0 :عدد المقالات
 
 

 

الصحافة العربية :

27 - بلينكن لا يملك للإحباطات الفلسطينية إلا الدعوة إلى ضبط النفس(العرب)ÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

- (واشنطن تدعم حل الدولتين لكنها لا تفعل شيئا على أرض الواقع - زيارة لمراقبة الأوضاع عن قرب ليس أكثر):
القاهرة- استمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القاهرة إلى ما كان يعرفه حول “تدهورات” الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قبل أن يصل إلى القدس ورام الله ليبحث سبل العودة إلى تهدئة الأوضاع المتفجرة بين الطرفين، في حين تقول أوساط عربية إن بلينكن لا يملك إلا الدعوة إلى ضبط النفس. وأكدت القاهرة أن انسداد أفق السلام واستمرار الهجمات الإسرائيلية على مناطق السلطة الفلسطينية، فضلا عن الانتهاكات اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيون، هي الأسباب الرئيسية التي تقف وراء التصعيد الراهن. وبينما يحاول مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز منذ نحو أسبوع تهدئة التوتر، أعلنت السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ما يؤكد أن الإحباطات الفلسطينية بلغت أقصى مستوياتها.
ولئن ظهر أن بيرنز لا يملك ما يقدمه، فإن مباحثات بلينكن لن تسفر عن أي شيء أبعد من الدعوة إلى “وقف التصعيد” و”ضبط النفس”، وهو ما يعني بالنسبة إلى الفلسطينيين بقاء الحال على حاله. ويقول مراقبون إن الإحباطات الفلسطينية تدور حول جملة من القضايا التي لا تريد حكومة اليمين المتطرف أن تسلك طريقا سواها. وأولى هذه القضايا سعي الحكومة الإسرائيلية إلى تدمير السلطة الفلسطينية، وإصابتها بالشلل التام، ليس من خلال الهجمات اليومية على المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية وحدها، وإنما من خلال التضييق عليها ماديا أيضا. ويشير المراقبون في هذا الصدد إلى تجميد حسابات السلطة الفلسطينية، فضلا عن احتجاز إسرائيل نحو 176 مليون دولار من أموال الضرائب الفلسطينية. ويقول المسؤولون الفلسطينيون إنهم سألوا بيرنز: كيف يمكن الحفاظ على عمل المؤسسة الأمنية الفلسطينية دون تمويل؟ وأبلغوه بأن إسرائيل هي التي أوقفت التنسيق الأمني قبل أن توقفه سلطة الرئيس محمود عباس. وبالتالي فإن التنسيق لن يُستأنف ما لم تتراجع حكومة بنيامين نتنياهو عن مصادرة الأموال الفلسطينية.
كما أن الهجمات الإسرائيلية تحولت إلى ممارسة استفزازية يومية، بهدف إظهار أن السلطة الفلسطينية لا مكان لها ولا دور، وأن لعبة المواجهات المسلحة بين القوات الإسرائيلية والعناصر الفلسطينية “المتطرفة” هي اللعبة الوحيدة في الميدان. هذا بالإضافة إلى أن وزراء حكومة نتنياهو، مثل وزير الأمن إيتمار بن غفير، لن يتوقفوا عن اقتحاماتهم للمسجد الأقصى وعن تنفيذ اقتحامات أسبوعية منظمة من جانب المستوطنين مما يشكل استفزازا دائما وقابلا لتفجير الوضع في أي وقت. أما عنصر الإحباط الآخر فسببه الولايات المتحدة نفسها؛ ففي الوقت الذي تقول فيه إنها تدعم حل الدولتين، لا تفعل شيئا على أرض الواقع للدفع في هذا الاتجاه. وقال المسؤولون الفلسطينيون الذين تباحثوا مع بيرنز إنهم أشاروا إلى موضوع إعادة افتتاح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، ولكنهم لم يتلقوا جوابا مشجعا. ويشكل استئناف التنسيق الأمني حجر زاوية في المباحثات التي يجريها بلينكن في القدس وفي رام الله. ولئن وضع الفلسطينيون شرط الإفراج عن الأموال المجمدة، فإن التقدم في هذا الموضوع قد لا يتحقق بالنظر إلى أن حكومة نتنياهو قررت في الثامن من يناير الجاري معاقبة السلطة الفلسطينية رداً على اقتراحها الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمتمثل في الطلب من محكمة العدل الدولية في لاهاي بلورة رأي حول التداعيات القانونية لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وشرقي القدس.
وفي حين ظلت إسرائيل تخصم حصة من أموال الضرائب تساوي ما تدفعه السلطة الفلسطينية لأسر الشهداء والأسرى، مما يعتبره المسؤولون الفلسطينيون عملا من أعمال القرصنة، فإن القرار الإسرائيلي الأخير جمد نحو 200 مليون دولار تتلقاها السلطة شهريا من هذه الأموال، وهو ما يعني دفعها إلى الهاوية. ولا يبدو بلينكن قادرا على توفير الطمأنينة للفلسطينيين في هذه القضايا. وحتى لو تم الإفراج عن الأموال الفلسطينية واستئناف التنسيق الأمني، وهو ما يركز عليه بيرنز، فإن القضايا التالية المتعلقة بمستقبل العملية السياسية تبدو آيلة إلى الفشل. وهذا ما أكدته الحكومات الخمس السابقة التي قادها نتنياهو، قبل أن يكون مكبل اليدين بيمين متطرف. ويقول مراقبون إن عجز الولايات المتحدة عن لعب دور فعال لتحريك المياه الراكدة في عملية السلام، يجعلها مضطرة إلى التركيز على موضوعات من قبيل “التهدئة” و”ضبط النفس”، من جهة، وتوسيع نطاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول المنطقة من جهة أخرى.
ولكن الأزمة المتفجرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة تجعل حتى هذه الإمكانية مسبّبا آخر للإحباط، لأن حكومة نتنياهو لا تريد أن توسع مع الفلسطينيين ما ترغب في توسيعه مع دول عربية أخرى. وفي هذا الصدد يقول مراقبون إن عدة دول عربية أظهرت الكثير من المرونة والاستعداد لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، إلا أنها لم تقابل هذه المرونة بما يساويها حيال الفلسطينيين. ووصل بلينكن إلى القاهرة الأحد في مستهل جولة في الشرق الأوسط تستمر ثلاثة أيام وتتزامن مع تصاعد العنف بين إسرائيل والفلسطينيين، ويتضمن جدول أعمال الزيارة مناقشة قضايا إيران والحرب في أوكرانيا. وبعد القاهرة سيصل بلينكن اليوم الاثنين إلى القدس حيث تثير الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو المخاوف في الداخل والخارج حول مستقبل القيم العلمانية في إسرائيل ومحادثات السلام المتعثرة مع الفلسطينيين. ووقعت سلسلة من أعمال العنف التي شهدت سقوط قتلى في الأيام القليلة الماضية مما زاد المخاوف من تصاعد دوامة العنف.
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article