0 :عدد المقالات
 
 

 

القضايا المحلية :

10 - البيـــــــــــــــانÃÖÝ ÇáãÞÇá Åáì ÃÑÔíÝí ÇáÔÎÕí

-(كانت لندن هنا)(محمد يوسف): - لها معنا تاريخ، عاصرتها أجيال كثيرة، 85 عاماً كانت حبلى بالأحداث، ظهرت والحرب العالمية الثانية لا تزال معاركها الكبرى دائرة، كان الهدف منها، سحب البساط من تحت أقدام إذاعة برلين التابعة لهتلر، وكان الجمهور العربي متابعاً لها، وصوت «يونس بحري» يجمّل صورة الألمان، ويتحدّث عن انتصاراتهم، والحلفاء عاجزون عن مواجهة دعاية «غوبلز»! انطلقت بكلمة «هنا لندن» في 1938، فالحرب وصلت إلى الأراضي العربية، وبريطانيا العظمى موجودة في مناطق كثيرة، مستعمرة أو منتدبة أو حامية، اختلفت المسمّيات والنتيجة واحدة، وهي أن الدولة التي لا تغيب عنها الشمس، تحتاج إلى العرب، لموقعهم الاستراتيجي الرابط بين الشرق والغرب، وللاكتشافات المبشّرة بعد التنقيب عن النفط في السنوات العشر الأخيرة، وأيضاً لتنفيذ «وعد بلفور»، بإقامة دولة لليهود في فلسطين، فكانت الإذاعة الناطقة باللّغة العربية، سلاحاً لمواجهة الأعداء، ووسيلة لكسب الرأي العام في المنطقة، أو على الأقل تحييده، ومع هزيمة الألمان بعد عام واحد، انفردت الإذاعة البريطانية بالمستمع العربي، وأصبح كل ما يُذكر في «هنا لندن»، وهذا هو الاسم المتداول لدينا، جيلاً بعد جيل، أقول لكم، أصبح كل ما يذكر في «هنا لندن» حقيقة، لا يشك فيها، بينما يتردّد كثيرون عن تصديق الإذاعات العربية، التي لم تستطع ـ رغم عددها ـ الآخذ في الازدياد بالخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، في كسب ثقة المستمع، مع علم الجميع بأن الإذاعة وهيئة «بي.بي.سي» التي تتبع لها، تخضع لإدارة الخارجية البريطانية، فهي إذاعة موجّهة، وليست حرّة ومستقلة، وهذا يعني أنها تنفّذ أجندة سياسية لبلد يخوض معارك وجود في نصف البلاد العربية. إذاعة لندن، جزء مهم من تاريخ الإعلام العربي، ولعبت دوراً كبيراً في الأحداث التي شهدتها المنطقة، فالإذاعة بشكل عام، كانت الوسيلة الإعلامية الأسرع وصولاً إلى الناس طوال عمر «هنا لندن»، وحتى سنوات قليلة مضت، فقد انتصرت عليها التقنية الحديثة، وسرّعت في إغلاقها، مع عدم حاجة بريطانيا الحالية إلى صوت يكلّفها الملايين، دون مردود.
****************************

-(التكايا في الأدب)(عائشة سلطان): - يحتفي الأدب بالمكان بوصفه بيئة وعنصراً سردياً في غاية الضرورة، وتحضرني التكايا بوصفها أحد الأمكنة التي ارتبطت بأدب نجيب محفوظ، وحتى به هو بعد وفاته. ولعل من أكثر الأعمال الروائية التي تردد فيها مصطلح التكية كانت رواية «قواعد العشق الأربعون» للتركية ألف شافاق، بالرغم من أن المتصوف الكبير جلال الدين الرومي لم يقم في تكية ولم يدخلها أو يذكرها في كتبه وأشعاره ومؤلفاته، فالرومي كان من كبار العلماء، وكان ينتمي لأسرة غنية ومعروفة، قبل أن يترك كل هذا وينغمس في حياة التصوف والزهد بتأثير شمس الدين التبريزي. التكايا التي تكاثرت وكانت لها حرمتها ومكانتها وممنوع المساس بها، ظهرت مع العثمانيين، بوصفها مأوى للدراويش وطلاب العلم، وسكناً ومقراً لتلقي العلم، ومن إحدى تلك التكايا انطلق القطب الروحي شمس الدين التبريزي إلى قونية، وفيها التقى صديقه المتصوف والعالم جلال الدين الرومي، الذي شكل معه ثنائياً، وكان لهما أثر كبير في التصوف. وفي آخر زيارة لي الشهر الفائت للقاهرة ذهبت لزيارة متحف الروائي الكبير نجيب محفوظ في منطقة الحسين، وقد كتب على واجهة المتحف أنه كان فيما سبق تكية تعود لأحد الأعيان يدعى محمد بك أبوالدهب، يعود زمن إنشائها إلى 700 عام تقريباً. والتكايا تقليد انتقل إلى مصر من الأتراك زمن العثمانيين بلا شك، وقد وجدنا لها أثراً واضحاً في رواية الحرافيش الشهيرة لنجيب محفوظ، وكانت التكايا في مصر مخصصة للدراويش، وتتبع في إدارتها والإنفاق عليها للأزهر. والتكية هي مكان إقامة المتصوفة المنقطعين للتأمل والعبادة، وهي في مجملها «بيوت للعبادة»، يسكنها الدراويش، ويعتمدون في معيشتهم على أوقاف تخصصها الدولة لذلك، وكان يبنيها الأغنياء ويخصصونها كنوع من الوقف، ويخصصون لها أموالاً ثابتة تنفق عليها كما يفعلون مع المساجد كنوع من أعمال البر والإحسان، يستفيد من خدماتها المجانية الفقراء وعابرو السبيل للمبيت والمأكل والمشرب، وكأنها خانات مجانية على الطريق. ليس هناك من تكايا اليوم اللهم إلا تلك التي بقيت من آثار الدولة العثمانية، وقد تم الاحتفاظ بها لأسباب تاريخية ومعنوية صرفة؛ نظراً لجمال هندستها وزخرفتها، كما في مصر.
****************************
Bookmark this ArticleSave this PagePrint this Article