهايدروليكا والجغرافيا. ولا ندري إن كانت هذه العبارة قد تم الاتفاق عليها أو أنها تمثّل الرأي العراقي. من الواضح أن ما تم التوقيع عليه لم يرقَ إلى اتفاقية إستراتيجية فعلية حقاً، بل هو اتفاقية إطار تشتمل على عدد من مذكرات التفاهم التي يمكن أن تبقى هكذا من دون تطبيق. وللإنصاف، بعض هذه المذكرات تصب في مصلحة العراق، ولكن غالبيتها يشوبها الغموض وتحفل بالعبارات الفضفاضة وغير الشفافة.
ويبدو واضحاً أيضاً أن تركيا أصرت على رفضها القديم لمطلب العراق بعقد اتفاقية لتقاسم مياه النهرين بشكل منصف وعادل بموجب القانون الدولي، ولكنها أبدت بعض المرونة الغامضة في الموافقة على صيغة «اعتماد رؤية تهدف إلى تخصيص عادل ومنصف للمياه العابرة للحدود وفقاً لمبدأ المساواة والنوايا الحسنة وحسن الجوار». وكلمة «تخصيص» حلت محل كلمة «تقسيم» التي يطالب بها العراق. أمّا بعض المبادئ التي تم الاتفاق عليها، فبعضها إن لم يكن ينفع، فهو لا يضرّ، و بعضها ينفع فعلاً ويحتاج إليه العراق ويدخل في إطار الاستثمار العادي بشرط ألا يكون مردوفاً بملاحق سرية. إنّ التحالف الطائفي العرقي الذي يحكم العراق اليوم، ومنذ الاحتلال الأميركي سنة 2003، لا يهمه إلا بقاؤه في الحكم مهما كان الثمن، حتى ولو كان الثمن تحويل العراق إلى ربع خالٍ جديد، وهذا ما يصعّب مهمة الدفاع عن العراق وأنهاره وثرواته وسيادته المنتهكة بموافقة هؤلاء الحاكمين.
********************************
**********
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article