0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

43 - الطريق الوحيد إلى الحرية في إيران(علي الصراف)(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

- (الأقليات في إيران تملك من سجلات القهر والذل والحرمان ما يؤهلها لكي تنتفض بالسلاح وألّا تخفضه لأي سبب ولا تحت أي إغراء قبل أن يوضع طن من المتفجرات تحت مؤسسة الدولة الدينية ليتم نسفها - نظامٌ لم يُبق لشعبه إلا هذا الخيار):
الانتفاضة الإيرانية الراهنة ضد نظام الولي الفقيه، سوف تنتهي بالدم والدموع. لن يحدث شيء آخر. والنظام باق ليرتكب مجزرة أخرى، ثم أخرى، إلى أن يظهر “المهدي المنتظر”. هناك، في ذلك الوقت، سوف تحدث “أم المجازر”. لأن هذا “المنتظر” بحسب الفقه الصفوي، هو أبو المجازر كلها. هذا هو الإطار العام لنظرة النظام الإيراني إلى دوره وأسباب وجوده وطبيعة أمانيه. وهذا هو المسار. الأنظمة الدينية لا تسقط بالتظاهرات. أولا، لأنها تملك حقا إلهيا بالبقاء. فهي في عين نفسها تمثل الله شخصيا. وأي احتجاجات ضدها إنما هي احتجاجات ضد الله. ثانيا، لأنها تملك ترخيصا – إلهيا هو الآخر – بالقتل. وبوسعها، بناء على هذا الترخيص أن تقتل الآلاف، عشرات الآلاف أو حتى الملايين، من دون أن يطرف لها جفن. ومثلما هي تملك صكوك غفران لتمنحها لمن يؤمنون بها، فإنها تملك صكوك غفران لنفسها، مهما فعلت. وثالثا، لأن الذين يتظاهرون ضدها “كفرة”، ولا يستحقون الحياة من الأساس، ولا تنطبق عليهم المعايير الحقوقية أو الإنسانية، ولا الدينية طبعا. ورابعا، لأنها إذ تقود السلطة باسم الله، فلا أحد سوى الله يملك الحق في إزاحتها عنها. وخامسا، لأن المجتمع الدولي الذي قد يلتفت إلى الاحتجاجات لدعمها معنويا غير مُعترف به. ولا يهم سلطة الولي الفقيه ما يقول عنها أو لا يقول. يكفي هذا المجتمع الدولي أن يتحاشى شرورها. وسادسا، لأنها تحظى بدعم مؤمنين بها، لا يتورعون عن القيام بأي شيء لأجل المحافظة على بقائها. هؤلاء المؤمنون إنما يؤمنون بالولي الفقيه، بوصفه ولي الله، وبوصفه الممثل الشرعي الوحيد له، والمتحدث الرسمي باسمه، ولأن الوحي ينزل عليه، ولأنه في خلواته يلتقي بالملائكة الذين يرسلهم الله، فتقول له “اقتل، واسلخ، ونحن معك، فإن لم تجد جنودا، نحن جنودك”، فيخرج من المحراب ليوحي إلى قومه بأن اقتلوا بكرة وعشيا. علي خامنئي فعل ذلك أكثر من مرة. دخل المحراب، فلما خرج، بدأت المجزرة.
الإيرانيون يعرفون جيدا هذا الواقع. وهم يتعاملون معه كل يوم. وهناك العشرات بل ربما المئات من الأدلة والبراهين على كل حرف فيه. وأمثلة المجازر التي تم ارتكابها ضدهم، سواء على مستوى القتل الفردي، أو أعمال القتل الجماعية، كثيرة جدا. عندما يخرج المحتجون في إيران في تظاهرات، وعندما يسقط منهم ضحايا، ويتعرضون للاعتقالات وأعمال التعذيب في السجون، فلأنهم ضاقوا ذرعا بأحوالهم اليائسة، وليس لأنهم يريدون لفت انتباه أحد في الخارج. هذا الخارج نفسه يئس من إيران. ولم يعد يعرف بأي لغة يتخاطب معها. معايير إدارة السلطة في إيران لا تشبه أي معايير، ما يجعل التخاطب مستحيلا. حتى العقوبات، وهي سلاح أخير، لا تنفع. لأن ما قد يلحق بالاقتصاد من أضرار لا يحرك شعرة في لحية أولي الأمر. وأما الفقر والحرمان فإنهما قدر من أقدار الله، وليسا قدرا من أقدار الفساد وسوء التدبير، ويجب تحملهما والقبول بهما. لا يملك الإيرانيون إلا أن يتفجروا غضبا من حين إلى آخر. من دون أن يتوقعوا عونا من أحد. الخارج عاجز فعليا عن مد يد العون. بل إن أي عون، حتى ولو كان معنويا مجردا، سوف يوفر لسلطة الولي الفقيه ذريعة إضافية للمزيد من أعمال القتل والترويع. إنه نظام هو التجسيد الحرفي لليأس. إذا دخل انتخابات زوّرها. وإذا خرجت احتجاجات ضده قمعها. وإذا دعي إلى التغيير، تغير إلى الأسوأ. وإذا خرج من بين أركانه من يدعون إلى الإصلاح، حوّل دعواهم إلى نفاق لخدمته. وإذا انتهى شعبه إلى الدرك الأسفل اتخذ من الله شماعة ليعلق عليها آثامه وشروره. وإذا نظر إلى الأفق، في تأمل فلسفي هادئ، انتهى بتأمله إلى مجزرة سوف يأتي بها “صاحب الزمان”.
كيف يمكن لنظام كهذا أن يسقط؟ هناك سبيل واحد فقط. هو الكفاح المسلح. ليس لأنه الخيار “الأفضل”، بل لأنه الخيار الأوحد. إنه نفق مظلم، ولكن لا يوجد غيره في الطريق إلى الحرية، ويجب العبور منه. أي خيار آخر، سوف يعني السماح للمجزرة بأن تستمر وتتكرر. مبدئيا، سوف يعني الأمر المزيد من أعمال القتل، ولكن قوى النظام سوف تتعرض للإنهاك في النهاية، وتبدأ بالتفكك. وعندما يدرك “المؤمنون” بالمهدي المنتظر، ونائبه، أن معركتهم خاسرة، فإنهم سوف يستسلمون، أو يذهبون مع وليهم إلى جهنم، بما ارتكبوا من أعمال. الدعوات إلى الإصلاح، من داخل المؤسسة الحاكمة أو من أطرافها سوف تعلو، وقد تنتصر لتقدم الوعود، إلا أنها لن تكون إلا دعوات خداع، أملا في المحافظة على أسس النظام وأدوات عمله وطرائق تفكيره. ولكن انتفاضة تستولي على أسلحة النظام، وتستخدمها ضده، هي الوحيدة التي يمكن الوثوق بأنها سوف تقلب معادلة القوة. حركة مجاهدي خلق، التي لطالما حاول النظام شيطنتها، يمكن أن تكون هي نواة الثورة المسلحة. إنها تملك الإرادة، والتنظيم، والانتشار، والتاريخ، والأسباب. ولكنها ليست الوحيدة بالضرورة. أقليات إيران المضطهدة تملك القدرات ذاتها. ولا سبيل أمامها إلا أن تستغلها. بل إن البداية لا بد وأن تبدأ منها، لتشتيت قوى النظام.
تملك هذه الأقليات، من سجلات القهر والذل والحرمان ما يؤهلها لكي تنتفض بالسلاح، وألّا تخفضه لأي سبب، ولا تحت أي إغراء، قبل أن يوضع طن من المتفجرات تحت مؤسسة الدولة الدينية، ليتم نسفها، ورجال الدين جالسون فوق كراسيهم فيها. “متشددون” و”إصلاحيون” معا. لأنهم خدعة واحدة؛ نظام واحد. ستكون تلك هي لحظة التغيير الحقيقي الأولى. لن يتردد الذين قادوا المجازر ضد شعبهم على امتداد أربعة عقود في أن يرتكبوا أبشع منها إذا رأوا مصائرهم السود، إلا أنها ستكون الأخيرة. لا تحتاج قوى المعارضة أن تتفق مسبقا على أي شيء. سيكون ذلك سببا لإثارة الخلاف. يكفي الاتفاق على هدف واحد. ومن بعد تحقيقه فإن شكل النظام السياسي المقبل سوف يظهر من تلقاء نفسه. الأنظمة الشمولية عندما تنهار، تثير من خلفها الكثير من غبار الانقسامات. إلا أنها سرعان ما تستقر على أسس لا تحتاج إلى اختراعات. النماذج متاحة. ويمكن الأخذ منها. عندما تزول العقبة الأولى فإن الطريق إلى الحرية والسلام سيكون عريضا بما يكفي لكي يتسع للجميع. هذا نظامٌ لم يُبق لشعبه إلا هذا الخيار.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article