0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

20 - حرب غزة وتداعياتها تلقيان بظلالهما على المشهد الانتخابي في الأردن(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

- الأردن يشهد مسارًا هامًا لتحديث المنظومة السياسية - حرب غزة تحوز على اهتمام الأردنيين:
يرجح محللون أن تؤثر الحرب الدائرة في قطاع غزة وتداعياتها على المشهد الانتخابي في الأردن، وسيحاول المشاركون في الاستحقاق النيابي المقرر إجراؤه في العاشر من سبتمبر المقبل توظيف هذه الورقة من أجل استمالة أكبر عدد من الناخبين. وأمر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الأسبوع الماضي، بالدعوة لإجراء انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، وبدأ بالفعل طامحون في الحصول على مقعد بهذا المجلس بالترويج لأنفسهم بين قواعدهم الشعبية، عبر وعود بالضغط لتعديل مسار علاقات بلادهم مع إسرائيل ردا على الحرب على قطاع غزة. ووصلت وعود هؤلاء إلى حد طرح إلغاء اتفاقية “وادي عربة” للسلام والاتفاقيات الأخرى بين بلدهم وإسرائيل؛ إذ يرون أن إجراءات الأردن تجاه إسرائيل بعد بدء حربها على غزة “غير كافية” حتى الآن.
ويدرك الطامحون أن الوعود التي يطلقونها بشأن الضغط على السلطة السياسية الأردنية لإعادة النظر في العلاقة مع إسرائيل ليست في وارد التحقق، لكونها تتعارض مع مصالح المملكة، لكنهم يريدون من خلال ذلك دغدغة مشاعر الرأي العام، واستقطاب المزيد من الأصوات. واعتبر مدير مركز “راصد” غير الحكومي المعني بالرقابة على الانتخابات وأداء الحكومة والبرلمان، عامر بني عامر، أن “تأثير حرب غزة على الانتخابات القادمة بالأردن سيكون حاضرا بشكل واضح وقوي، وعلى عدة مستويات”. وتوقع بني عامر خلال مرحلة الدعاية الانتخابية التي تبدأ في التاسع من أغسطس المقبل، أن “تستخدم بعض الأحزاب السياسية حرب غزة وما جرى لأهلنا هناك من أجل جذب الجماهير لهم وتسجيل المواقف، وهذا أمر طبيعي جدًا”.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي أول المستثمرين انتخابيا في ورقة غزة مبكرا، واستأثرت بالشارع طيلة الأشهر الماضية رافعة شعارات تدرك أنها لن تحصل، من قبيل إلغاء اتفاقية وادي عربة. وقال رئيس مركز راصد إن “الحرب على غزة أثارت ملف الأمن الوطني، الذي سيكون أحد القضايا الأساسية الحاضرة على المستوى الانتخابي” بالاستحقاق المقبل. واستدرك “ما جرى في غزة أثار مخاوف تتعلق بالهوية الوطنية والأولويات الوطنية بشكل عام، وبالتالي سيؤثر بشكل كبير جدا على كل مجريات العملية الانتخابية”.
وصرح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مؤخرا، بأن أي محاولة تهجير للفلسطينيين نحو بلاده ستكون بمثابة “إعلان حرب”. ويخشى الأردن من استغلال إسرائيل الحرب الحالية على غزة والتصعيد التي تمارسه بحق مواطني الضفة الغربية للبدء بخطة التهجير؛ للتخلص من الكتلة الديمغرافية الفلسطينية. وتوقع بني عامر أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة “أقل من الطموح”. ولفت في هذا الصدد إلى أنه أثناء عمليات المراجعة التي تزامنت مع عملية “التحديث السياسي”، التي بدأت عام 2021، كان الحديث يدور عن الوصول إلى نسبة مشاركة 40 في المئة. وأردف “قد لا نصل إلى هذا الرقم بسبب الجو العام؛ إذ أن انشغال الناس بتوفير قوت حياتهم اليومية في ظل الوضع الاقتصادي المتردي وبما يجري في الإقليم ومع أهلنا في غزة قد يصرف انتباههم عن العملية السياسية الداخلية”. لكن بني عامر استدرك قائلا “مع ذلك، لن تتأثر نسبة المشاركة في الانتخابات من وجهة نظري بشكل كبير، ولن تكون مخيبة للآمال”.
وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات مجلس النواب الأخيرة عام 2020، 29.9 في المئة بواقع مليون و387 ألفا و698 ناخبا، من أصل 4 ملايين و640 ألفا و643 ناخبًا. ويشهد الأردن منذ عام 2021 مسارًا هامًا لتحديث المنظومة السياسية؛ إذ قرر الملك عبدالله، آنذاك، تشكيل لجنة مُكلفة باقتراح تغييرات في شكل الحياة السياسية للمملكة؛ بهدف تعزيز المشاركة الشعبية، وتطوير الحياة السياسية، وتوسيع قاعدة التمثيل، وتحقيق التوازن بين السلطات. وفي يناير 2022، أقر برلمان المملكة 26 تعديلا على الدستور من أصل 30 اقترحتهم هذه اللجنة على قانوني الانتخاب والأحزاب. وتضمنت التعديلات تخصيص 41 مقعدا برلمانيا من أصل 138 لقوائم الأحزاب في انتخابات مجلس النواب المقبلة، على أن يرتفع العدد المخصص للأحزاب تدريجيا خلال الدورات الانتخابية اللاحقة حتى يصل إلى ما يعادل 65 في المئة من إجمالي المقاعد (نظريا بعد 12 عاما)؛ بما يُتيح في نهاية المطاف تشكيل حكومة برلمانية.
ويرجح أن يكون البرلمان المقبل مختلفًا عن سابقه من حيث تركيبته، وأشار بني عامر إلى أن “عددا كبيرا من النواب سيكونون من خلفيات حزبية”، لافتا إلى أن أقواها هو 8 أحزاب (من أصل 38 حزبا مرخصا بشكل رسمي). وعن النتائج المتوقعة للأحزاب، قال بني عامر “يجب ألاّ نرفع سقف التوقعات بشكل كبير جدا، هذه تجربة وليدة وجديدة”. لكنه لم يستبعد أن تكون للأحزاب “سيطرة على الأقل على أكثر من نصف المقاعد البرلمانية القادمة”، عبر عقد تحالفات مع أصحاب مقاعد فردية أو دعم بعضهم. واستطرد “هذا واضح من خلال التحضيرات التي رصدناها ونتابعها للأحزاب السياسية، لكن هذا لا يعني بأنها ستكون تجربة بسقف توقعات عالية جدًا”.
وحول الحديث بشأن ضعف تأثير الأحزاب بالأردن، في ظل أرقام غير رسمية تتحدث عن أن أعداد منتسبيها لا تزيد عن 70 ألفًا، رجح بني عامر أن يكون للأحزاب “جمهور واسع بخلاف المنتسبين لها؛ لأنها تعتمد على أدوات غير فكرة الحزب، كالمواقف المتعلقة بالمنطقة والعشائرية، وتعتمد على المال والعلاقات والجغرافيا أحيانًا”. وأوضح أن “هناك عوامل كثيرة جدًا تستخدمها الأحزاب السياسية في هذه المرحلة، وهذا سيجذب الكثير من الناخبين لها، لكن يجب أن يكون لدينا طموح معقول ومنطقي في ما يتعلق بهذه التجربة”. ويعتقد بني عامر أن “علاقة البرلمان المقبل في سنته الأولى والحكومة ستكون متوترة إلى حد ما بسبب التنافسية بينهما لإثبات الوجود”. واستدرك “لكن بعد ذلك ستستقيم الأمور؛ لأن كلا من الطرفين يريد أن يثبت جدارة برنامجه وملاءمته للمرحلة”.
وكان البرلمان خلال آخر ثلاث دورات شبه مغيب عن السياسة الخارجية، لكن في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة (حرب غزة وتبعاتها) ستكون بعض القضايا الوطنية والإقليمية حاضرة في البرلمان القادم؛ لأنها ستكون موجودة في البرامج الانتخابية، وهذا لا يعني أنه سيكون لذلك تأثير فعلي على أولويات الأردن الخارجية وآليات عمل المملكة مع الدول في المنطقة. يذكر أن البرلمان في الأردن ينقسم إلى شقين، هما: مجلس الأعيان (المُعَّين من طرف الملك) ومجلس النواب (مُنتخب). ويتألف مجلس الأعيان، بمن فيه الرئيس، من عدد لا يتجاوز نصف عدد مجلس النواب، ويعين الملك الأعضاء والرئيس مباشرة، وفق الدستور.


********************************
**********
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article