0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

52 - واشنطن مهتمة بوضع الإصلاح السياسي في الأردن على سكة التنفيذ(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí


لفتت تحركات السفير الأميركي لدى الأردن هنري ووستر انتباه الأوساط السياسية داخل المملكة، لاسيما تركيزه على ملفات بعينها وفي مقدمتها الإصلاح السياسي في ما يعكس اهتماما أميركيا بضرورة وضع هذا الملف على سكة التنفيذ. ولم يسجل لووستر نشاط لافت في الفترة الأولى من تعيينه الذي تم في الأسابيع الأخيرة من ولاية الرئيس الجمهوري دونالد ترامب بعد شغور في المنصب دام لأكثر من ثلاث سنوات، وربطت الأوساط حينها الأمر بالانتخابات الأميركية وما ستفرزه. ومع تسلم الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة الديمقراطي جو بايدن مهامها بدأ السفير وفريقه في التحرك واستطلاع المواقف على الساحة السياسية الأردنية، مع إبداء ملاحظات وتوجيه رسائل كان من بينها عدم رضا الولايات المتحدة عن طريقة تعاطي الحكومة مع النقابات ولاسيما القرار المتعلق بحل نقابة المعلمين. وأجرى السفير الأميركي مؤخرا عددا من اللقاءات والزيارات كان آخرها إلى مقر مجلس النواب الأردني حيث التقى برئيسه عبدالمنعم العودات وبحث معه جملة من الملفات من بينها النظام الانتخابي المثير للجدل.
وتقول الأوساط السياسية إن السفير الأميركي حرص خلال اللقاء على معرفة مدى نية المملكة في السير قدما في تحقيق الإصلاحات التي سبق وتعهدت بها المملكة مرارا لكن دون أن تلقى طريقها للتنفيذ. وقال العودات خلال استقباله ووستر إن الأردن يمضي بثبات في مسيرة الإصلاحات السياسية ومراجعة كافة القوانين ذات الصلة بتنمية العمل البرلماني والحزبي، وهي في جوهرها تجسد إرادة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في رسم خطة للمرحلة المقبلة ومتطلبات العمل العام بما فيه المصلحة العليا وأداء المؤسسات الدستورية، وبما يضمن مشاركة جميع أطياف المجتمع وفئاته في عملية صنع القرار، وهي بالمحصلة إرادة تمثل حيوية الدولة الأردنية في مئويتها. وأضاف أن مجلس النواب بما يضم من كفاءات وخبرات حريص على تطوير عمل الكتل النيابية وتفعيل دورها من خلال برامج واضحة، لتساعد في تشكيل نواة لأحزاب برامجية مستقبلاً، لافتاً إلى أن المجلس يسير بخطوات متوازية رقابةََ وتشريعاً مراعياً سرعة الإنجاز ودقته، وذلك على طريق الإصلاح البرلماني المنشود الذي يعكس قوة التمثيل الشعبي تحت قبة البرلمان.
وتوضح الأوساط أن واشنطن تعتبر الأردن شريكا إستراتيجيا لا غنى عنه في المنطقة، لكن لديها جملة من التحفظات على طريقة إدارة الوضع في الداخل، لاسيما في علاقة بحالة التصحر السياسي التي ينظر إليها على أنها سياسة ممنهجة حان الوقت لتغييرها. وتلفت تلك الأوساط إلى أن القيادة الأردنية تبدو واعية بضرورة إحداث تغيير وإعادة ترتيب البيت الداخلي مع دخول المملكة مئويتها الثانية. وقد بدأت عمّان فعلا في التحرك على هذا الصعيد، وآخر تلك الخطوات قرار الملك عبدالله الثاني فك ارتباط جهاز المخابرات بملفات لا تمت بصلة لاختصاصاته وصلاحياته كملف الاستثمار والرقابة على المؤسسات. وكان الملك عبدالله الثاني أكد في مقابلة أجراها قبل أسابيع مع وكالة الأنباء الأردنية الرسمية على أهمية إعادة النظر في القوانين المتعلقة بالحياة السياسية كقوانين الانتخاب والأحزاب والإدارة المحلية، مشددا على ضرورة إشراك الشباب الذين يشكلون الشريحة الأكبر في المجتمع الأردني. وقال العاهل الأردني خلال تلك المقابلة إنه “انطلاقا من حرصنا على تراثنا، وإيماننا بضرورة التطوير المستمر لتعزيز المشاركة السياسية وزيادة مشاركة الأحزاب والشباب في البرلمان، لا بد من النظر في القوانين الناظمة للحياة السياسية كقانون الانتخاب وقانون الأحزاب وقانون الإدارة المحلية، والسعي المستمر لمواصلة مسيرة التنمية السياسية، فهدفنا منذ سنوات طويلة هو الوصول إلى حياة حزبية برامجية راسخة تمثل فكر الأردنيين وانتماءاتهم، وتحمل همومهم وقضاياهم الوطنية الجامعة، وتعمل من أجل تحقيق تطلعاتهم عبر إيصال صوتهم وممثليهم إلى قبة البرلمان”.
وكشفت الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر الماضي عمق الإخلالات في القانون الانتخابي الذي يعطي أفضلية للعشائر على حساب باقي المكونات، فكان أن أفرز برلمانا عشائريا وحضورا شكليا للقوى الحزبية والسياسية، رغم مشاركتها غير المسبوقة من حيث عدد المرشحين. وعقب الحصيلة الهزيلة للأحزاب تعالت الأصوات المطالبة بضرورة تحقيق إصلاح سياسي حقيقي في المملكة ينطلق من تغيير قانون الانتخابات الذي لا تنحصر عيوبه وفق متابعين في الحفاظ على تفوق عشائري، بل أيضا هو ينزع نحو دعم إرادات فردية لا تملك أي رؤى أو برامج حقيقية تمس مصالح المواطنين. ويرى مراقبون أن حديث الملك عبدالله الثاني يعكس إدراكا منه بضرورة تصويب المسار في المملكة، وإعادة الزخم للحياة السياسية الراكدة، لكن الأمر ليس بالسهولة المرجوة، فهناك قوى من مصلحتها الحفاظ على الوضع الراهن وستحاول جاهدة مقاومة أي إصلاح قد يهدد مكاسبها. ويقول المراقبون إن اهتمام الإدارة الأميركية بملف الإصلاح السياسي من شأنه أن يشكل دافعا إضافيا لإيلاء هذا الملف الاهتمام الكافي، لاسيما وأن عمّان لا تريد أي منغصات مع هذه الإدارة التي تعتبرها حليفة، على خلاف الإدارة السابقة التي تعاطت مع المملكة بنوع من اللامبالاة والتجاهل.
ومعلوم أن الولايات المتحدة أحد أبرز الداعمين الماليين للأردن، وقد كشف تقرير أصدره مركز أبحاث الكونغرس الأميركي الشهر الجاري أن عمّان ستتسلم مساعدات من الولايات المتحدة بقيمة 1.3 مليار دولار العام الحالي. وكانت موازنة وزارة الخارجية الأميركية ووكالة التنمية الدولية للعام 2021 قد خصصتا مساعدات للأردن بقيمة 760.8 مليون دولار كمساعدات اقتصادية، و500 مليون دولار مساعدات عسكرية، ومساعدات أخرى للتدريب ومكافحة الإرهاب. وحسب وزارة الخارجية فإن مساعدات 2021 للأردن تهدف إلى “دفع أجندة الإصلاح الاقتصادي للحكومة والتخفيف من آثار الأزمات الإقليمية، بما في ذلك تدفق اللاجئين من البلدان المجاورة”.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article