11 - صناديق الثروة تناقش في مسقط آفاق الاستثمار السيادي(العرب)
- انطلاقة جديدة لاستكشاف الفرص واقتناص الصفقات المؤثرة في التنمية وتعظيم الإيرادات وإدارة الأصول - الاستثمارات كثيرة والفرص أكثر: ستتحول سلطنة عمان إلى وجهة للمسؤولين والخبراء وأصحاب المصلحة مع نهاية هذا الأسبوع لمناقشة اتجاهات نشاط صناديق الثروة السيادية في العالم وآفاقها، وسط تحديات يواجهها الاقتصاد العالمي جراء تعدد الأزمات التي تخيف أصحاب رؤوس الأموال.
مسقط - تتجه أنظار المهتمين بقطاع الأعمال والاستثمار إلى العاصمة العمانية مسقط التي تستضيف أحدث نسخة من اجتماع المنتدى العالمي لصناديق الثروة، وسط توقعات ببلورة مجموعة من الإجراءات التي تنهض بنشاط هذه الأدوات السيادية. وتحدو رؤساء خمسين صندوقا وقادة الأعمال وصناع القرار السياسي من 46 بلدا آمال كبيرة في أن يكون الاجتماع السنوي الـ16 المقرر الأحد المقبل ويستمر لأربعة أيام، منعطفا لمواجهة التحديات لتطويرها وجعلها محركا مهما في التنمية.
ويعد الاجتماع فرصة لكبار المسؤولين التنفيذيين من مختلف صناديق الثروة لمناقشة أبرز القضايا العالمية المعاصرة وتبادل وجهات النظر حول قضايا استثمارية واقتصادية مختلفة والحديث حول التحديات التي تواجه هذه الكيانات. وتوصف هذه النوعية من الأدوات الاستثمارية بأنها نموذج سياسي بذراع القوة الاقتصادية الناعمة، من خلالها تعزز مكانتها الإقليمية عن طريق تلك الصناديق التي تحتاج في تركيزها إلى توافر المليارات من الدولارات.
وتطمح العديد من الحكومات عبر هذه الصناديق المملوكة للدولة، إلى مدّ جسور التقارب مع الدول الكبرى خارجيا، أما داخليا فهي تبحث عن كسب الرضا الشعبي، إذ تسمح لها بتعزيز استقرارها الذي يعد الاقتصاد أهم لبناته. وأكد ناصر الحارثي، نائب رئيس جهاز الاستثمار العماني للعمليات، أن احتضان هذا الحدث يجسد سعي سلطنة عمان لفتح آفاق جديدة من التكامل الاقتصادي مع صناديق الثروة السيادية العالمية، وتعزيز الاستثمارات معها. وأشار خلال لقاء إعلامي يسبق افتتاح الحدث إلى أن الاجتماعات سيحضرها مسؤولو أكبر الصناديق السيادية على مستوى العالم الذين يديرون أصولا يتجاوز إجمالي قيمتها 8 تريليونات دولار.
ونقلت وكالة الأنباء العمانية الرسمية عن الحارثي قوله “إن المنتدى يمثّل فرصة للتعريف بالمقومات التي تحظى بها السلطنة، وإيجاد شراكات معهم للاستثمار في القطاعات المستهدفة، وفتح آفاق لبناء علاقات طويلة المدى ستسهم إيجابا في جهود التنويع". ويعد الجهاز الذي تم إنشاؤه في صيف 2020 كأحد أبرز التحولات الاقتصادية في عهد السلطان هيثم بن طارق، من بين الأضعف في الخليج العربي من حيث الأصول البالغة نحو 50 مليار دولار.
وسيتخلل أيام المنتدى الذي سيشارك فيه إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركتي سبيس إكس وتسلا طرح موضوعات متعلقة بالتغيرات العالمية في قطاع الاستثمار، مثل تحول الطاقة والذكاء الاصطناعي وسلاسل الإمداد والحوكمة، بالإضافة إلى البُعد الاجتماعي. واختيرت موضوعات أجندة المؤتمر لتكون ذات صلة واهتمام بالأجندة الاقتصادية العمانية، ومن ذلك تطور ونمو أدوار صناديق الثروة وتأثير تحولات الطاقة على المشهد الاستثماري في الاقتصادات النامية.
وكذلك الحاجة إلى تعزيز الحوكمة في صناديق الثروة السيادية، وسلاسل الإمداد في ظل عالم متغير، إلى جانب الفرص الاستثمارية في الهيدروجين الأخضر، والاستثمار والتمويل المشترك في أطر عمل صناديق الثروة السيادية. ومن المتوقع أن يقوم صندوق الثروة العماني بإبرام اتفاقية شراكة مع أحد الصناديق الاستثمارية المشاركة في المنتدى. ولا توجد تفاصيل حول الصفقات المزمعة. وعززت صناديق الثروة في الشرق الأوسط هيمنتها على سوق الصفقات على مستوى العالم، والتي تنفذها جهات الاستثمار المدعومة حكوميا، لتصل إلى ذروتها في نحو 15 عاما. واستأثرت مؤسسات من بينها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وجهاز أبوظبي للاستثمار، وجهاز قطر للاستثمار بنسبة 54 في المئة من إجمالي 96 مليار دولار تستثمرها صناديق الاستثمار الحكومية على مستوى العالم خلال النصف الأول من 2024. وأشارت شركة الاستشارات غلوبال أس.دابليو.أف التي نشرت في يوليو الماضي، إلى أن تلك النسبة تمثل أعلى مستوى منذ 2009.
وتوضح هذه المعطيات مدى الأهمية التي تمثلها صناديق الثروة التابعة لدول المنطقة بالنسبة إلى تدفقات رأس المال العالمية، وهي تدير مجتمعة أصولا تتجاوز قيمتها 4 تريليونات دولار. وخلال السنوات الأخيرة، تحوّلت السيولة الوفيرة لدى الصناديق الخليجية إلى محط أنظار المستثمرين الأجانب بعدما عززت طفرة أسعار الوقود الأحفوري منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا احتياطاتها من السيولة النقدية. وتعتبر أبوظبي موطنا لثلاثة صناديق ثروة سيادية كبيرة، فإلى جانب ذراعها الأولى للاستثمار، تشكل شركة مبادلة والشركة القابضة أي.دي.كيو ذراعين استثماريتين رئيسيتين للحكومة.
ويقول الخبراء إن الإمارة واحدة من القلائل حول العالم، التي تدير نحو 1.5 تريليون دولار من رأس مال الثروة السيادية، وقد أسست مؤخرا شركة استثمار تكنولوجي قد تتجاوز أصولها الخاضعة للإدارة 100 مليار دولار. وفي ظل هذا الزخم يقترب الشرق الأوسط من أن يصبح المنطقة الوحيدة في العالم، التي تمتلك 3 صناديق ثروة تبلغ قيمة كل منها تريليون دولار، ما سيمنحها فرصة لكسر هيمنة كيانات أخرى ظلت مسيطرة على سباق الاستثمار السيادي بفضل خطط التوسع. ونقلت السعودية قبل أشهر حصة أخرى من عملاق النفط أرامكو إلى صندوقها السيادي تقدر بنحو 164 مليار دولار، وهو ما دعّم أصول صندوق الثروة السيادي لأكبر منتجي النفط في العالم لتبلغ 930 مليار دولار. وساهمت الخطوة الأخيرة للسعودية في تقليص الفجوة مع هيئة الاستثمار الكويتية البالغ حجم أصولها 923 مليار دولار في ضوء الارتفاع العام في أسواق المال وخاصة الأميركية التي تنشط فيها بكثافة.
وبات هذان الكيانان قريبين من جهاز أبوظبي للاستثمار البالغة قيمة أصوله 993 مليار دولار، وهو أكبر صندوق سيادي في المنطقة والرابع عالميا، وفقا لمعهد صناديق الثروة السيادية. وتعمل العديد من صناديق الثروة حول العالم، والتي يتصدرها صندوق الثروة النرويجي وتليه مؤسسة الاستثمار الصينية، بسرية، مما يُصعب تحديد حجم محافظها الاستثمارية بدقة. وقال دونكان بونفيلد، الرئيس التنفيذي للمنتدى الدولي لصناديق الثروة الذي تأسس في 2009، إن "هذا المستوى من الاهتمام بالمنتدى يظهر أن المنظمة في حالة جيدة". وأضاف "من حسن الطالع أن تكون مسقط تجسيدا رائعا لذلك، فهي مدينة رائعة وسيستمتع أعضاؤنا برؤية المناظر الخلابة في سلطنة عمان، والالتقاء بالشعب العماني والتعرف على ثقافته". ومن المقرر أن يتم خلال المنتدى انتخاب مجلس إدارة جديد للمنتدى الدولي لصناديق الثروة من بين عدد قياسي من المرشحين.