0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

48 - خارطة طريق روسي لإحياء الصفقة النووية مع إيران(ناصر قويدر/راي اليوم)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí


مرة أخرى تحتل إيران و قضية برنامجها النووي مركز الصدارة في أحداث الشرق الأوسط، ونشاط دبلوماسي دولي مكثف لإعادة إحياء الصفقة النووية، بعد شهر من تولي بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة، و بعد أن أصبحت على حافة نقطة اللاعودة. واشنطن تطالب طهران بالالتزام بشروط الإتفاق الذي إنسحبت منه أحاديا خلال ولاية ترامب، وفرضت عليها قيود وعقوبات إقتصادية صارمة. طهران ردت على ذلك بتكثيف تخصيب اليورانيوم، و في نفس الوقت، تطالب واشنطن برفع العقوبات كاملة ودفعة واحدة، قبل أي حديث عن العودة إلى الصفقة، وتهدد بمنع دخول مفتشي الطاقة الذرية لمنشآتها النووية. وبدى الوضع حول مستقبل الصفقة النووية التي بذل الرئيس السابق دونالد ترامب جهدا كبيرا لوأدها بتأييد واسع من تل أبيب و عواصم عربية، أقرب إلى شبه الميئوس منه. ولكن، فجأة تسارعت الأحداث السياسية والمشاورات الدبلوماسية التي شكلت بحق عناوين الساعة، وسجلت إعلان إدارة الرئيس الأمريكي بايدن الموافقة على العودة إلى الصفقة النووية مع إيران، وإن كان ذلك في إطار تغليفات مختلفة، مثل “منع من الوصول إلى صناعة القنبلة النووية” و بشروط جديدة لا علاقة لها بالصفقة النووية، مثل ردع تطويرالبرنامج الصاروخي وإجهاض نفوذ طهران عبر حلفائها في المنطقة.
وهكذا، أقدمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على إتخاذ خطوات جدية و حذرة تجاه إيران، في محاولة لإحياء الإتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى مع الجمهورية الإسلامية في 2015 بعد أن إنسحبت منه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي الجديد أنتوتي بلينكين، خلال محادثات عبر الإنترنت مع زملائه من بريطانيا وفرنسا وألمانيا أن واشنطن مستعدة للعودة إلى الاتفاق مع إيران، المعروف رسميا بإسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” في حال “إذا امتثلت إيران تماما لشروط الصفقة”. وفي نفس الوقت، في بادرة ثانية تجاه الجمهورية الإسلامية، أرسل القائم بأعمال سفير الولايات لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز مذكرة إلى مجلس الأمن، جاء فيها أن “الولايات المتحدة تسحب ثلاث رسائل سابقة من إدارة ترامب حول إعادة فرض كل العقوبات الأممية على إيران، وتخفف قيود السفر المفروضة على دبلوماسيي البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة. وكانت الولايات المتحدة أعلنت إعادة فرض العقوبات على إيران، بتاريخ 19 سبتمبر/أيلول 2020. وفي نفس الوقت، كشفت المتحدثة الرسمية بإسم البيت الأبيض، جين بساكي على متن الطائرة الرئاسية للصحافيين (الجمعة 19/02 ) أن “الولايات المتحدة لا تنوي إضعاف نظام العقوبات الموجه ضد إيران، لاستئناف المفاوضات معها حول برنامجها النووي”، كما أنها لن “تتخذ خطوات إضافية بشأن إيران قبل بدء المحادثات الدبلوماسية”.
وأوضحت بساكي بأن الاتحاد الأوروبي يعمل حاليًا على تنظيم غرفة مفاوضات “غير رسمية” بين أطراف الاتفاق النووي مع إيران لمناقشة هذه المسألة، ووصفت ذلك بأنه “لمجرد دعوة لإجراء محادثات دبلوماسية”. على الجانب الآخر، أعلنت طهران، إنه يتعين على الولايات المتحدة أولا رفع العقوبات المفروضة عليها، وهددت في أسوأ الأحوال بمنع زيارة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى منشآتها النووية، وحددت موعدا نهائيا لتنفيذ تهديدها يوم 22 فبراير الجاري (اليوم). لكن، قلة هم الذين اعتقدوا أن واشنطن ستأخذ في حسبانها هذا التاريخ، وإعتبره خبراء، بأنه “نقطة اللاعودة” في مصير الصفقة النووية، في إشارة إلى أن ” الانتقال من خطة العمل الشاملة المشتركة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة +، أمر مستحيل من الناحية العملية بالنسبة لبايدن على المدى القصير”. واعتمد هؤلاء في وجهة نظرهم آنفة الذكر، على حقيقة زيادة تصلب موقف السياسيين المحافظين في إيران خلال سنوات ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. حيث يطالب الجناح الإيراني المحافظ حكومته بموقف أكثر صرامة بالتعامل مع الغرب. ويشترط الجناح المحافظ على الولايات المتحدة من أجل إحياء الصفقة النووية، “أن تعود فورا للإمتثال بالصفقة، ودون أي قيود أو شروط مسبقة”.
وفي هذا الصدد، طالب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي (17/02/) الولايات المتحدة بـ”أفعال وليس أقوال” لتنفيذ الاتفاق النووي ،مشيرا إلى أنه “لم يعد هناك جدوى في الكلام والوعود” ، وإن إيران هذه المرة “تطالب العمل بالوعود”، مؤكدا بأنه في حال “إذا لمسنا ذلك من الجانب الآخر، فإننا سنقوم بالعمل أيضا”. هذا التباعد الكبير في الموقف المتسم بفقدان الثقة بين الجانبين الأمريكي والإيراني حول مستقبل الصفقة النووية، أوحى للمراقبين بأنه على الأغلب خلاف ظاهري حول مسألة من يجب عليه إتخاذ الخطوة الأولى. وهنا، بدأت تتبلور معالم لمبادرة روسية لا زالت تتخذ طابعا تفسيريا لإستيضاح التعقيدات الدولية والإقليمية التي أحاطت بالصفقة النووية، والمستجدة منها. و يبدو إن موسكو وبكين كأصدقاء لطهران ستأخذان على عاتقهما دور الوسيط، بموافقة من طهران والإدارة الأمريكية التي بدورها رحبت بذلك. وبالصدد، يمكن إستشفاف صورة أكثر وضوحا للدور الروسي من خلال التصريحات التي أدلى بها نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في مقابلاته الصحفية مع الوكالات الروسية خلال الأيام الماضية. وقال ريابكوف (الجمعه ـ تاس) أن موسكو أجرت خلال الأسابيع الأخيرة سلسلة مكثفة من المشاورات الثنائية وغير الثنائية (عن بعد) بما يشمل مع الجانب الأمريكي، حول القضايا المتعلقة بالحفاظ على خطة العمل المشتركة. وأكد الدبلوماسي الروسي أن موسكو تأمل بأن تسمح الاتصالات المخططة بدفع مسألة عودة الولايات المتحدة إلى الصفقة النووية الإيرانية إلى الأمام .وقيم ريابكوف إيجابيا قرار الولايات المتحدة حول سحب طلبها بشأن العقوبات الأممية ضد إيران، الأمر الذي يدل، برأيه، على رغبة واشنطن في الحفاظ على الصفقة.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article