0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

14 - الكويت ارتباك مرحلة الخيارات المفتوحة(نايف سالم)(أساس ميديا)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

تسيطر على الكويت حالة من الضباب مع غيوم كثيفة، في ظلّ الانسداد السياسي والتوقّعات لصعوبة التعايش بين الحكومة ومجلس الأمّة “الجديدَين”، بعد الانتخابات المُبكرة التي جرت في 4 نيسان الماضي، وأفرزت نتائج لم تُغيّر الكثير في المشهد السياسي مع عودة غالبية التركيبة السابقة التي كانت في المجلس المُنحلّ. تشير المعطيات إلى أنّ المرحلة الحالية هي مرحلة الخيارات المفتوحة. فيما يروج حديث كثير عن سيناريوهات غير تقليدية محتملة، مثل تعديل النظام الانتخابي أو حلّ مجلس الأمّة مُجدّداً، فضلاً عن احتمال إبطاله من قبل المحكمة الدستورية ربطاً بالطعون المقدّمة التي سيُفصل فيها خلال الأسابيع المقبلة.
وباستثناء تصريحات قليلة وبعض التغريدات على منصّة “إكس”. لم يرتفع، كالعادة، صوت النوّاب كثيراً منذ فوزهم بالانتخابات الأخيرة (39 نائباً قديماً و11 جدد)، واقتصر نشاطهم الأساسي على محورَين: – الأوّل: “اللاجلسة” التي حضرها 40 نائباً واستمرّت أقلّ من دقيقتين في 21 نيسان الماضي، بحجّة تثبيت “الحقّ الدستوري” للمجلس بالانعقاد بعد أسبوعين على صدور نتائج الانتخابات. وهو الأمر الذي لم يكن ممكناً بسبب صدور مرسوم أميري، وفق الدستور أيضاً، بتأجيل الجلسة الافتتاحية إلى 14 أيار الحالي. في تلك الجلسة لم تحضر الحكومة (المُستقيلة)، وهو ما جعل من المتعذّر عقدها. كما أنّ الدستور ينصّ على أن يلقي الأمير النطق السامي في الجلسة، والأمير أصلاً هو من أصدر مرسوم التأجيل. بالخلاصة كانت جلسة بلا طعم ولا لون. – الثاني: توجيه انتقادات واسعة للحكومات المتعاقبة، بعد الإعلان عن توقيع قطر والإمارات وتركيا والعراق اتفاق تعاون في مشروع “طريق التنمية” للربط بين دول الخليج وأوروبا عبر ميناء “الفاو” العراقي، المُلاصق لميناء “مبارك الكبير” الكويتي غير المُكتمل. قادَ النواب حملة الغضب الشعبية على خلفية تكاثر “الفرص الضائعة”، وتراجع النفوذ الكويتي إقليمياً.
باستثناء هذين الحدثَيْن، اختار السواد الأعظم من النواب التروّي والحذر عدم الإدلاء بتصريحات. لأنّ النائب المُنتخب لا يحصل على الحصانة حتى أدائه القسم الذي سيكون في 14 أيار الحالي، من جهة، ولأنّ الكثير منهم يعتقدون أنّ الصِدام مع السلطة ربّما تكون ارتداداته كبيرة. فيما خيار إجراء انتخابات مُجدّداً ليس مُستبعداً. انعكَسَ الخوف والترقّب على مجمل الحركة السياسية، وتمدَّدا ليصلا إلى الحكومة الجديدة التي كُلّف الشيخ أحمد العبدالله بتشكيلها. ويُفترض أن تكون جاهزة قبل الجلسة الافتتاحية للمجلس، كما جرت العادة وكما ينصّ الدستور. لكنّ عقبة مُفاجِئة ظهرت على الطريق تمثّلت برفض غالبية النواب المشاركة في الحكومة، لأنّ الدستور يفرض أن تضمّ الحكومة وزيراً واحداً على الأقلّ يكون عضواً مُنتخباً في مجلس الأمّة، يُعرف باسم “الوزير المحلّل”.
تشير المعلومات المتقاطعة، أنّ عدداً من النواب رفضوا التوزير لأنّهم يعتبرون الحكومة “محرقة”. على اعتبار أنّ النائب يخسر الكثير من شعبيّته عندما يصبح وزيراً. ومن النادر أن يحافظ نائب على مقعده في مجلس الأمّة بعد أن يُشارك في السلطة التنفيذية، على اعتبار أنّه مُلزم بالانخراط في قرارات غير شعبية. ولأنّ من غير المنطقي أن يكون الـ50 نائباً كلّهم في موقع الرفض، تتردّد أنباء عن أنّ بعضهم مُستعدّ للمشاركة. لكنّ الحكومة لا تريدهم، وترغب بتوزير أسماء أخرى أو نوّاب لهم ثقل سياسي وقادرين على التأثير نيابياً، لأنّ النائب غالباً ما يكون “وزير الدولة لشؤون مجلس الأمّة”، ومهمّته الأساسية التنسيق بين السلطتين. هذا السيناريو غير المألوف أضاف ضباباً إلى الضباب الذي يظلّل المشهد السياسي، وتراوحت التوقّعات بين اثنين: 1- أن ينضمّ نائب على الأقلّ إلى الحكومة، ويتمّ تشكيلها في الأيام المقبلة. 2- أن يعتذر رئيس الحكومة المُكلّف عن مهمّته. لعدم وجود “وزير محلّل”، وعندها قد يتمّ حلّ مجلس الأمّة مجدّداً لتعذّر تشكيل الحكومة. مع ما لذلك من مدلولات سياسية تعني أنّ الديناميكية الحالية لم تعد قابلة للاستمرار، وأنّه لا بدّ من تغييرات أساسية تسمح بإعادة الحياة إلى العملية السياسية وخلق علاقة مختلفة بين السلطتين.
تكمن المشكلة في أنّ غالبية النواب، ومَن وراءهم مِن “مراكز نفوذ”. ما زالوا متمسّكين بأدوات اللعبة القديمة: نسج تحالفات وبناء تكتّلات في مجلس الأمّة على قاعدة تبادل المصالح ثمّ التهديد بالاستجواب، فإن رضَخَ الوزير “الفريسة” انتهت الجولة، وإن قاوَمَ ولم ينفّذ ما هو مطلوب أُطيح به بغالبية الأصوات. هكذا تصبح الحكومة ضعيفة لعدم وجود أغلبية نيابية تساندها، وإن وُجدت هذه الأغلبية تحصّنت الحكومة وتحوّلت المعارضة إلى “الضحيّة”، فتعلو الأصوات وتتزايد التكسّبات الشعبية ويتأزّم الوضع، ويذهب الجميع إلى الانتخابات. هذا هو المشهد منذ سنوات طويلة، ولهذا الحدّ قواعد اللعبة واضحة. لكن ما لم يستوعبه النواب حتى الآن، على ما يبدو. أنّ العهد الجديد مختلف لناحية قبول هذه القواعد أو حتى السماح بها، لأنّ الأهداف الاستراتيجية الموضوعة من القيادة. لا تقبل تضييع الوقت بالمناورات السياسية وتصفية الحسابات، سواء لتحقيق مكاسب ضيّقة أو لتمهيد الطريق أمام شخصيات من الأسرة الحاكمة. تعتبر أنّ الاستقرار رهن بوصولها إلى مُرادها.
يمكن قراءة ذلك من خلال الزيارات التي قام بها الأمير الشيخ مشعل الأحمد لدول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، عُمان، البحرين، قطر، الإمارات)، ثمّ لكلّ من الأردن ومصر، على أن تتبعها زيارة مماثلة لتركيا الأسبوع المقبل. كلّها “زيارات دولة”، والقاسم المشترك بينها هو تعزيز العلاقات الكويتية مع الدول الشقيقة والصديقة بهدف تحقيق المصالح المشتركة. خصوصاً نقل العلاقات الاقتصادية إلى مستويات أكبر. الهاجس الأساس للكويت يبقى تنويع مصادر الدخل، والتوقّف عن الاعتماد على النفط مصدراً وحيداً للدخل. هذا يعني أنّ على الكويت الالتحاق سريعاً بركب شقيقاتها في دول مجلس التعاون، التي وضعت خططاً ورؤى منذ سنوات طويلة. وبدأت بجني ثمارها، خصوصاً في السعودية والإمارات، اللتين تواصلان تقليص الاعتماد على النفط. وخلق المشاريع الكبرى التي تضخّ عوائد للميزانية. وهو ما يفضي في نهاية المطاف إلى تعزيز القوّة الاقتصادية وجعلها قائمة على المشاريع العملاقة والاستراتيجية.
********************************
**********
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article