0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

24 - اختراع وطن جديد لحماس(فاروق يوسف)(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

- لا أحد يدري تفاصيل المفاوضات غير الأطراف التي رعتها ولكن من المؤكد أن حماس كانت خائفة من أن يؤدي إطلاق سراح ما تبقى لديها من رهائن إلى فتح أبواب الجحيم على قادتها الميدانيين - هذا حال المنتصرين، فكيف يكون حال المهزوم:
ما صار متداولا أن حركة حماس بدأت مغامرتها يوم 7 أكتوبر الماضي بتخطيط متقن، غير أنها لم تضع في حسابها أن تقوم بعدها حرب مفتوحة لن تتمكن من الإفلات من عواقبها وحتمية دفع ثمنها الذي لن يكون أقل من نزع سلاحها ونقل قادتها إلى مكان يكونون فيه تحت رقابة مستترة بما يحول بينهم وبين ممارسة العمل السياسي. ذلك سقف عال لمطالب إسرائيلية لم تتمكن الوساطات وهي في جلها تميل إلى الجانب الإسرائيلي، من خفضه. لا أتوقع أن دولة قطر التي تستضيف القيادة السياسية لحركة حماس سيكون لها رأي في المسألة. فهي بعد كل ما بذلته من أجل الحركة وجدت نفسها في حرج شديد أمام إسرائيل التي كانت تتعاون معها على مستوى تقديم التسهيلات في مجال إمداد وتمويل الحركة بالمال وأمام الولايات المتحدة التي كانت على دراية بكل ما فعلته بما يدعو إلى الريبة وأيضا أمام دول كثيرة في مختلف أنحاء العالم وجدت نفسها مضطرة للتضامن مع الموقف الإسرائيلي الذي نجح في التشهير بحركة حماس من جهة كونها جماعة إرهابية قتلت وخطفت مدنيين وبالأخص في ما يتعلق بالحفل الموسيقي الذي كان هدفا للعملية التي قامت بها حماس.
أكثر من 200 يوم مضت على الحرب الهمجية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة بحثا عن أسراها. ذلك عنوان لمحتوى مختلف. مئة ألف إنسان سقطوا قتلى وجرحى من غير أن تشكل مأساتهم سببا لأن تضغط الدول المؤيدة لإسرائيل على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف حربها والاستجابة لدعوات هدنة مؤقتة أو دائمة تدفع عن أهل غزة شبح الموت وتعيدهم إلى التعايش المستمر مع مأساتهم. لقد قررت إسرائيل المضي قدما في مشروعها لاقتلاع حركة حماس من جذورها من أجل ألا يتكرر ما حدث في السابع من أكتوبر. ولأن الحركة فقدت الغطاء العربي بعد أن ناصبت الدول العربية العداء علنا، فإن موقف تلك الدول لم يكن مؤيدا لها ولن تكون دولة قطر استثناء في ذلك. لا أقول إن حركة حماس خسرت الحرب بالرغم من أن ميزان القوى لا يميل إلى انتصارها. حتى لو أوقفت إسرائيل عدوانها الوحشي فإن غزة دُمرت وشرد أهلها. الناجون منهم سيظلون مسكونين بحرقة ومرارة مَن فقدوا من أحبتهم وما فقدوا من حياة.
ومن المؤسف حقا أن يكون انتظار وقف الحرب بالنسبة إلى أنصار حماس مناسبة لإعلان الانتصار. تلك بدعة مَن يضحك وهو يقيم حفلة عيد ميلاد على أنقاض بيته. ما فعلته إسرائيل كان شديد القسوة. وهو لا يتناسب مع ما فعلته حماس، غير أن إسرائيل وهي دولة مذعورة كانت دائما هكذا؛ إن ضربتها بكاتيوشا قصفتك بالصواريخ. وهو ما تعرفه حماس جيدا وما تعرفه الأطراف التي تقف وراءها. لا أحد يدري بتفاصيل المفاوضات غير المباشرة التي أجريت بين إسرائيل وحركة حماس غير الأطراف التي رعتها، ولكن من المؤكد أن حماس كانت خائفة من أن يؤدي إطلاق سراح ما تبقى لديها من الرهائن الإسرائيليين إلى فتح أبواب الجحيم على قادتها الميدانيين الذين سيتم التقاطهم واحدا بعد آخر. ولا أظن أن حماس لا تزال ملتزمة بشرطها الذي يلزم إسرائيل بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل الإفراج عن أسراها. لقد طوى الزمن ذلك الشرط وصارت إسرائيل هي التي تفرض شروطها وما على حركة حماس سوى أن تلتزم بالتنفيذ وإلا تستمر إسرائيل في مشروعها الهمجي القاضي بإنهاء كل أسباب الحياة في غزة. بالنسبة إلى حماس هي مسألة حياة أو موت. ذلك ما لم يفكر به قادة حماس السياسيون الذين كانوا يديرون من قطر الحرب بعد أن ورطوا قادة الحركة الميدانيين بما لم يكونوا على استعداد للقيام به. وكما أرى فإن أبطال غزة كانوا نموذجا مثاليا لمَن يدافع عن أرضه وعرضه. غير أن المسألة كانت أكبر منهم. وهي مسألة إقليمية، كانت القيادة السياسية من خلالها قد فارقت القضية الفلسطينية ليكون كل شيء في مكان آخر. لذلك صار لزاما على حماس أن تعلن عن تقاعدها. فليس لها مكان في منظمة التحرير بعدما صار محتما عليها أن تغادر غزة ودولة قطر معا. سيكون اختراع أرض لحماس بعيدة عن فلسطين هو الحل. وهو حل مؤلم.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article